على الرغم من أنه لم يؤكد الخبر كما لم يفنده، إلا أن استقالة الإعلامي التونسي "غسان بن جدو" من قناة الجزيرة التي يرأس مكتبها في بيروت أسالت حبرا كثيرا، وطرحت عددا من الأسئلة خاصة بعد ما قيل لسان مقربيه بأن بن جدو استقال احتجاجا على خروج قناة الجزيرة عن حيادها ومهنيتها وموضوعيتها في التعاطي مع الملف السوري، وقيل أيضا إن القناة لم تعد منبرا إعلاميا يطبق الشعار الذي ترفعه "الرأي، والرأي الآخر" بل تحولت إلى غرفة عمليات للتحريض والتعبئة... وقالت المصادر المقربة من بن جدو لجريدة السفير اللبنانية إن "ما يجري في قناة الجزيرة من سياسات تحريضية لا مهنية أمر غير مقبول على الإطلاق، خاصة في ظل المفصل التاريخي الذي تمر فيه المنطقة، كما أن تعاطيها مع الملفات المتراكمة في المنطقة يضع كل ما نسجته "الجزيرة" بعرق أبنائها في الساحات والميادين، محل شك واستفهام كبيرين... أشارت المصادر نفسها إلى أن منطلق استقالة بن جدو أخلاقي، إذ كيف لم يقبل أن يتم التعاطي بكثافة مع الأحداث في ليبيا واليمن وسوريا، ولا تتم الإشارة من قريب أومن بعيد إلى ما يحصل في البحرين، على الرغم من أن في البحرين دماء تسيل... والسؤال هنا، لماذا لم يحتج "غسان بن جدو" على أسلوب عمل قناة الجزيرة عندما كان الأمر يتعلق بتونس ومصر؟؟ لماذا كان شريكا في تغطية الجزيرة ولم يبد منه أي احتجاج ولم يصف القناة بغرفة العمليات والكل يعلم الدور الكبير الذي لعبته الجزيرة في تحريك الشارعين التونسي والمصري، بل إنها نكلت بالنظامين واحتفت بالثورتين وحرضت الشارع العربي على تحركات مشابهة للإطاحة بالأنظمة الاستبدادية؟ لماذا صمت بن جدو على صمت الجزيرة إزاء الملفات القطرية وأهمها "العلاقات الودية" مع إسرائيل، وزيارة الأمير القطري إلى إسرائيل ليؤكد "أواصر" الأخوة والتعاون بين قطر والكيان الصهبيوني؟؟ الجزيرة لم تتغير، ولكن الذي تغير هذه المرة هو أن النظام المستهدف هو النظام السوري الذي تربطه صداقة بغسان بن جدو، على الرغم مما قيل على لسان المصادر المقربة منه بأن القضية مبدئية وأخلاقية بالنسبة إليه، وذكرت أنه بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وضع لمدة سنة ونصف سنة على لائحة الممنوعين من دخول سوريا، ولكنه معروف أيضا بمناصرته للمشروع "القومي والوطني الكبير" لسوريا، وهو مدلل هذا النظام الذي تستهدفه قناة الجزيرة مستغلة تحرك الشارع السوري... غسان بن جدو إعلامي قدير، نحترم مهنيته وحرفيته وقدراته التي أثبتها في أكثر من مناسبة، ولكن استقالته في هذه المرحلة تطرح الكثير من نقاط الاستفهام...