منذ يوم 7 أكتوبر 2008 تعيش ثلاث عائلات بجهة برج الوزير التابع لمنطقة اريانة الشمالية في حيرة وقلق على مصير أبنائهم الذين اختفوا في ظروف غامضة جدا اثر محاولة حرقان باءت بالفشل.. رحلة حرقان فاشلة وحسب معطيات دقيقة توفّرت لهذه العائلات فإن أبناءهم سافروا الى الجزائر بطريقة قانونية حيث أبحروا ضمن مجموعة تتكوّن من 45 حارقا من مدينة عنابة، ولكن على مستوى مدينة طبرقة تم ايقافهم من قبل الحرس البحري وذلك يوم 9 أكتوبر 2008. وحسب ذكر منجية، والدة المفقود أيمن وعلجية والدة المفقود أحمد ومباركة والدة معزّ فقد اتصل بهن أحد الاجوار، وكان من بين المشاركين في رحلة الحرقان هذه ليعلمهنّ عن طريق الهاتف بأن أيمن وأحمد ومعز أبحروا خلسة ولكن الحرس البحري بطبرقة أوقفهم مع بقية الحارقين وطلب منهم التصرف بسرعة والعمل على اطلاق سراحهم. والدة معزّ: أعلمونا بإحالتهم على العدالة وحسب ذكر مباركة، والدة معزّ، فقد تحولت رفقة بقية أولياء المفقودين الى جهة طبرقة للتأكد من سلامة المعلومة التي وصلتهن حيث تم اشعارهن بأن جملة المشاركين في رحلة الحرقان احيلوا على العدالة. وتذكر منجية والدة أيمن انها تحوّلت الى مدينة عنابةالجزائرية حيث عثرت على جواز سفر ابنها لدى أحد التجار هناك وقد استعادته في الحين لتنطلق في رحلة البحث عن فلذة كبدها. والدة أحمد: لم نظفر بجواب مقنع وحسب ذكر علجية والدة الشاب أحمد، فهي منذما يزيد عن العامين وثمانية أشهر تطرق الابواب دون العثور على جواب مقنع وقد طافت بالرغم من تقدمها في السن ومرضها، البلاد من بنزرت الى جرجيس صحبة أفراد من عائلات الشبان المفقودين ولكن الروايات كثيرة والحقيقة غائبة. وحسب أقوال مباركة والدة معزّ فإنها كاتبت عدّة جهات منها وزارة العدل ومحكمة تونس ومحكمة أريانة واتصلت بعديد المحامين ولكن دون طائل وحسب ذكر منجية والدة أيمن، فقد توفّقت بعد الثورة المباركة من مقابلة وزير الداخلية السابق وروت على مسامعه معاناتها بالتفصيل في سبيل البحث عن ابنها المفقود، وقد وعدها بأنه سيبذل المستحيل للوصول الى الحقيقة. والدة أيمن: قالوا لنا بأنهم أحياء ولكن أين هم؟! وتجمع كل من منجية وعلجية ومباركة على أنهن تلقّين معلومات مفادها أن الابناء المفقودين على قيد الحياة وقد يكونوا مسجونين هنا أو هناك ولكنهن لم يتمكّن من زيارتهم والاطمئنان عليهم بالرغم من النداءات العديدة التي توجهن بها الى عديد الجهات.. ولئن طمأنهم المسؤول السابق بوزارة الداخلية بوجود ابنائهم على قيد الحياة وسوف يتم الاتصال بهن لاحقا لارشادهن عن السجن المتواجدين فيه فإن فرحتهنّ لم تعمّر طويلا اذ تم الاتصال بهن لاحقا لإشعارهن بأن ملف ابنائهن أحيل على منطقة الحرس الوطني بأريانة الشمالية للبحث والتحقيق ولئن بلغنا بأن ابناءنا، تم التحقيق معهم خلال سنة 2010 أي بعد حوالي عام وبضعة أشهر من ايقافهم فمن المؤكد، تقول محدّثتنا منجية والدة أيمن، «نحن لا نعارض محاكمة أبنائنا ومحاسبتهم على ما ارتكبوه من أخطاء ولكن لماذا أخلي سبيل غيرهم فيما وقع الاحتفاظ بهم». غيرهم تم اطلاق سراحهم ويذكر أن مجموعة أخرى من الحارقين حاولت التسلل سنة 2008 عبر جبال ولاية الڤصرين باتجاه الجزائر ولكن وقع ايقافها من قبل رجال الحرس الوطني بالڤصرين وأحيلوا على العدالة حيث قضت بسجنهم مدة 16 يوما وأطلق سراحهم. ويبقى الأمل كبير في وزير العدل هذا وعبّرت لنا أمهات الشبان المفقودين عن حيرتهن إزاء ما حصل ولكن أملهنّ كبير في وزارة العدل لكي يرحم عذاباتهن ويتدخّل لحسم الأمر وإفادتهن بالحقيقة مع العمل على تمكينهن من حق الزيارة والاطمئنان على فلذات الكبد.. بعدما احتدمت الافكار والهواجس حول مصيرهم واهترأت المآقي من كثرة البكاء ولجأن الى الادوية المهدّئة للأعصاب بسبب المخاوف والفواجع المسجّلة بين الحين والآخر.