جمعت 3 وزارات.. جلسة عمل للوقاية من حرائق الغابات والمزارع لصائفة 2024    المنصف باي.. الكشف عن عملية سرقة باستعمال النطر والإحتفاظ بشخصين    كرة اليد.. الترجي يحقق فوزه الاول في بطولة إفريقيا للأندية الفائزة بالكأس    استكمال تركيبة لجنة إعداد النظام الداخلي بالمجلس الوطني للجهات والأقاليم    المنستير للجاز" في دورته الثانية"    جندوبة: حجز أطنان من القمح والشعير العلفي ومواد أخرى غذائية في مخزن عشوائي    عبد الكريم قطاطة يفرّك رُمانة السي آس آس المريضة    منوبة: حجز طُنّيْن من الفواكه الجافة غير صالحة للاستهلاك    بنزرت: القبض على تكفيري مفتش عنه ومحكوم ب8 سنوات سجنا    «لارتيستو»...الفنانة خديجة العفريت ل«الشروق».... المشهد الموسيقي التونسي حزين    ابداع في الامتحانات مقابل حوادث مروعة في الطرقات.. «الباك سبور» يثير الجدل    فضيحة في مجلس الأمن بسبب عضوية فلسطين ..الجزائر تفجّر لغما تحت أقدام أمريكا    بعد القبض على 3 قيادات في 24 ساعة وحجز أحزمة ناسفة ..«الدواعش» خطّطوا لتفجيرات في تونس    أخبار الترجي الرياضي .. أفضلية ترجية وخطة متوازنة    وزير الشباب والرياضة: نحو منح الشباب المُتطوع 'بطاقة المتطوع'    رئيس الجمهورية يشرف على افتتاح الدورة 38 لمعرض تونس الدولي للكتاب    القصرين..سيتخصّص في أدوية «السرطان» والأمراض المستعصية.. نحو إحداث مركز لتوزيع الأدوية الخصوصيّة    توقيع مذكرة تفاهم بين تونس و 'الكيبيك' في مجال مكافحة الجرائم الالكترونية    هزيمة تؤكّد المشاكل الفنيّة والنفسيّة التي يعيشها النادي الصفاقسي    تعاون تونسي أمريكي في قطاع النسيج والملابس    عاجل/ محاولة تلميذ الاعتداء على أستاذه: مندوب التربية بالقيروان يكشف تفاصيلا جديدة    معرض تونس الدولي للكتاب يعلن عن المتوجين    ماذا في اجتماع وزيرة الصناعة بوفد عن الشركة الصينية الناشطة في مجال إنتاج الفسفاط؟    عاجل/ هذا ما تقرّر بخصوص زيارة الغريبة لهذا العام    المعهد الثانوي بدوز: الاتحاد الجهوي للشغل بقبلي يطلق صيحة فزع    عاجل/ تعيين مديرتين عامتين على رأس معهد باستور وديوان المياه    النادي البنزرتي وقوافل قفصة يتأهلان إلى الدور الثمن النهائي لكاس تونس    حالة الطقس خلال نهاية الأسبوع    الوضع الصحي للفنان ''الهادي بن عمر'' محل متابعة من القنصلية العامة لتونس بمرسليا    لجنة التشريع العام تستمع الى ممثلين عن وزارة الصحة    سيدي بوزيد: وفاة شخص وإصابة 5 آخرين في اصطدام بين سيارتين    تخصيص 12 مليون م3 من المياه للري التكميلي ل38 ألف هكتار من مساحات الزراعات الكبرى    عاجل/ كشف هوية الرجل الذي هدّد بتفجير القنصلية الايرانية في باريس    عاجل/ انتخاب عماد الدربالي رئيسا لمجلس الجهات والأقاليم    الصالون الدولي للفلاحة البيولوجية: 100 عارض وورشات عمل حول واقع الفلاحة البيولوجية في تونس والعالم    انطلاق معرض نابل الدولي في دورته 61    مضاعفا سيولته مرتين: البنك العربي لتونس يطور ناتجه البنكي الى 357 مليون دينار    برنامج الجلسة العامة الافتتاحية للمجلس الوطني للجهات والأقاليم    نقابة الثانوي: وزيرة التربية تعهدت بإنتداب الأساتذة النواب.    انزلاق حافلة سياحية في برج السدرية: التفاصيل    تواصل حملات التلقيح ضد الامراض الحيوانية إلى غاية ماي 2024 بغاية تلقيح 70 بالمائة من القطيع الوطني    عاجل/ بعد تأكيد اسرائيل استهدافها أصفهان: هكذا ردت لايران..    عاجل: زلزال يضرب تركيا    وفاة الفنان المصري صلاح السعدني    توزر: ضبط مروج مخدرات من ذوي السوابق العدلية    كلوب : الخروج من الدوري الأوروبي يمكن أن يفيد ليفربول محليا    بطولة برشلونة للتنس: اليوناني تسيتسيباس يتأهل للدور ربع النهائي    انتشار حالات الإسهال وأوجاع المعدة.. .الإدارة الجهوية للصحة بمدنين توضح    المنستير: ضبط شخص عمد إلى زراعة '' الماريخوانا '' للاتجار فيها    خطبة الجمعة..الإسلام دين الرحمة والسماحة.. خيركم خيركم لأهله !    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    منبر الجمعة .. الطفولة في الإسلام    ضروري ان نكسر حلقة العنف والكره…الفة يوسف    وزير الصحة يشدّد على ضرورة التسريع في تركيز الوكالة الوطنية للصحة العموميّة    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليوم العالمي للمرأة المسلمة و كيف الاحتفال به


بسم الله الرحمان الرّحيم
اليوم العالمي للمرأة المسلمة و كيف الاحتفال به
حجاب المرأة التونسية العربية المسلمة في الشريعة الاسلامية والحرية الشخصية
"قل هذه سبيلي ادعو الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني وسبحان الله" (سورة يوسف 108)
"ظهر الفساد في البرّ والبحر بما كسبت أيدي النّاس ليذيقهم
بعض الذي عملوا لعلّهم يرجعون " (سورة الروم41)
وضع النقاط على الحروف المحافظة على الهوية العربية
والتمسك بالدين وبثوابت وجوهر الإسلام من أهم ثوابت النظام الجمهوري في بلادنا
" و انّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل..." (الانعام 153)
(ان أريد الا الاصلاح ما استطعت و ما توفيقي الا بالله عليه توكّلت و اليه أنيب).( هود 88)
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
باريس في 8 مارس 2008
البنت المسلمة بين الشريعة والحرية الشخصية
يقول الله تعالى في سورة التوبة :" المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (التّوبة 71) وقال ايضا جل و على في سورة الاحزاب :"إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ..." (الأحزاب 35)
عبثا يحاول البعض ترهيبنا بدعوتهم للاتحاق بركب الحضارة من خلال نشرثقافة مستوردة التي لم تنجح في الكثير من البلاد و نحن نطالب بحق المرأة في الحرية بأن تختار اللباس الذي تحبّ بدون ان يفرض احدا او يمنعها من ان تختار لباس العفّة والفضيلة. نحن نطالب بأن تصان المرأة المسلمة في حقّها في طلب العلم
مع العلم أن أغالبية النساء يرتدين في البلاد الحجاب وتشير استطلاعات الرأي الي أن الأغالبية يؤيدون تخفيف الحظر المفروض علي ارتداء الحجاب في الجامعات.
كما أن الحجاب لا يتعارض مع النظام العام أو السلوك العام، لكن الأمر وصل ببعض «حراس العلمانية » إلى التعرض للناس في الطرقات لخلع حجاب على رأس امرأة، أو محاسبة رجل على قصر ثوبه وطول لحيته.
يقول الله تعالى في سورة النور "وليضربن بخمرهنّ علي جيوبهنّ ولا يبدين زينتهنّ إلاّ لبعولتهنّ أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهن أو أبناء بعولتهنّ أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أوبني أخواتهنّ أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التّابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل اللذين لم يظهروا علي عورات النساء ولا يضربن بأرجلهنّ ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلي الله جميعا أيها المؤمنون لعلّكم تفلحون " (النور-31)
إن كثيراً من الباحثين والسياسيين يؤمنون بالديمقراطية لكنهم يخالفها عند أبسط الممارسات، فتراهم يمارسون حقهم في التعبير أو التفكير لكنهم لا يترددون لحظة في إلغاء حق الآخرين في ذلك حين يختلف معهم. بل ربما اتهمهم بالتخلف والظلامية، وعمل على استئصالهم مستعيناً بكافة الوسائل ولو أدى ذلك إلى مخالفة مبادئ الديمقراطية ذاتها. وهم في ذلك لا يختلفون عن خصومهم من المتطرفين على الطرف الآخر، لكن هذه المرة يتم ذلك كله باسم الديمقراطية.
