كثرت التصريحات الصحفية، وغزا الاعلام كل من هب ودب، تلك هي بلادنا اليوم، ونحن نعاني من حكام، غلبت عليهم الهواية، وما كانوا يوما يعتبرون مرجعا، لا من اهل الذكر، ولا من اهل التفكير الصائب، وكلما حلت مصيبة بتونس، تجندت الصحافة لترويجها، بدون انتباه، ولا تحفظ طبقا للمهنة، فاخطلت من جراء ذلك المفاهيم عند المواطن، واندثرت المبادئ التي كان يؤمن بها، واصبح الجاهل طبيب، ورجل دين، وفيلسوف، وما الى ذلك من اختصاص، والحقيقة ان بلادنا على شفى حفرة، نتيجة انتشار هؤلاء الدجالين في كل المواقع، وبحثهم عن الكراسي للغنيمة لا غير، فاصبح مصيرنا مجهولا، و لنذكر على سبيل المثال عينة للشفافية التي ينادي بها طاقم الحكم، والتي ستؤدي البلاد حتما الى الافلاس، اذا لم نعد النظر في تكوينه، واختيار الكفاءات لإخراج البلاد من التعفن التي هي فيه، و ما يصير في بلادنا من كتمان واخفاء للواقع، هو نتيجة غياب العقلانية، وعدم الانتباه اليها، و كل يوم تأتينا مفاجأة تبين عدم قدرتهم على أداء الواجب، ولو كان للرأي سداد، لما اعيد اختيار من تحمل المسؤولية، واخفق في تأديتها بكل الموازين، اذ ليس له انجاز يذكر، سوى انه من حزب النهضة، يجوب وسائل الاعلام للظهور على الشاشة، و يخيف رفاقه من شطحاته، وكان من الاجدر به ان يبين انجازاته اذ لم يستخلص عند ظهور حالة الفزع التي عليها مستشفياتنا من دمار بعد ما كانت نموذجا A/H1N1 وما يقاسيه السلك الطبي والشبه الطبي والاداري من معانات، جزاهم الله خيرا لتضحيتهم بالنفس والنفيس في سبيل تونس، اذ اقتدوا بقوله تعالى "وقل اعملوا فسير الله عملكم ورسوله والمؤمنون" وحتى يكون القارئ على بينة فلنذكر بتصرفات أخرى لبعضهم، عند تصاريحهم المرتجلة، الغير مدروسة، وهو خير دليل على تأديتهم المنقوصة، فهذه انصاف بن علية مديرة المركز الوطني للأمراض الجديدة والمستجدة تعلن ان التحليل الذي خضع له أول مصاب بفيروس كورونا كان إيجابيا، وبالتالي لا يمكن إعلان شفاءه من المرض إلى حد الآن، و يأتي ذلك مخالف لإعلان وزير الصحة الذي يعلن شفاء الحالة الاولى لمواطن أصيل قفصة، عائدا من ايطاليا على متن رحلة بحرية (11/3/2020) ، وهذا وزير الصحة يؤكد " مساء اليوم (21/3/2020) في حوار على قناة «قرطاج +» وجود بؤرة لفيروس كورونا في تونس دون الافصاح عن مكانها واكتفى بالقول انها ستعمل الوزارة على تطويقها منطقة صغيرة تم تحديده وسوف يعلن عنها قريبا للرأي العام خبراء وزارة الصحة" ونحن في الانتظار، ويليه ما "نشرته الصفحة الرسمية لوزارة الصحة، مساء اليوم الاثنين (23/3/2020) مقطع فيديو أظهر وزير الصحة ،رفقة عدد إطارات الوزارة و المديرون الجهويين للصحّة و هم يؤدون القسم حتى يعملوا بكل جد دون ادخار أي جهد لنجاح الخطة الوطنية للتصدي لانتشار فيروس كورونا في تونس" وهذه البدعة « Serment d'Hippocrate » مخالفة تماما لأداء يمين الاطباءوهذه مجموعة من الاطباء الشبان توجه عبر وسائل الاعلام، ومواقع التواصل، تحذيرا لكل التونسيين، حيث أعلنوا ان الوضع يعدّ خطيرا في تونس، الدولة الصغيرة التي سجلت في 20 يوما فقط، أكثر من 173 حالة في انتظار الكشف عن حالات جديدة، وشددوا على ان التخوفات كبيرة بسبب تواصل الاستهتار، وعدم الالتزام بالحجر الصحي العام، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وهذا من ناحية اخرى المدير العام للمستشفى الجامعي "سهلول" بسوسة، يؤكد يوم الأربعاء، انه تم غلق قسم مرضى الكلى بمستشفى شارنيكول، بعد التأكد من اصابة رئيس القسم، واخضاع 150 