لا يخفى على كل مسلم ملتزم بالكتاب،والسنة ما يضفيه شهر الصيام المبارك على المسلمين من روحانية مما يجعلهم يقبلون على الخير بشتى أنواعه و أصنافه و ألوانه فما ظنك بمن باع نفسه و ما له و أولاده وكل ما وهب أو ملك لله الواحد القهار . إن لهذا الشهر الكريم عند المجاهد في سبيل الله معنى آخر أعمق فهماً وهدى ممن يصوم أو يقوم من غير المجاهدين استقرأه من جهاده العملي،ومن هدي الرسول الكريم وسيرته العطرة وسيرة أصحابه رضوان الله عليهم أجمعين. و لعل ما سأورده من أحاديث و آثار تبين بعض من فضل صيام المجاهد و التي ذهب طوائف من العلماء إلى أن هذه الأحاديث جاءت في فضل الصوم في الجهاد : عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه، قال : قال رسول اللّه -ص- : "ما من عبد يصوم يوما في سبيل اللّه إلا باعد اللّه بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا" . رواه البخاري ومسلم [1]. إن هذا الحديث النبوي الشريف يبين لنا فائدة عظيمة ونكة بليغة إذ أن البيان النبوي الشريف بمنطوقه يحث المجاهدين على التزام الصوم لما له من فوائد عظيمة منها على وجه الخصوص بعد المجاهد عن النار سبعين خريفا بمعنى استحالة دخول هذا المجاهد الصائم لجهنم بوجود هذا البعد وتلك المسافة . وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض ) [2]. رواه الترمذي من رواية الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة وقال حديث غريب ورواه الطبراني إلا أنه قال من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار مسيرة مائة عام ركض الفرس الجواد المضمر . كما أن هذا الحديث النبوي الشريف يبين أن من صام يوما في سبيل الله تعالى جعل بينه و بين النار خندقا عظيما عميقا كما بين السماء و الأرض بمعنى أنى لهذا المجاهد الصائم أن يدخل النار بوجود مثل هذا الخندق العظيم الذي يفصل ما بين المجاهد الصائم و النار . من صام يوما في سبيل الله.. الصيام عبادة من أجلِّ العبادات، وقربة من أعظم القربات، وهو دأب الصالحين وشعار المتقين، يزكّي النفس ويهذّب الخُلُق، وهو مدرسة التقوى ودار الهدى، من دخله بنية صادقة واتباع صحيح خرج منه بشهادة الاستقامة، وكان من الناجين في الدنيا والآخرة. وعليه فلا غَرو أن ترد في فضله أحاديث كثيرة تبين آثاره وعظيم أجره، وما أعده الله لأهله، وتحثّ المسلم على الاستكثار منه، وتهوِّن عليه ما قد يجده من عناء ومشقة في أدائه. ومن تلك الأحاديث ما رواه الصحابي الجليل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (مَنْ صَامَ يَوْماً فِي سَبِيلِ الله بَعَّدَ الله وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا) متفق عليه وهذا لفظ البخاري، وفي لفظ مسلم: (باعَد). فطوبى لمن جاهد و صام ففاز بالجنة بعد أن نجى من عذاب النار بفضل الله تعالى.. محمد المحسن الهوامش: [1] - فتح الباري : رقم 2840، كتاب الجهاد، باب فضل الصوم في سبيل اللّه : 6/47 . مسلم : رقم 1153، كتاب الصيام، باب فضل الصيام في سبيل اللّه لمن يطيقه بلا ضرر: 2/808، واللفظ لمسلم. [2] - رواه الترمذي عن الوليد بن جميل عن القاسم عنه وقال حديث غريب صحيح الترغيب والترهيب برقم 1258 قال عنه الشيخ الألباني حديث حسن . ( حسن لغيره ) ) صحيح الترغيب والترهيب 1257. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض . رواه الطبراني في الأوسط والصغير بإسناد حسن وفي صحيح الترغيب والترهيب 991 قال الشيخ الألباني حديث حسن صحيح.