إن الموقف من الحجاب ليس إلا نموذجاً لكثير من المواقف التي يتخذها البعض من خصومهم. وإذا كنا نتصور ذلك ممن لا يؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات العامة، فإننا لا نتصوره من «حراس العلمانية »، لأن ذلك يفقدهم المصداقية أمام الناس، ويسحب البساط من تحت أرجلهم لصالح القوى الأخرى التي لم تخدعهم على الأقل، فقد كانت صادقة مع نفسها وذاتها حين تفرض ما تراه على الناس، أما هؤلاء الذين يزعمون الديمقراطية فهم أول من يخالفها!
وإذا كانت مسألة الحجاب نموذجاً مصغّراً فإن المواقف الأخرى لا تختلف. فقد اتبعت بعض القوى «الديمقراطية» سياسة الإقصاء أو الاستئصال لكافة القوى المعارضة، ولم يقتصر موقفهم على خصومهم من الإسلاميين فقط، بل امتد إلى القوى السياسية والفكرية الأخرى التي لا توافقهم رؤاهم ومبادئهم، وكل ذلك باسم الديمقراطية، وبحجة عدم وصول قوى «غير ديمقراطية».
وهو ما حدث في كثير من البلدان العربية والإسلامية حين تمّ إقصاء قوى سياسية ومجتمعية فاعلة في المجتمع بحجة الخوف على المجتمع من وصول قوى تستأصل الديمقراطية بأدواتها، ولذلك لا نستبعد أن تستخدم هذه القوى المقابلة «غير الديمقراطية» -كما تسمى- آلية الإقصاء نفسها، ولعلها في وقتها الحاضر تملك الطريق الموصلة إلى هذا الموقف في ردة فعل على الطرف الآخر.
إن المسألة ليست قطعة حجاب تلبسها المرأة مختارة أو تخلعها مختارة، لكنه صراع بين منهجين اختار أحدهما المنهج الديمقراطي في ممارساته واختار غيره المنهج الإقصائي في علاقته بالآخر، سواء كان الإقصاء باسم الإسلام أم العلمانية، وبذلك فقدت الأوطان قدراتها وقواها الفاعلة في صراعات جانبية شغلتها عن البناء التنموي الوطني، فخسرت الأوطان هذه القوى وأتاحت الفرصة لقوى لا تؤمن بالديمقراطية ولا بالعمل الوطني لتتصدر المسؤوليات في كثير من الدول العربية والإسلامية.
إن مثل هذه المواقف تعزز القول بأن الدول العربية أو الإسلامية ليست متهيئة لقبول الديمقراطية، وهو ما يوجب سيادة النظم «الدكتاتورية» واستمرارها، ليس في السياسة وحدها بل في كل جوانب الحياة.
ان العلمانية التي يحتار الإنسان في تفسيرها هي علمانية بفعل من يرفعون لواءها ويرددون بعض مقولات عنها أهمها حرية الفرد في اختيار دينه وفكره حتى ولو خالفت الأديان السماوية، وسلوكه حتى ولو خالف تعاليم هذه الأديان، وملبسه حتى ولو كشف ما يستطيعه من جسده .
