غابت الفنانة "إيمان الشريف" فجأة عن مسرح الأحداث الفنية بعد أن ملأت الدنيا وشغلت كثيرا من الناس بأغنية "على الله" وسجلت حضورها بكثافة في الحفلات العامة والخاصة وفي احتفالات الحملة الانتخابية الأخيرة للرئيس السابق... غابت "إيمان" وانتشر خبر زواجها من شخصية خليجية، حتى ظهرت من جديد بعد الثورة لكن في شكل جديد معلنة خطا فنيا مغايرا تلتزم به بعد ارتدائها للحجاب... ليس من حق أحد مناقشة "إيمان" في قرارها ارتداء الحجاب، لأنه يدخل في باب الحريات الفردية، ولكن من حقنا مناقشة أفكارها -إن توفرت- ومواقفها المستحدثة وما تقدمه من أغان أصلية أو منتحلة... فقد أعلنت "إيمان الشريف" رفضها الغناء في المسارح المختلطة، أي تشترط في غنائها أن يكون الحضور مقتصرا على النساء، مع فرقة موسيقية تتكون من العازفات -ولا نظنها تقصد فرقة أمينة الصرارفي الحاملة لهذا الاسم- ولم يبق لها إلا أن تشترط أيضا الظهور في البرامج التلفزية والإذاعية مع تنشيط نسائي، وتمنع على الرجال مشاهدة تسجيلاتها قبل الحجاب وبعده... يبدو أن قرار "إيمان الشريف" بارتداء الحجاب رافقته "لخبطة" في أفكارها فهي كما قالت في عدد من تصريحاتها لم تتخذ خطوة تحجبها فجأة وإنما فعلت ذلك بعد طول تفكير وبرغبة قديمة منعها عهد بن علي من تحقيقها... ولكنها في الوقت نفسه كانت تصول وتجول في الساحة الفنية بالمكشوف من الثياب والضيق من الفساتين... والمنطقي هو أن من كانت تغازلها فكرة "التحجب" ترتدي لباسا أكثر احتشاما... كما أن "إيمان" لا تريد ترك الغناء نهائيا ولكنها تشترط فضاءات غير مختلطة بمصاحبة فرقة نسائية وهذه "تقليعة إيمانية" نعترف أنها لم تسبقها إليها أي فنانة أخرى... أي أن إيمان لم تكتف بأن تغير من حالها بل تدعو المجتمع الفني إلى أن يتغير بأن يوفر مواصفات جديدة للمسرح باعتباره فضاء عموميا لا يشترط فيه أصلا التفريق بين الجنسين... وما يحسب لإيمان الشريف "الجديدة" أنها كانت أول فنانة تونسية تحاورها جريدة "الفجر" الناطقة باسم حركة النهضة... ونخشى أن تكون هذه الصحيفة تشترط في من تحاورهن التزامهن بالحجاب، خاصة أن الصفحة الثقافية ضعيفة وأخبارها "بايتة" والمعلومات التي ترد فيها خاطئة وهو أمر مفهوم وإن كان غير مبرر باعتبار أن الثقافة ليست أولوية بالنسبة إلى حزب النهضة كسائر أحزابنا العتيدة أو الجديدة الراكبة قطار الثورة على عجل... من حق "إيمان الشريف" أن ترتدي الحجاب أو تخلعه فذلك شأنها لا دخل لنا فيه ولا وصاية فيه لأحد ولكني كصحافية وامرأة أقول لإيمان الشريف: توقفي حيث أنت... حجابك غطي بي جسدك ولكن لا تحجبي عنا وضوح الرؤية... فليس من حقك الدعوة إلى الفصل بين الرجل والمرأة في فضاء مقدس اسمه المسرح...