عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من عبد يصوم يوماً في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا " وأراد بالخريف السنة. ثم بين الله في باقي حديث مسلم ما ينبغي أن يكون عليه الصائم من السماحة وسعة الصدر، والعفو عن المسيئ، وعدم الرد على الساب أو المقاتل، ولزوم الإعراض عن الرفث والفسوق والصياح، وتذكير من يتحرش به ويتعدى عليه بأنه صائم. وأن الرفث والسب والخصام مخالفة لأخلاق الصائمين، وأن للصائم فرحتين، فرحة حين يفطر، وفرحة يوم يلقي ربه، فيجزيه على الصوم بأكرم الجزاء وأعظمه. كما بين صلى الله عليه وسلم أن الصيام ليس إمساكا عن الطعام والشراب فحسب، بل لا بد للصائم أن يمسك عن الكذب، واللغو بالباطل، والإنحراف في القول فلا يتعدى على مسلم بلسانه أو جنانه بتكبر وازدراء. فإن فعل شيئا من ذلك فاتته فضيلة الصوم، والله غني عن صيام لا يثمر مخافته، وشدة مراقبته، والبعد عما حرم، والمسارعة الى ما يجب. وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه" . وفي هذا غاية الزجر والتخويف لمن لا يحفظ جوارحه عن محارم الله في رمضان لأن من اجترأ على ذلك في رمضان فهو في غيرها أكثر اجتراء ومن كان هذا شأنه فقد فاتته فضيلة الصوم، وابتعد عن أخلاق الصائمين، ولم يحمل ثمرة الصوم التي هي تقوي الله وخشيته. قال تعالى: "ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون".