رغم اختلاف مشارب الأحزاب المكونة لحكومة الياس الفخفاخ، و رغم كل ما أحاط بتكوينها من مناورات طغى عليها الابتزاز و فكر الغنيمة، فإنّ الأمل في هذه الحكومة مازال قائما بشرط واحد و وحيد أن تغلّب هذه الأحزاب مصلحة الوطن و مصلحة الشعب على ألوانها الإيديولوجية و مصالحها السياسية الضيقة و يتجهون نحو نفس الهدف ألا وهو انقاذ البلاد و العباد فيما تردّت فيه لعشرية من الزمن عرفت فيه كل " الموبيقات" السياسية و كل الانحدار الاقتصادي و الاجتماعي و كل ترهل لأعمدة الدّولة و محاولة اضعافها في غياب تطبيق القانون. على الجميع. و مسألة تغليب مصلحة الوطن على كل المصالح ليست بالشيء الهيّن على أحزاب أظهرت تعاطيها الضعيف و الضعيف جدّا مع هذه المسألة و رغم ذلك دعنا نقول و أنّها هذه هي الفرصة الأخيرة لنخبنا السياسية ليبرهنوا بالفعل لا بالكلام الفضفاض و المنمق أنّهم سيكونون في مستوى هذه المرحلة الدقيقة التي تمرّ بها بلادنا و سيتركون وراءهم كل خلافاتهم السياسية و الايديولوجية و ينكب الجميع كالرجل الواحد لإخراج البلاد من عنق الزجاجة - خاصة و أنهم ساهموا أيضا في حشرها في مثل هذه الزاوية – و يطرحون كلّ المشاكل و الملفات الاقتصادية و الاجتماعية و ملفات المؤسسات العمومية و مسألة صندوق التعويض من أجل ترشيده و بالتالي اقتراح الحلول المناسبة بالتوافق مع المنظمات الاجتماعية و المهنية حتّى لا نجد من يعارض مثل هذه الحلول المقترحة. و الأكيد و أنّ المواطن حين يلاحظ جديّة الطرح لإيجاد الحلول لكل مشاكلنا الاقتصادية و الاجتماعية فإنّه سيمدّ يده و يساعد على ذلك رغم ما تكبده طيلة هذه العشرية الأخيرة من تدهور وضعه على كلّ الأصعدة. نعتقد جازمين و أنّ تحقيق هذا الهدف المعجزة رهين ثلاثة عناصر أساسية و هو : أوّلا، إعادة النّظر في الملف الاقتصادي بكل جوانبه باعتبار التوافق مع المنظمات الاجتماعية و المهنية و تشريك كلّ الخبراء و المختصين في الشأن الاقتصادي و الاجتماعي و اعداد خارطة طريق اقتصادية على مدى خمس سنوات تتضمن كل الأهداف المرجو تحقيقيها و آليات تحقيقها. و الضرب بقوّة على يد كلّ العابثين بمستقبل البلاد و قوت العباد و تطبيق القانون مهما كان الشخص أو الجهة المعرقلة. ثانيا، ارساء هدنة اجتماعية تحترم فيها كل الأطراف التزاماتها بعيدا عن التوترات و الاضرابات و إيقاف عجلة الانتاج و أيضا احترام الحكومة لكل الالتزامات الاجتماعية التي تتعاقد فيها مع الطرف النقابي و التشاور بينهما في كل ما يمكن أن يعطّل عجلة التنمية. ثالثا، إعادة النّظر في نظامنا السياسي و نظامنا الانتخابي بعد تجربة عشرية من الزمن اتضح خلالها كلّ المطبات تقريبا لهذا النظام و الذي لم يفض إلاّ إلى كثير من العراقيل و خاصة إضاعة الوقت رغم قيمته و ما تجربة تكوين الحكومة و ما أفرزته من مناورات " خسيسة " على حساب البلاد و العباد. إلاّ أفضل مثال لفساد هذا النظام السياسي و الانتخابي.. لنقول في الختام و بكل تفاؤل و أنّ البلاد و العباد تنظر من هذه الحكومة التي تتكون في جلّها من أفضل رجالات البلاد سياسة و تجربة بعد تمرّسها على مدى عشرية كاملة بحلوها و مرّها، فقط نسأل في النهاية، هل هذه الحكومة قادرة على جعل تونس بجمال سيدنا يوسف بعيدا عن حزن أبيه و فساد إخوته؟