الحوت الميت خطر على صحتك – الهيئة الوطنية تحذر    عاجل: سفيرة فرنسا تعد بتسهيلات قادمة للتونسيين في ''فيزا شنغن''...تفاصيل    عاجل: حارس الإفريقي ينقل للمستشفى بعد تدخل عنيف    عاجل: ثلاثية نظيفة للترجي على القوات المسلحة وتقدم كبير نحو الدور الثاني!    الشمال والوسط تحت الرعد: أمطار قوية تجي الليلة!    محرز الغنوشي: ''درجات حرارة ليلية مقبولة...والمليح يبطى''    مشاركة 1500 عداء وعداءة في ماراطون بالمرسى عائداته مخصصة لمجابهة الانقطاع المدرسي المبكر    الكيني ساوي يفوز بماراطون برلين ويحافظ على سجله المثالي    عاجل/ ثلاث دول جديدة تعترف بدولة فلسطين..    عاجل/ هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تحذر من خطورة استهلاك هذه الأسماك..    وزير الخارجية يترأس الوفد التونسي في أشغال الدورة الثمانين للجمعية العامة للأمم المتحدة    كأس الكنفدرالية الإفريقية: النتائج الجزئية لذهاب الدور التمهيدي الأول    النجم الساحلي يعلن إستقالة رئيس فرع كرة القدم    بطولة سان تروبيه الفرنسية للتحدي: التونسي معز الشرقي يحرز اللقب    الكاف: تزامنا مع زيارة والي الكاف إلى السوق الأسبوعية تسجيل مخالفات وحجز مواد متعفنة    وزير البيئة في زيارة غير معلنة لمعاينة الوضع البيئي بالشريط الساحلي بسليمان    الترجي vs القوات المسلحة: تابعوا البث المباشر على هذه المنصة    المراقبة الاقتصادية تحجز 55 طنا من الخضر والغلال ببرج شاكير والحرايرية    أسطول الصمود :هيئة التسيير تكشف اخر المستجّدات    قلة النوم تهدد قلبك.. تعرف شنو يصير لضغط الدم!    تونس تشارك في مؤتمر التعاون الثقافي والسياحي الصيني العربي    أمطار الخريف ''غسالة النوادر''.. شنية أهميتها للزرع الكبير؟    بحسب التوقعات: تونس الكبرى وزغوان تحت الخطر...أمطار بين 60 و90 ملم!    عاجل- تذكير: آخر أجل لإيداع التصريح بالقسط الاحتياطي الثاني للأشخاص الطبيعيين يوم 25 سبتمبر 2025    الجمعية التونسية للطب الباطني تنظم لقاء افتراضيا حول متلازمة "شوغرن"    تونس ممكن على موعد مع 45 ألف حالة زهايمر قبل 2030!    انتشال جثتي طفلين توفيا غرقا في قنال مجردة الوطن القبلي    سوسة: جلسة عمل لمتابعة وضعية شركة الألبان الصناعية بسيدي بوعلي    عاجل/ حجز مئات الكيلوغرامات من المخدرات داخل حاوية بميناء رادس والنيابة تفتح تحقيق..    المؤتمر الدولي للمعهد العالي لتاريخ تونس المعاصر،"الاستقلال، نضالات ، مفاوضات والبحث عن السيادة" ايام 26و27،و28 مارس 2026    محمد علي: ''الأسطول يقترب كل دقيقة من غزة.. أما أنتم؟ مجرد أصابع ملوثة على لوحة مفاتيح''    عبد الستّار عمامو يعود إلى "الدار الأم" ببرنامجين لتوثيق الذاكرة وإضاءة الوجوه المنسيّة    بين البراءة ونقص الأدلة... شنوة الفرق؟    ميلوني: نحن بحاجة إلى مزيد من الحكومات المحافظة في أوروبا    بوعرقوب: انتهاء موسم جني الكروم بنسبة 100%    تفاصيل جديدة عن المذنب 3I/ATLAS تثير جدلاً علميًا    "تجردوا من ملابسهم".. مئات الإسبان يشاركون في عمل فني ل"مصور العراة" قرب غرناطة    فيتنام بالمركز الأول في مسابقة إنترفيجن وقرغيزستان وقطر في المركزين الثاني والثالث    قريبا انطلاق أشغال مشروعي تهيئة الملعب البلدي بمنزل فارسي وصيانة المحولات الكهربائية بالملعب الاولمبي مصطفى بن جنات بالمنستير    الموساد تسلّل إلى معقلهه: الكشف عن تفاصيل اغتيال نصر الله    