اطار طبي وشبه طبي للحجر الصحي، وقبلها قسمين بالرابطة، الى جانب المستشفى الجامعي بصفاقس، وقسم بمستشفى الكاف، وهو ما ينذر بصعوبات في عمل المستشفيات العمومية أمام الصعوبات الحالية (25/ 3/2020) وهذا وزير املاك الدولة في تصريحاته يلوح بإمكانيه تمديد الحجر الصحي محذرا التونسيين انه وفي صورة عدم احترام القوانين والحجر الصحي قد تصل تونس الى كارثة وألف وفاة في 4 اسابيع فقط وليس إصابات بسبب ضعف الامكانيات والبنية التحتية وهذا وزير التجارة يصرح حول الباخرة المحملة بالكحول الطبية والتي يتهم ايطاليا بتحويل وجهتها، فكان ان رد عليه سفير ايطاليابتونس ردا ذكيا وديبلوماسيا تلك هي عينة من حقيقة مصيرنا المجهول، و تلك هي عينة للشفافية التي ينادي بها طاقم الحكم الذي سيؤدي البلاد الى الافلاس، اذا لم يعد النظر في تكوينه واختيار الكفاءات لإخراج البلاد من التعفن التي هي فيه، و ما يصير في بلادنا من كتمان واخفاء للواقع هو نتيجة الاستهتار بالمسؤولية، وعدم الانتباه اليها، وعدم التنسيق بين الاجهزة المسؤولة، و نتوقع ان كل يوم يأتينا بمفاجأة، ولو كان للمسؤولين سداد لما اعادوا اختيار من تحمل المسؤولية واخفق في تأديتها بكل الموازين وكان من الاجدر ان يبين لنا من تولوا ادارة وزارة الصحة لسنوات، انجازاتهم واظهرت من جديد مصيبة "الكورونا"، بكل وضوح، حالة الفزع التي عليها الوضع، ولا يمكن اعتبار المواطن التونسي جاهلا او حاقدا او حاسدا او مغرورا فلهؤلاء الذين يدعون ذلك، كفاهم من التصريحات الغير مدروسة، وعلى وزارة الصحة التولي مسؤولياتها، وتنظم عملها حتى يكون مسؤول واحد كما هو في البلدان المتقدمة "المدير العام للصحة مثلا" هو الكفيل وحده، بتقييم الحالة طبقا لما ترد عليه المعلومات من مختلف الجهات، لان في التشتت ارباك للبلاد، وكفاها ما تقاسيه من بلبلبة في الافكار، ومن معانات في المعيشة اليومية، وما يترقبها في المستقبل القريب العاجل من تضحيات جسام، والسؤال المطروح أين نحن من توحيد الجهود لإصلاح ما فسد؟ وعلى المسؤولين بالذات "التنقيص من الكلام واعتماد مصدر واحد للإدلاء بالمعلومة"، ولنا في الفضائيات ووسائل الاعلام ما يشفي الغليل، ولا حاجة لنا من زيادة الضبابية، فقدراتنا محدودة، وبلادنا غير قادر لمواجهة الوباء الذي حل في العالم، فلنتبع النصائح ونجاريها، ونجتنب الاستعمال العشوائي للدواء، او الادعاء بان لنا في ذلك القول الفصل، والتواضع هو الصفة الحميدة، وليست "الشعبوية"، مهما كان مصدرها هي التي تقينا من هذا المرض العضال، ووحدتنا هي درع منيع يحمينا من كل الترهات، شريطة ان نستخلص العبر من تاريخنا المجيد، ونرد الكيل كيلين لمن يريد ان يعبث به، او يستحوذ عليه، ونحن على ابواب ذكرى شهدائنا، فليكن حزب الاغلبية مثالا في طي صفحة الماضي، وبناء المستقبل، ولم الشمل، والحالة التي عليها البلاد تمكنه من مد اليد المفتوحة الى الآخر، الذي ضحّ بحياته في سبيل بناء الدّولة الحديثة، و عمل ليلا نهارا، للدّفاع عن مبادئه وأفكاره، التي استوحاها من فكر الزّعيم الرّاحل الحبيب بورقيبة، الذي نعيد ذكراه في الايام المقبلة، لأنه كوّن اجيالا تدين له بقوة ادراكه، وحسن سيرته، ونشاطر الشيخ الغنوشي الذي يعترف في حديثه مع "رافنلو" انه "قاد البلاد الى الاستقلال وعمم التعليم والصحة وحرر المرأة ويذكر انه معه على كل ما لديه من اجل الخير" وانه ضد كل مافاته وخاصة الديمقراطية، فلينجزها اذا مع انصاره، شريطة ان يؤمن مثل بورقيبة "ان البناء يتطلب حسن التصرف، ونظافة اليد".