مازالت تداعيات أزمة تضارب المصالح التي اتهم بها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ والتي أربكت المشهد السياسي وأربكت عمل الحكومة بعد اكتشاف امتلاكه لأسهم في شركة لها تعامل مع الدولة واستفادت من صفقة أبرمتها مع وزارة البيئة في موضوع معالجة النفايات تلقي بظلالها على الوضع العام بالبلاد وآخر هذه التداعيات التي زادت الطين بلة وزادت من تعميق الأزمة السياسية المعطيات والمعلومات التي أدلى بها شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد أمام لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد ومراقبة التصرف في المال العام بمجلس نواب الشعب في جلسة استماع خصصت لمزيد الاستيضاح حول هذا الملف الذي شغل الرأي العام وهي تصريحات خطيرة لاحتوائها على معلومات صادمة من شأنها أن تقلب كل المشهد وقد تكون محددة في بقاء الحكومة أو رحيلها ومن بين ما جاء على لسان رئيس هيأة مكافحة الفساد الذي أراد أن تكون الجلسة مغلقة وغير علنية لكون المعلومات التي سوف يصرح بها تخضع لواجب التحفظ وحماية المعطيات الشخصية أن إلياس الفخفاخ على عكس ما قال من أنه يمتلك أسهما في شركة VALIS قد صرح للهيئة بإمتلاكه لأسهم في خمس شركات لا شركة واحدة غير أنه قد أخفى عن الهيئة ولم يصرح بتعاملها أو تعامل إحداها مع الدولة، وهذا في حد ذاته يعد مخالفة صريحة للفصل 18 و 20 من القانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الاثراء غير المشروع وتضارب المصالح ما جعل السيد إلياس الفخفاخ يقع في خطأ جسيم حينما لم يفصح عن تفاصيل نشاط هذه الشركات وعلاقتها بالدولة وخطأ آخر عندما لم يتخل عن أسهمه في هذه الشركات لما أصبح رئيسا للحكومة حيث كان عليه أن يقوم من تلقاء نفسه ومباشرة بعد أن أصبحت له مهمة سياسية حساسة بالتخلي عن أسهمه في كل هذه الشركات لا أن يواصل النشاط فيها حتى يكتشف أمره بعد أن تسلم مهامه الحكومية وخطأ ثالث حينما أعلن عن تخليه عن وكالته لشركاته وهو رئيس للحكومة حيث كان عليه أن يقوم بذلك من قبل خاصة وأنه بعد أن تسلم مهمة رئاسة للحكومة أصبح هو الماسك لسجل المؤسسات وفي نفس الوقت رئيس الادارة التونسية. ويضيف شوقي الطبيب القول بأن الفخفاخ على عكس ما صرح به أثناء حضوره في مجلس نواب الشعب لتقديم نتائج عمل حكومته بعد 100 يوم من تشكلها لم يعلم الهيئة بإحالة التصرف في مساهمات الشركات المرتبطة بنشاط تجاري أو صناعي مع الدولة كما نفى شوقي الطبيب أن يكون الفخفاخ قد صرح بكل أملاكه أو قدم كل البيانات والمعطيات عن نشاطه ونشاط الشركات التي لها ارتباط مهني مع الدولة، وكذّب كذلك ما جاء على لسانه من أنه قد قدم كل البيانات اللازمة إلى الجهة الرسمية حينما قدم كشفا عن مكاسبه إلى هيأة مكافحة الفساد واعتبر شوقي الطبيب أن الملف الذي بين يديه يفيد بكل وضوح وجود شبهة تضارب مصالح وأن كل التواريخ والأرقام والمعطيات التي قدمها غير دقيقة وهي مخالفة للحقيقة وأنهى تدخله بقوله هناك " مبلّغ " ثان غير ياسين العياري تقدم بشكاية ضد رئيس الحكومة وسلم ملفا للهيئة وطلب عدم الافصاح عن هويته يتهم فيها رئيس الحكومة بارتكابه جريمة تبييض للأموال. هذا جانب مما جاء على لسان شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد في جلسة الاستماع