بمناسبة إحياء بلد المليون شهيد ذكرى استقلالها خص الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون القناة الفضائية " فرانس 24 " بحوار حصري تناول فيه جملة من قضايا الساعة والمواضيع الحارقة التي تشغل بال الرأي العام وهو حوار اعتبر مرجعيا في تأصيل جملة من المفاهيم والقضايا التي إلتبست على النخبة التونسية والمواضيع التي مثلت مناطق رمادية خلفت انقساما واختلافا داخل الساحة السياسية والفكرية التونسية كانت رجعا للارتدادات التي خلفتها تصريحات الرئيس التونسي قيس سعيد أثناء زيارته الأخيرة التي أداها إلى فرنسا. في هذا الحوار تحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الفترة الاستعمارية وعن أهمية تصفية التركة الاستعمارية في بناء علاقة هادئة ومتواصلة بين البلدين وأعتبر أن إعادة بناء الثقة بين الشعبين والبلدين التي اهتزت نتيجة أحداث الحقبة الاستعمارية وما حصل فيها من مجازر بحق الشعب الجزائري وأن بناء مستقبل أفضل للدولتين طريقه الوحيد اعتراف فرنسا بماضيها الاستعماري في الجزائر وسبيله تنقية الحقبة الاستعمارية التي لا يمكن أن تكون إلا من خلال تقديم اعتذار رسمي لا زالت الجزائر تنتظره من فرنسا وهي متمسكة بالمطالبة به واعتبر تبون أن ملف المفقودين وملف التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية وملف جثث الجزائريين المفقودين هو اليوم محل اهتمام كبير من طرف القيادة السياسية وموضوع حديث مع الرئيس ماكرون وأن ما أقدمت عليه فرنسا من السماح بعودة جماجم بعض المقاومين الجزائريين من الذين قتلوا خلال حقبة الاستعمار الفرنسي ليدفنوا في وطنهم الجزائر هي خطوة في الاتجاه الصحيح وهي بمثابة نصف إعتذار عن الجرائم التي ارتكبتها وننتظر خطوات أخرى في نهج التهدئة بين البلدين والوصول إلى حل نهائي لكل المشاكل المتعلقة بالتاريخ المشترك وتنقية الذاكرة الوطنية وتقديم فرنسا اعتذارها الكامل وهذا حق الجزائر وفي هذا السياق قال تبون بأن له ثقة كبيرة في الرئيس ماكرون الذي لمس فيه النزاهة والجرأة والصدق حينما تحدث عن ماضي فرنسا الاستعماري الذي وصفه بما يشبه الجريمة في حق الشعوب وهي قضية تحتاج حلا وأنه يأمل أن يكمل ماكرون ما بدأ فيه ويقدم للجزائر اعتذار فرنسا الكامل عما حصل أثناء حقبتها الاستعمارية المظلمة وفي هذا الخصوص ذكر بما حصل من مجازر في مدينة " سطيف " وكيف أن الحديث حولها كان إلى وقت قريب حديثا ترفضه فرنسا واليوم مع ماكرون أصبح مسموحا به من أجل حفظ الذاكرة الوطنية للجزائريين وبهذه الطريقة فقط تعود علاقاتنا إلى مستواها الطبيعي و إلى علاقة بين بلدين مستقلين وبلدين لهما نفس السيادة . وعن سؤال حول نيته إجراء استفتاء لتغيير النظام السياسي ما إذا سيكون هذا التغيير في اتجاه إرساء نظام يشبه نظام الجمهورية الفرنسية الخامسة ؟ اعترف الرئيس الجزائري بأن هناك نية لإدخال بعض التعديلات على الدستور الجزائري اقتضتها المرحلة والتطور الحاصل في الجزائر من خلال استفتاء يقدم للشعب لإبداء رأيه غير أنه نفى أن يكون هذا التعديل وهذا الاستفتاء في اتجاه إقرار نظام سياسي يشبه النظام السياسي الفرنسي وأكد أن الجزائر ليس لها نية استنساخ أي نظام سياسي وبأنها سوف ترسي نظاما خاصا بالجزائريين ويليق بالشعب الجزائري وسوف يكون على طريقته ويستجيب للخصوصية الجزائرية وخصوصية ثقافة الشعب الجزائري. وعن سؤال موقفه مما يجري في الجارة ليبيا وعن تأخره تقديم مبادرة جزائرية تساعد على إيجاد حل للصراع المسلح الذي يجري على أرضها قال تبون بأن عدم تقديم أي مبادرة في الملف الليبي سببه الوعد الذي أعطاه للألمان لما حضر مؤتمر برلين حول الملف الليبي بعدم تقديم أي مبادرة قد تشوش على المجهودات التي تقوم بها السيدة " ماركل " رئيسة وزراء ألمانيا لإيجاد تسوية نهائية وفي خصوص موقفه من الملف الليبي أكد على تمسك الجزائر بموقفها الثابت وهو البقاء على الحياد وعلى نفس المسافة إزاء كل أطراف الصراع وأنه مع حل ليبي يكون على أساس الشرعية الشعبية في إشارة إلى ضرورة الذهاب نحو إجراء انتخابات ديمقراطية لتشكيل حكومة موحدة تمثل كل الشعب الليبي وفي هذا السياق نوه بتحلي القبائل الليبية بالحكمة وعدم التسرع وندد بما تقوم به المرتزقة من اقتراف للعديد من الانتهاكات وحذر من نفاذ صبر القبائل إذا ما طال الحال على ما هو عليه الآن وتعطلت التسوية وتأجل الحل السياسي عندها قال تبون فإن القبائل سوف تجد نفسها مضطرة لتسليح أفرادها وتتولي زمام الأمور خاصة وأن ليبيا مرشحة في ظل تأخر الحل أن تصبح ملاذا للجماعات الإرهابية. وفي موضوع تداعيات جائحة كوفيد 19 وما خلفته من صعوبات كثيرة على المستوى الاجتماعي والاقتصادي نفى الرئيس تبون لجوء بلاده إلى الاستدانة الخارجية وقال بأن الجزائر ليس لها نية طلب مساعدة مالية من صندوق النقد الدولي من دون أن ينفي بقاء قنوات التواصل قائمة للتشاور والتعاون .