هذه العلمانية قد ركبها الشيطان وفرضها على الشعب كعقيدة متناقضة مع الإسلام الذي يشكل ديانة 99% منهم واستطاع عن طريق أتباعه بالعمل السياسي في بعض الأحيان وبالقوة وتدخلاته في معظمها تظل أسيرة توجه الهوية والتي تعني دين أغلبية الشعب وتتبنى نهج الغرب المعاصر في كل مقولاته وخطواته إلا بندا واحدا لا أكثر وهو حرية الإنسان رجلا كان أو امرأة في اتباع تعاليم دينه الذي يعتقد أنه سيسأل عنه أمام خالقه بعد الموت
وقد تكون هذه هي المرة الأولى لهذا الجسد التي يدخل فيها مسجدا وقد تكون كذلك لأهله وأسرته والمقربين منه الذين يدفعون بعزيزهم إلى من حضر من المصلين الذين ينكرون عليهم تدينهم وسلوكهم وفكرهم ليقوموا بصلاة الجنازة قبل دفنه، ولتظل حادثة الموت الذي كتبه الله على عباده جميعهم برّهم وفاجرهم هي صلة هؤلاء الوحيدة بالدين الذي يتطلب مساجد وتتطلب لها مصلين لهم أئمة عندهم شيئا من علومه كانت هي الكوة التي وصلت هؤلاء بالماضي ينهل منها من أراد الله له الفضل بالاستزادة ..
معركة قد تبدو هزلية حتى لدى أوروبا التي لا تقبل بالدين، فالحكومة لم ترفع شعارا يقول ما فرض بالقوة لا يزال إلا بالقوة كما تفعل بعض ثورات التحرير ولكنها رفعت شعارا أشد صلابة يحتاج إلى نضال أكبر في الحالة يقول أن ما فُرض بالقوة مخالفا لرأي الشعب لا يُنال إلا بإرادة الأغلبية من هذا الشعب، وتزداد هزلية هذه المعركة عندما يخوضها العلمانيون وكأنهم يواجهون أصواتا ترفع السيوف وتطلق الرصاص وتحتل بحجاب نسائها الشوارع ومؤسسات الدولة بديلا عن العلم الأحمر الذي يرمز إلى دماء الشهداء مع الهلال الذي لا يمكن إخفاء رمزيته فيستخدمون تعبيرات لتجييش من يهمهم الأمر من مثل أن ارتداء الطالبات الحجاب في الجامعة ينسف الأسس وأنه تهديد للهوية وهدم للعصرية ..
نسف وتهديد وهدم، ويزداد الأمر هزلية عندما يحاولون ترويج أن السماح بارتداء الطالبات للحجاب رغم عدم فرضه على من تريد منهن هو مدخل إلى عودة وخصوصا الذي يسعى بكل ما لديه من طاقة وبرامج وتعهدات واتفاقات فلماذا يصر البعض على فرض رغبتهم على الجميع، ولماذا يصادرون حرية الآخرين؟
الأمر الذي حدا بالبعض للتساؤل " إذا كان المعتصم قد بعث جيشا لتأديب من أعتدى على إمرأة مسلمة واحدة ، فما بال المسلمين ،ومحجبات تونس يعتدى عليهن بالجملة ،في الجامعات والشوارع وداخل البيوت". و حرمت المحجبات حتى من الوضع داخل المستشفيات ، ومن العمل داخل المؤسسات التعليمية والطبية وأماكن العمل المختلفة ،لأنهن محجبات . ويحرمن المحجبات من الدراسة الجامعية ، اعتبار الحجاب الاسلامي الذي ترتدينه على اعتباره لباسا طائفيا مستوردا . وليس لنا ههنا الا ان نذكّرهم بقوله تعالى في سورة التوبة لعلّهم يرجعون الى رشدهم : "يريدون ان يطفؤوا نور الله بأفواههم و يأبى الله الا أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون " (التوبة 32)
وقد هلل الكثيرون لقرار البرلمان التركي برفع الحظر عن الحجاب في الجامعات التركية ،و في نفس الوقت ، ،تتعرض حرائر تونس لمأساة قل نظيرها في التاريخ .
الحجاب هو تحديا كبيرا لما يريدونه لتونس خاصة وللعرب وللمسلمين عموما من خيارات تغريبية ،لا خيار فيها للشعوب وللأمة الاسلامية ، وإن هي الا مراسيم فوقية تهدف لاجتثاث واستئصال أي تفاعل ايجابي بين مبادئ الاسلام وتعاليمه في حياة الفرد والمجتمع .