التي جمعته مع نواب الشعب حول ملف شبهة تضارب مصالح المتهم فيها رئيس الحكومة وهذا جزء فقط من المعطيات التي صرح بها رئيس هيئة مكافحة الفساد في الجلسة العلنية بمجلس نواب الشعب وهي معطيات خطيرة وصادمة تعطي فكرة عن خطورة الملف وعن خطورة المعلومات الأخرى التي تحفظ شوقي الطبيب بعدم الكشف عنها في هذه الجلسة العلنية واحتفظ بها لنفسه وأراد الإعلام بها في جلسة سرية خيّر أن تكون في لقاء مغلق بما يعطي الانطباع إلى أن المعلومات التي لم يفصح عنها و التي لم يطلع عليها نواب الشعب هي أخطر مما أفصح عنه. المفيد في هذه التصريحات الأخيرة الصادرة عن رئيس هيئة مكافحة الفساد هو أنها تصريحات بقطع النظر عن السياق التي جاءت فيه وهو سياق دفاع الهيئة عن نفسها ورد الاعتبار لها بعد أن طالتها وطالت رئيسها اتهامات مباشرة بتواطئه مع رئيس الحكومة وسكوته كل هذه المدة وعدم مبادرته بإثارة شبهة تضارب المصالح من تلقاء نفسه من قبل وقبل أن يثيرها النائب ياسين العياري وقبل أن تطرح في حوار الإعلامي بوبكر بن عكاشة مع إياس الفخفاح، المفيد هو أن المعطيات والمعلومات التي قدمها شوقي الطبيب رئيس هيئة مكافحة الفساد هي معطيات خطيرة قد نسفت كل ما قاله رئيس الحكومة حول موضوع وقوعه في شبهة تضارب للمصالح وكشف بها عن كل التناقض الموجود بين الأرقام والتواريخ والبيانات التي قدمها رئيس الحكومة وبين المعطيات التي كشف عنها شوقي الطبيب بما يزيد من تعميق الاتهام الموجه إلى رئيس الحكومة بإخفاء حقيقة الأسهم التي يمتلكها في الشركات المعنية وحقيقة إبقاء التعامل دائما ومتواصلا مع الدولة مما أدى إلى حصول تضارب للمصالح لم يتم الكشف عنه إلا مؤخرا. المفيد الذي نخرج به من تصريحات شوقي الطبيب اضافة إلى جانب ما سبق هو أن الجميع اليوم في ورطة كبرى: رئيس الجمهورية في ورطة باعتباره هو من أتى بإلياس الفخفاخ واقترحه وفرضه رئيسا للحكومة خلفا لحبيب الجمني وهي ورطة صعوبة التصرف بعد الاتهامات الموجهة إليه ، وورطة الأحزاب والرموز الحزبية التي دافعت وتدافع عن رئيس الحكومة كيف سيكون موقفهم وكيف سيتصرفون مع هذه الكارثة ؟ وورطة أخرى وقع فيها إلياس الفخفاخ رئيس الحكومة حينما لم يتصرف التصرف السليم في الوقت المناسب والظرف المناسب وأبقى على وضعه القديم كمساهم في عدة شركات لها نشاط اقتصادي وتجاري مع الدولة مع مزاولته لمنصب رئيس حكومة، وورطة رابعة وهي الأهم وهي ورطة الشعب التونسي الذي فقد ثقته المطلقة في السياسيين وتحولت عدم الثقة هذه إلى فقدان الثقة في الدولة ومؤسساتها وخطورة هذه الورطة في الإجابة على سؤال كيف سيتصرف الشعب مع هذه الازمة ؟ هل يواصل مع حكومة رئيسها وستة من وزرائها متعلقة بهم شبهات تضارب مصالح والكثير منهم تصاريحهم عن مكاسبهم منقوصة؟ أم أنه سيغامر ويذهب نحو خيار تغيير الحكومة وحينها ندخل في حالة فراغ قد لا يتحملها الوضع العام بالبلاد. المفيد في هذه التصريحات أنها تصريحات صادمة وخطيرة لكونها صدرت عن هيئة رسمية مكلفة بمكافحة الفساد قد وضعت كامل الحكومة في ورطة كبرى ووضعت رئيس الدولة في إحراج غير مريح ونسفت كل وجود للحكومة التي لا نعلم كيف ستتصرف بعد تصريحات شوقي الطبيب العلنية وتصريحاته غير المعلنة والتي يقول عنها من اطلع عليها أنها أخطر بكثير مما تم الكشف عنه.