لو حاول أحدكم الكتابة باليد اليسرى وهو أيمن أو اليمنى وهو أيسر ، فسوف يجد في ذلك صعوبة قسوى و يكون خطّه رديئا و نسق كتابته متعثّرا بطيئا كما لو كان طفلا يمسك بالقلم لأوّل مرّة و باليد الخطأ هذا ما يحدث بالضّبط لأيّ متطفّل على الغناء أو العزف عندما يصرّ الأوّل على إثبات قدرته على إقناع الأسماع بحبال صوتية "مقلوبة" و موهبة مفقودة و حنجرة معطوبة مضروبة ، و الثّاني بأنامل مرتجفة متردّدة معطوبة والنّتيجة ، حتما ، عزف مقرف رديئ و شبه غناء مثقّل بالنّشاز , مصحوب بالدّلع المفرط و التّزيّن المُبهِر والنطّ و الحطّ و الهرج و المرج فوق المسرح، إعتقادا من هؤلاء المتطفّلين المتعنّتين أنّ كلّ تلك الملحَقات التّنكّرية المُغرية و السّلوكيات الرّكحيّة المثيرة المتصنّعة من شأنها مَغْنطسة عقولنا و إبهار أبصارنا و جعلنا نركّز على شعشعة طعوم المظهر و نتغافل عن رداءة الصّوت و سوء الأداء و غياب الموهبة ومن المؤسف أنّ مثل هذه الحيّل أصبحت اليوم تنطلي على الجماهير و تنتج فيالق من الصّراصير الزّاحفة على ميدان الغناء و المُهلَّل بها في المهرجانات و التّلفزات و الإذاعات و محافل التّبجيل و التّكريم !!!! صراصير تُفتح لها المنابر و تُشعل القناديل و تُفرَش حُمرُ الزّرابيّ المنسوجة من أنبل أصناف الحرير!!!! هذه ، إذن ، يا أهل الفنّ ، عملية تحيّل فنّية محبوكة جليّة سوف تنسف كلّ شئ جميل في عقر بيتكم المكتسَح الكبير الذّليل إن أنتم سلّمتم و رميتم المنديل و تركتم أمثال هؤلاء المندسّين المخادعين يتعاظمون و يتمركزون دون رقيب و لا صدّ ولا موقف ثابت فارق عاجل متين...