ومن هذا المنطلق يمكن فهم استماتة النظام التونسي في محاربي الحجاب واللحية وملاحقة الملتزمين بالاسلام في الدخل والخارج . وقد أفصح الكثيرين عن ذلك بطرق شتى ، فقد ذكر بعضهم في برنامج تلفزيوني رسمي ، أنهم ضد رؤية الحجاب في الأماكن العامة داخل المدن والجامعات .فهم يريدون أن يكون الحجاب أو تغطية الرأس من شأن العجائز ومناطق الظل الفقيرة والنساء في البيئات غير المتعلمة ليكون ذلك قرينة ضد الاسلام وتعاليمه ،من وجهة نظرهم .
أما أن ترتديه الطبيبات والمهندسات والطالبات إلى جانب بقية فيئات المجتمع الأخرى ، فهو الفشل بعينه ، من وجهة نظرهم في إقناع القيم الأجنبي بمدى نجاحهم في تغريب شعبهم ولا سيما النساء .و يلاحظ أن تعلة اللباس التقليدي ، وأن الحجاب مخالف لذلك ، موجودة في كل الدول التي تحارب الحجاب ، ولا سيما تركيا وتونس ، وهو كذلك على كل حال .
لكن السؤال المطروح هو هل ما يرتدونه من ملابس مستوردة متطابق مع ما يدعون المحجبات إليه. أما الذين يرفضون الحجاب في فرنسا وهولندا والنمسا و غيرها ، فهم يقولون إنه انتماء ديني وتعبير ثقافي يهدد هويتنا ؟
تعبير عن همجية جديدة ، ترى في التعدد تضادا ، وفي الحرية تهديدا ، وفي التعايش مساسا بالهيمنة التي تسكنهم ،إلى جانب الخوف المعبر عن الضعف ،وعدم الثقة في النفس .ومن خلال التعلات الغريبة والحقيقة أنها جهات متنفذة يتبين لنا حجم الاجرام في حق الحجاب داخل تونس ..
وأن رفض الحجاب ومحاربة حرائره هدفه محو الانتماء الديني والتعبير الثقافي عن الهوية داخل بلد عريق في اسلامه ،عرفه الصحابة والتابعون وعلماء أجلاء من أمثال أبي زيد القيرواني ،والامام سحنون ،وابن خلدون ،وابن عرفة ،وابن عاشور ،والشاذلي النيفر ،وعبد الرحمن خليف ، وغيرهم رحمهم الله جميعا ..
فكرة الزواج الجماعي
يرى الأخصائيون أنّ عدم زواج الفتاة يعطّل تطوّرا طبيعيا خلقه الله في كلّ أنثى ألا وهو إشباع غريزة الأمومة . وممّا يزيد من حدّة المشكلة أن الشاب يجد صعوبة في الزواج بسبب المسؤوليّة الماديّة الكبيرة، فضلا عن مشكلة البطالة المتفاقمة.
كذلك، يشير بعض علماء الاجتماع إلى أنّ الفتاة المنشغلة بالدّراسة والتكوين وتامين المستقبل المهني، قد تفوّت على نفسها بعض الفرص السابقة للزواج. لكنّها في مرحلة لاحقة، قد تلجأ إلى قبول أيّ زوج مقدّمة بذلك الكثير من التنازلات مثل بأرمل أو مطلق أو كبير في السنّ، وبالتالي تكون نسب فشل هذه الزيجات مرتفعة.
أمّا بالنسبة لعلماء النفس، فهناك إشارة إلى أنّ الأمور تغيّرت وكذلك فإنّ آثار تأخر سنّ الزواج تختلف وفقا للحالة الاجتماعية والوضعية المهنيّة للفتاة. ولعلّ الأثر الأقوي الذي يصيب الفتاة هو عندما تصوّر بأنّها هي التي تتسبّب في تأخر زواجها عند رفضها العديد من العروض.
