العشرية السوداء التّي مرّت بها الشقيقة الجزائر، و ما خلّفته من ضحايا رغم ثقل حصيلتها، تجاوزها الشعب الجزائري والحمد لله لنعيش نحن في تونس عشرية جديدة تونسية لحما ودما ولكن ما إضافة اللون الأبيض للون الأسود الجزائري وبذلك تصبح عشرية الأسود و الأبيض ونعني به الفترة الفاصلة بين أواخر سنة 2010 و 2020 و هي فترة الثورة التونسية و ما صحابها من اللون الأسود و الأبيض في غياب الألوان الزاهية والباعثة للأمل في نفوس العباد و البلاد أيضا. هذه العشرية التي كان من ألوانها السوداء، الاغتيالات السياسية و العمليات الارهابية و رفع السلاح في وجه الوطن و الانهيارات الاقتصادية و الاجتماعية و الخروج عن النّص من كل حدب و صوب و الانفلات العام في كلّ مظاهره السلبية من تهريب و اجرام و انتشار تعاطي المخدرات خاصة في أصوات الشبيبة و لكن وجود اللون الأبيض يبعث بعض الأمل في اصلاح كلّ اعوجاج و المتمثل خاصّة في حرّية التعبير - و هاته الحرية التي تجاوزت أحيانا كلّ مستويات التحاور البناء لتصبح تعلّة للقذف و الشتم و السباب و تصفية الحسابات.- رغم علاّتها تعتبر المكسب الوحيد التي تحقّق بعد الثورة و تمثّل النقطة الوحيدة المضيئة في هذا الظلام الدامس و المخيف . و السؤال هنا – و البلاد تستعدّ لتكوين الحكومة – هل الحكومة القادمة ، إن حظيت بمصادقة مجلس نواب الشعب، قادرة على تحويل كل الألوان القاتمة إلى ألوان زاهية بالاعتماد على برنامج و اقعي و قابل للإنجاز بعيدا عن التحليق عاليا و رفع سقف الحلم حتّى لا يصاب المواطن مجددا بخيبة أمل جديدة. في اعتقادنا هذا يتطلب من رئيس الحكومة الجديد، على المستوى السياسي، الابتعاد عن منطق اقصاء هذا أو ذاك الطرف حتى نبتعد عن امكانية عدم نيل الحكومة مواقفة المجلس باعتبار محاولة اقصاء رئيس الحكومة المكلف لأحد الأحزاب المرتبة ثانيا بمقياس عدد المقاعد بمجلس النواب و هذا قد يؤدي لفشل مرورها رغم ثقة رئيس الحكومة المكلفة بمرور حكومته ب 160 صوتا و هنا نقول له حاذر من التفاؤل المفرط خاصة في المجال السياسي؟ و ثانيا التركيز في البرنامج الحكومي المقترح على ما هو: عاجل على غرار تحريك دوران عجلة الاقتصاد حتى يكون للبلاد موارد ذاتية تعتمد عليها بعيد عن الاعتماد الكلّي على التداين و هذا لا يتأتى إلاّ بتقديس قيمة العمل و الابتعاد عن كلّ أنواع التعطيلات التي تحول دون تحقيق نمو في أكثر من مجال و لعلّ مجال الفسفاط في بداية هذه المجالات. و أيضا التعجيل بمعالجة الوضع الاجتماعي للمواطن انطلاقا من كبح ارتفاع الاسعار الجنوني و مرورا بخلق مواطن الشغل للشباب فضلا عن توفير الخدمات الصحية و الاهتمام بالجانب البيئي للبلاد. أما هو آجل فلا بدّ من الاهتمام و معالجة المشاكل التي تردت فيها بعض القطاعات الحيوية للبلاد على غرار قطاع الفلاحة و المياه و الطاقة و التكنولوجيات الحديثة على أساس الاعتماد على استراتيجيات تحدّد ماذا نريد تحقيقه من أهداف في هذه المجالات الحيوية لتأمين أمننا القومي ، باعتبار أوّلا و أنّ المجال الفلاحي يمثل أمننا الغذائي و لا خير في أمّة تأكل من وراء البحار و تهمل خياراتها و أيضا ما يمثله الماء من أهمية في حياة الشعوب و الدول باعتبار و أنّ البلاد – حسب بعض الخبراء في هذا المجال – مهددة بخطر ندرة المياه إن لم نتخذ من الآن الخطوات الضرورية و خاصة على مستوى صيانة منشآتنا المائية من سدود و بحيرات و غيرها. بدليل أننا أصبحنا اليوم نعيش بعض الانقطاعات المتواصلة لمياه الشرب لأكثر من مرّة و في أكثر من جهة؟. في مجال طاقة لا بدّ من الاعتناء بهذا المجال عبر البحث و التنقيب عن جيوب جديدة من البترول و الغاز و أيضا بالبحث عن مجالات البديلة للطاقة العادية و ذلك باعتبار أهمية الطاقة في حياتنا اليومية فضلا عن امكانية تصديره و بالتالي انتعاشة البلاد من العملة الصعبة و نحن نعيش اليوم ما يؤكد أهميّة الطاقة في العالم بأسره و ما تكالب بعض الدول العظمى للهيمنة على مدخرات بعض الدول الأخرى في مجال الطاقة إلاّ دليل لهذه الأمية…