لقد تذكرت هذا العجز من بيت شعري عربي قديم مشهور والذي جعلته عنوانا لمقالي لما قرات بكل متعة وعمق تفكير مقال زميلنا في الصريح الدكتور احمد القديدي حفظه الله واعانه على افادتنا بما يعلمه وبما يراه تحت عنوان (ابن الزعيم بورقيبة كتب مذكراته وفتح الصندوق الأسود) ولقد استوقفني قوله(...اما الشان الاخر الذي تحدث عنه المرحوم الحبيب الابن فهو ملف التعريب فقد ادان كاتب الشهادة كل فلسفة التعريب مؤكدا ان هذا الخيار قهقر التعليم وانشأ جيلا من المتطرفين الذين حسب رايه لم يتعمقوا في فكر الغرب العقلاني الحداثي وانا استغرب هذا الهجوم على التعريب والموالاة للتغريب لانه موقف لم نسمعه ابدا من الحبيب بورقيبة الابن...) واني استسمح اخانا الدكتور وزميلنا القديدي لاقول له وللقراء انني لم استغرب مثله هذا الهجوم على التعريب والموالاة للتغريب الصادر من الحبيب الابن رغم اننا لم نسمعه مثله ابدا كما يقول الدكتور مباشرة من صاحبه وذلك عندي راجع على الأقل لسببين اثنين اولهما انني لا اذكر يوما رغم انني عشت فترة الحبيب الابن بالطول والعرض وتابعت تقريبا كل نشاطاته السياسية تلفزيا طبعا اقول لا اذكر انني سمعته يوما يخطب او يتحدث لعامة الناس كغيره من وزراء بورقيبة اجمعين بل كل ما راه منه عامة التونسيين المتبعين للاخبار انه يكون دائما جالسا في مجالس ابيه وخاصة بعد ان اصبح مستشاره الخاص وهو يستمع اليه بكل انتباه ثم وكما يقول التونسيون(يا ناس ما كان باس) اذا فان الحبيب الابن لم يكن معروفا ولا مشهورا لدى التونسيين في تلك الفترة التاريخية لا بالخطابة ولا بالتفكير ولا بالكتابة ولا بتقديم الخواطر الفكرية والتربوية والثقافية والدينية كما اشتهرت بذلك شخصيات اخرى سياسية من امثال محمود المسعدي واحمد بن صالح ومحمد مزالي والشاذلي القليبي اما السبب الثاني فهو عندي راجع الى انه من الطبيعي ان يكون هذا الموقف من البديهيات الصادرة عن الحبيب الابن فهو طبعا ابن بورقيبة المعروف عنه لدى اغلب التونسيين موالاته للغرب وللتغريب واستهزاؤه بثقافة وبحضارة العرب والمسلمين الموروثة منذ سنين ولولا خوفي من التطويل لذكرت في ذلك للقراء اكثر من برهان واكثر من حجة واكثر من دليل تناقلتها وتحدثت بها الألسن التونسية والعربية وسمعناها كثيرا وطويلا في ذلك الجيل القديم ولكن يكفيني ان اقول بان التونسيين في تلك الفترة التاريخية لم يسمعوا بورقيبة يوما ينوه اويمدح او يمجد شخصية تاريخية عربية اسلامية واحدة ويعتبرها قدوة له في الحياة بل لا يتحدث ولا يشكر ولا يذكر الا شخصيته ولا يمدح الا ذاته باعتبارها عنده من اعظم الشخصيات وان ذاته في تاريخ بلادنا التونسية بل وفي تاريخ كل البلاد لعربية والاسلامية هي اعظم الذوات فكيف نريد من الحبيب الابن ان يعتز وان ينوه وان يتمسك وان يدافع عن العروبة وعن التعريب؟ ويرفض وينبذ حضارة وثقافة وفلسفة الغرب والدعوة الى التغريب؟ اولم نسمع اولم نحفظ في ثقافتنا العربية الاسلامية تلك الحكمة الثابتة المجربة القديمة التي تقول وتذكر كل عاقل وكل نبيه(الولد سر ابيه)؟ اما اذا اضفنا الى هذين السببين الرئيسيين ان الحبيب بورقيبة الابن قد نشا لحمه عظمه من ترائب ام اجنبية فرنسية وكان قد تخبط في رحمها شهورا شمسية ورضع من لبنها رضعات كبيرة ارتوائية غذائية وتربى وتلقى على يديها اول دروسه العلمية والفكرية والحضارية افليس من الصعب ومن العسير ان يميل الى ثقافة والى تعليم والى تربية والى حضارة الأمة العربية الاسلامية خاصة وان اباه ايضا متمسك ومنبهر بالحضارة وبالثقافة الغربية ولم يكن يوما متحمسا ولا معجبا ولا مدافعا عن الحضارة العربية الاسلايية افلا يصدق اذن في الحبيب الابن عجز ذلك البيت الذي استفتحنا واستهللنا به هذا الكلام او هذا الكلم...(ومن شابه اباه فما ظلم)؟