وأمام معوقات الزواج وتشابكها ومع اختلاف الأسباب، فإنهّ لابدّ من إيجاد الحلول الملائمة لمعضلة بطالة الشباب الذين ينامون على الكنوز ليلا ولكنّهم يستيقظون على الأحلام وعلى الواقع المعقدّ وشبه المستحيل. فإنّ فكرة الزواج الجماعي قد أثبتت نجاحها ويمكن استثمارها قصد تشجيع الشباب على الاستقرار. وبطبيعة الحال، تبقى مسألة تغيير العقليات بخصوص بعض التقاليد والعادات وممارسات الجانبين، من الأمور الأكثر تعقيدا. وقد أحدث الإسلام نهضة شاملة في صفوف الرجال والنساء منذ نزل الوحي وفجّر ثورة من أجل إعادة الاعتبار للإنسان في الحريّة و العدل والمساواة والكرامة و كان التكريم الإلهي للإنسان عامّة
ومن مظاهر المساواة بين الرجل والمرأة : المساواة في الخلق و في التكريم و الاستخلاف و حمل الأمانة اذ يقول الله تعالى في سورة الأعراف"هو الذي خلقكم من نفس واحدة"(الأعراف189) و يقول الله تعالى في سورة الأنعام "وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة "(الأنعام98) و يقول تعالى في سورة الإسراء " لقد كرمنا بني وآدم وحملناهم في البر والبحر "(الإسراء70) وذريّة آدم لا تختص بالرجال فقط.
و يقول تعالى في المساواة في الاستخلاف و حمل الأمانة:" وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون "(الذاريات 56) وقال عليه الصلاة والسلام: "النساء شقائق الرجال" والأصل في الخطاب الشرعي شموله للرجال والنساء إلاّ ما ثبت فيه اختصاص ما. و قال تعالى " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر" (التّوبة 71) وورد في التّرمذي أنّ أمّ عمارة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلّم : ما أرى كل شيء إلاّ للرّجال وما أرى النّساء يذكرن بشيء فنزل قوله تعالى :"إنّ المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات ..." (الأحزاب 35).
و قال تعالى:"لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض"(آل عمران 159) . وتصل المساواة إلى حدود النّبوّة عند بعض العلماء. وهذا دون نفي الخصوصيات وتنوّع الأدوار بين الرجل والمرأة.
و كان المجتمع العربي بدويّا وجاهليّا تسوده القيم القبليّة تعاني فيه المرأة كل أنواع التسلط والتعسف والحرمان من كل الحقوق وتعاني من التبخيس إلى حدّ الإحساس بالعار والهون عند ولادتها و قال تعالى :" وإذا بشّر أحدهم بالأنثى ظلّ وجهه مسودّا وهو كظيم "(النحل 58 ).
ان الفوضى، والتطرف والعنف مصدرهم هو الظلم والإقصاء لاغير لقد بدأ المجتمع التونسي يسترجع انفاسه و عافيته وأخذ المنتظم الدولي عموما يكتشف أن سياسة الإقصاء والقبضة الأمنية لا يمكن أن تؤسس لاستقرار دائم، بل وبات يرى فيها مصدرا لتهديد أمنه الداخلي، ولقد بدى الإسلام السياسي متمايز عن غيره من الاتجاهات الشمولية والعنيفة وهو الذي اثبتت الايام اسماتته في تبنّي الخيار الديمقراطي السلمي وأخذت القوى العلمانية تبحث لها معه من نقاط اللقاء معه لصياغة ميثاق وطني جديد يؤسس لحياة ديمقراطية متقدمة وبات النظام محجوجا إزاء الرأي العام الدولي والمحلّي وأصبح عرضة للنقد من قبل شركائه في الخارج. ، ولمن ساوره شك في ذلك أو اعتقد أن سياسة القبضة الأمنية كفيلة بإدامة الاستقرارفهو مخطئ.
فهل من مجيب لدعاء الاموات بلا اكفان و بلا قبور؟
لقد طالت المحنة شريحة واسعة من أبناء تونس، ونقدّر أنّ الضّحايا بالآلاف من مستويات مختلفة (مهندسون وأطبّاء، أساتذة تعليم ثانوي ومعلّمون، خبراء، فنّيون وطلبة...) يخضع جلهم إلى المراقبة اليوميّة، والتّهديد واستعمال العائلة والأبناء أداة ضغط عليهم لتحطيم معنوياتهم.
طوبى للسابقين الأولين ، طوبى للفقراء المهاجرين ، طوبى لمن آووا و نصروا ، طوبى للذين تبوّؤوا الدار و الإيمان ، طوبى للذين قالواربنا اغفر لنا و لإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاّ للذين آمنوا ربنا إنّك رؤوف رحيم. (من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا)( الأحزاب 23) اللهم ارحم شهداءنا الأبرار و أصلح حال عبادك الأحرار .آمين
الايام تتوالى ولا تتشابه و الاحبة يغادروننا بلا استئذان ولا ندري متى نرحل للالتحاق بهم . هم السابقون ونحن اللاحقون نسأل الله لنا ولهم العافية ان قلوبنا تخشع و اعيننا تدمع ولا حول ولا قوّة الا بالله العلي العظيم.