إدارة ترامب تلغي المسح الوطني السنوي للجوع    كاس الكنفدرالية: الملعب التونسي يفوز على الجمعية الثقافية نواذيبو الموريتانية 2-صفر    أولا وأخيرا... سعادتنا على ظهور الأمّهات    تونس ضيف شرف مهرجان بورسعيد السينمائي الدولي: درة زروق تهدي تكريمها إلى فلسطين    عاجل: إيقاف اكثر من 20 ''هبّاط'' في تونس    عاجل: شيرين عبد الوهاب أمام القضاء    بنزرت: تنفيذ اكثر من 80 عملية رقابية بجميع مداخل ومفترقات مدينة بنزرت وتوجيه وإعادة ضخ 22,6 طنا من الخضر والغلال    معاناة صامتة : نصف معيني مرضى الزهايمر في تونس يعانون من هذه الامراض    غدا الأحد: هذه المناطق من العالم على موعد مع كسوف جزئي للشمس    عاجل/ بشائر الأمطار بداية من هذا الموعد..    تكريم درة زروق في مهرجان بورسعيد السينمائي    الكاف: قافلة صحية تحت شعار "صحتك في قلبك"    السبت: أمطار متفرقة بالجنوب الشرقي وسحب عابرة    القيروان.. 7 مصابين في حادث مرور    استراحة «الويكاند»    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم: في الشدائد تتعرى حقيقة الإنسان ويظهر ما فيه من صور الخير والشر
نشر في الصريح يوم 26 - 04 - 2020

الجائحة الوبائية التي يمر بها العالم قد أودت بأرواح الملايين من البشر و تسببت في حدوث أضرار كبيرة في الوضع العالمي ونتج عنها إنهيار كبير للكثير من اقتصاديات العالم وخسارة الكثير من الشركات التي اضطرت إلى غلق وبيع مقراتها وخسارة الآلاف من مواطن الشغل بعد أن دخل ملايين من العمال والموظفين في بطالة فنية إجبارية رغم إجراءات المرافقة التي اتخذتها الحكومات من إعانات اجتماعية ومساعدات مالية من أجل المحافظة على العمل ومن وراء ذلك اضطرت المجتمعات أن تخضعإلى حجر صحي شامل و عملية إغلاق كلي جعلت الإنسان لا يغادر بيته إلا للضرورة القصوى لجلب الدواء أو الغذاء .
ورغم هذه المخاطر التي تسبب فيها فيروس كورنا على الوضع الصحي والمالي للأفراد والتهديد الذي بات يمثله بعد إعلان منظمة الصحة العالمية أن البشرية تمر بمرحلة خطيرة تهدد بقاءها بعد أن اعترف العقل البشري بعجزه أمام انتشاره السريع وحصده يوميا الكثير من الأرواح إلا أن هذا الوباء على قبحه قد عرى صورة الإنسان و كشف للعالم وللبشرية وهي تتباهى بكونها في قمة نضجها وتقدمها العلمي والتكنولوجي عن ضعف منظومتها الصحية والاجتماعية وخاصة أنه كشف عن صورة قبيحة لبعض البشر وعرى حقيقة جزء من الانسانية بجشعها ونهمها وإفراطها في ممارسة الفساد الذي لم يوقفه ما يتعرض له كوكب الأرض من أخطار.
لقد ظهر مع وباء كوفيد 19 وباء آخر هو وباء تغلغل الفساد والجشع وصورة الإنسان الذي لا يوقفه شيء في سبيل جمع المزيد من المال بكل الطرق وفي كل الأوقات لقد اتضح اليوم أن كل الانحرافات المجتمعية هي فيروسات قاتلة تنتشر بسرعة مثل سرعة الجوائح لقد اكتشفنا أن التهديد الحقيقي ليس الفيروس ولا الوباء فعلاج هذه الأمراض ممكن ومقدور عليه لكن وباء الإحتكار والغش والسرقة واستغلال الفرص لجني الأموال وتوظيف معاناة الناس لتحقيق مزيد من الثراء يحتاج إلى لقاح من نوع آخر .
فحينما نجد أن الأزمة الصحية التي تمر بها البلاد وما خلفته من اضطراب في الحياة وخوف المواطن على عيشه وقوته لم توقف المحتكرين من مواصلة نشاطهم ولم تثن الفاسدين من استغلال الفرصة للتحكم في الأسعار والتلاعب بتوزيع المواد الفلاحية والغذائية فأعلم أن الفساد مرض قاتل و لا شيء قادر على إيقافه .
اليوم وفي ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد وهذه الاكراهات التي يعاني منها المواطن نجد مسؤولين حكوميين قد تورطوا في شبهة فساد تتعلق باحتكار المواد الغذائية التي من المفروض أن توزع على المحتاجين ونجد من النواب من أصحاب المال و الأعمال والمشاريع من قد تورط هو الآخر في شبهة فساد تتعلق بصفقة صنع الكمامات التي نحتاجها حتى نتمكن من رفع الحجر الصحي وشبهة أخرى تمثلت في تسريب كراس الشروط قبل نشرها بصفه رسمية .. ونجد شبهات أخرى تتعلق بجمع مادة القماش من السوق المخصصة لصناعة هذه الكمامات لفائدة جهات معلومة حتى يتم الإنفراد بهذه الصفقة والتحكم في أثمانها .. ونجد من السياسيين من يبرر هذه الأفعال ويدافع عن الأشخاص المورطة ونجد شبهات أخرى تتعلق بشراء التحاليل السريعة التي نحتجها للتعرف على الوضع الصحي في البلاد ونجد وزيرا يدافع عن خياره الخاطئ عندما لم يوسع الإستشارة وذهب مباشرة إلى مصنّع بعينه لينجز له العمل المطلوب .. ونجد رئيسا للحكومة يدافع عن وزيره ويبرر أفعاله بأن الوضع الاستثنائي يسمح بذلك ويسمح بعدم إحترام تطبيق القوانين في مجال التنافس الاقتصادي ونجد مصحات عمومية تستغل الظروف الصحية لتفرض على من يرتادونها مبالغ ضخمة حتى يسمح لهم من الاستفادة من خدماتها .. ونجد صورا أخرى كثيرة من هذا الفساد الذي ينخر جسم المجتمع.
اليوم هذا الوباء قد كشف لنا أن الفساد في تونس منظومة قوية وأن أصحاب النهم المالي و المحتكرين أخطبوط أذرعه عديدة ومتفرعة وأن الفساد هو مجموعة من الأشخاص هم نفسهم نجدهم في كل مرة يستغلون الظروف ويستفيدون من الأوضاع لتهديد الأمن الغذائي والصحي للناس وأن نفس الأفراد نجدهم دوما في مثل هذه الظروف الصعبة لتحقيق مكاسب شخصية والإثراء على حساب قوت الناس لقد اكتشفنا أن الفساد والفاسدين لهم منظومة تحميهم، منظومة تشريعية تتساهل معهم ولا تضرب بيد من حديد وخلفهم جهات سياسية وإعلامية تتستر وتبرر الفساد وتحمي الفاسدين وإدارة عميقة تتغاضى عن الفساد ولا تشهر به بل تحميه .
لقد كشفت لنا هذه الجائحة أن الفساد وباء خطير ومنظومة متواصلة وشبكة علاقات واسعة وراءها لوبيات نافذة ومتحكمة تسندها منظومة أخرى تحميها وتتستر عليها من تشريعات وقوانين غير مفعلة ولا محيّنة ورجال سياسة مستفيدين من هذا الواقع ويبررون هذه الأفعال .. واليوم أمامنا فرصة كبيرة لهزم هذا الوباء بكل منظوماته وأذرعه وفرصة للقضاء على هذا التهديد الذي اتضح أنه أخطر من تهديد الكورونا لو توفرت العزيمة و الإرادة السياسية التي على ما يبدو لن تتوفر وكل الخوف أن تعود الأمور إلى ما كانت عليه والحالة إلى عهدها السابق بعد انتهاء هذا الوباء ونرجع من جديد لنتعايش مع كل هذا الفساد الذي وصل إلى مفاصل الدولة ووصل إلى المسؤولين الحكوميين من عمد و ولاة ووزراء وبرلمانيين .. فاليوم لم نعد نتحدث عن فساد وراءه رجال أعمال وأصحاب المشاريع ولوبيات تعمل في التهريب والقطاع الموازي وإنما الفساد اليوم موجود في القطاع الرسمي وتدافع عنه التشريعات والقوانين ويبرره الساسة ومن يحكمنا .. لقد أظهرت لنا هذه الجائحة الوبائية أنه لدينا أناس خيرون وآخرون فاسدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.