غدا من سيكون التالي في القائمة ، ترجل فرسان كُثر و سيبقى الفرسان يترجلون الواحد تلو الآخر إلى أن يرث الله الأرض و من عليها ، هذه سنّة الله في خلقه لا نحيد عنها و لن نحيد.
الموت آت لا محالة وكأسه دوّارة نتذوقه تباعا و رحًاه تدور تطحن كل واقف ، تكلم فيها كثيرون فأجادوا ، أحبها القليل كل حسب نيته ، منهم من رأى فيها خلاصا و منهم من رأى فيها مغامرة ، و لكن كرهها السواد الأعظم من الخلق فما استطاعوا لها دواءً و ما اسطاعوا لها صرفًا. فهل لنا ان نتدبّر ونستعدّ لقدر الله المحتوم بالعمل واخلاص النية لله وحده و نجلنا لنا شعار " نعمل جميعا فيما نتّفق عليه ويعذر بعضنا بعضا عما فيه نختلف".
إنّ الإقصاء الفكري أوالسّياسي أوالاجتماعي أو جميعهم لن يُولّد إلاّ مزيدا من الاحتقان... ونحن ندعو الجميع الى التدخل حتّى يُوضع حدّ لهذه المحنة التي طال امدها وما قد يؤول إليه الوضع في وطننا، ونَهيب باكل قوى الحيّة في البلاد سواء الأحزاب السّياسية أوالمنظّمات الحقوقية أوالإطارات الادارية ، أو الجامعيّين، الإصداع بالحقّ والمساندة في هذه المحنة حتّى يُوضع حدّ للإقصاء والتهميش، والترويع ، للمساجين السياسيين السابقين وتهديد أبناءهم وحرمانهم من حقوقهم في وطنهم الّذي أصبحوا فيه غرباء.
هؤلاء الصامدون المحتسبون الصابرون طوال السنين الطوال‘ نسال الله العلي القدير ان يفرّج عليهم قريبا‘ انه سميع عليم‘ ولا ننسى اخواننا المسرّحين الممنوعين من العمل او من السفر ولا المشردون في جميع اصقاع العالم‘ نسال الله تعالى ان يجمعنا و اياهم على ارض الخضراء الحبيبة‘. وإنّهم مهما تحلّوْا بالصّبر والثّبات ، إلاّ أنّهم مع مرور الوقت وتعاقب السّنين دون انفراج لوضعهم، خاصّة عندما يُمنع بعضهم من جوازات سفرهم، ويُقصى العديد منهم من المناظرات الوطنية وهو ما يمكن أن يُمثّل - مع شعورهم باليأس والإحباط - خطرا حقيقيا على تفكيرهم.
حان الوقت لتجديد الخطاب
لقد تعوّدنا ان نجعل من خطابنا وسيلة لنقل الفكرة ومخاطبة النّاس بها و لا تركّز على الاشكاليات والصعوبات التي تتولّد عن الاوضاع الاجتماعية والسلوكية و النفسية للمجتمع .
لقد غلب على خطابنا في الماضي عند صراعنا مع الفكر اليساري و العلماني والعروبي في رفع التحدّي و العودة بالدولة الى موقع الاستقلالية والمقاومة الفكرية والايديولوجية من قضايا حقوق الانسان و الحريات و الشورى وحقّ التملّك و مقاومة الاستبداد والحكم الفردي و بذلك انصرفنا عن هموم الامة الكبرى لان خطابنا كان مغلّف بالبعد العاطفي و الوجداني و هذا مطلوب ولكنّه غير كاف.
إننّا واعون بالمستجدّات والمتغيّرات والّتي مع الأسف الشديد يُغالب البعض القفز عليها وتجاهلها خدمة لمصالح ضيّقة واهيّة وخدمة لأجندات خارجيّة مشبوهة.
ونحن، لا نرى أن من مهمّات المعارضة الوطنيّة القطيعة مع السلطة السياسيّة وأجهزة الدولة ، بل نرى الصواب في التفاعل مع المكاسب ونقدا للأخطاء وكشفا للثغرات ومُطالبة لا تنقطع بإقرار المزيد من المبادرات لتعميق الإصلاح ، وهذا ما يمكن أن نُساهم في الارتقاء بالعلاقة بين مختلف مكوّنات المشهد السياسي إلى علاقة الشراكة والجهد الموحّد خدمة للمصالح العليا للبلاد وللشعب.
إنّ المجال اليوم هوللعمل والاشتغال بصدق ودونما شعارات فضفاضة وخادعة، هذه الشعارات الّتي خلناها قد اندثرت من القاموس السياسي بسقوط حائط برلين وتهاوي أكبر الإيديولوجيّات في العصر الحديث ، لكنّ إفلاس بعض الأطروحات يبدو أنّه أعادها إلى الواجهة كشمّاعة لتعليق حالتي الإحباط والتخبّط .
وإن كنا لا نريد فتح ملفات الماضي فإنّه لا يتجاهل المعرفة الحاصلة بتاريخ التجربة السياسيّة المُتداخلة التي لم تقف بعدُ بوصلته عن الدوران في كلّ الاتجاهات والمناحي شرقا وغربا ، يمينا ويسارا ، بحثا عن دعم وسند لمشروع قوامه الوهم والتخيّل والزعامة ، مشروع مُنقطع وبعيد عن واقع البلاد ومنشدّ أكثر ممّا هو منشدّ إلى إيماءات من خارج حدود الوطن.
إنّه بقدر استغرابنا من المسلك الّذي ينهجُهُ هذا او في إثارة الضغائن والأحقاد ومحاولات الركوب علي أهواء الزعامة والمجد السياسي المفقود. غير أنّ الانقطاع عن الهموم الحقيقيّة للبلاد وحاجتها المتأكّدة إلى إثراء روح التواصل بين كلّ الفاعلين في الحقل السياسي الوطني وتحقيق انسجام جديد يتوافق مع طبيعة المرحلة الانتقاليّة الّتي تمرّ بها التجربة الديمقراطيّة التونسيّة يحثّ البعض على انتهاج مسلك المغالطة الّتي لم تعُد تنطلي على أحد اليوم، فمن كان سبّاقا إلى عقد الموالاة ثمّ الإعلان عن القطيعة ثمّ العودة عنها ثمّ الرجوع إليها وهكذا دواليك ، لا يستقيم حال من لا يرغب في استقامة حاله.
كما نرى أنّ الإصلاح الحقيقيّ ليس في رفع سقف المطالب إلى السماء، كما أنّها ليست في تجريم الآخرين والحطّ من منزلتهم واتهامهم بما ليس فيهم والنبش في نواياهم أو في تلقّي الأجندات الخارجيّة والارتماء في أحضان الأجانب والمستعمرين ، إنّما هي تلك الّتي تجتهد يوميّا في الالتصاق إلى مشاغل وهموم المواطنين والاقتراب من رصد تطلّعاتهم وطموحاتهم والكشف عن حاجاتهم الأساسيّة والّتي من أبرزهاالتعليم والصحة و الشغل ولُقمة العيش الكريم وإيجاد المزيد من الفضاءات والفرص للحوار والجدل وتبليغ الآراء والمواقف في أجواء من التعايش والألفة والمحبّة.
وإنناّ على قناعة بأنّ من المهمّات الأساسيّة لنا في الوقت الراهن هو تأطير المناضلين والحرص على فتح الطريق أمامهم للمشاركة في الشأن العام بعيدا عن منطق الإثارة والفوضى والارتماء في أحضان المجهول،ناهيك وأنّ العالم بأسره يشهد اليوم عزوفا غير مألوف ومن الشباب خاصّة في الالتفات إلى الشأن العام.
إنّ المهمة الاساسيّة التي هي من أولوياتنا هي المهمة الاجتماعيّة والثقافيّة والتربويّة وهي أولوياتنا المُطلقة في هذه المرحلة ولا يُمكن أن تكون مواعيد انتخابيّة لم يحن موعدها بعد مشغلة تقتضي القفز على واقع المواطن وتطلّعاته ، كما أنّ إعلان الترشّح وإن كانت سابقة لأوانها و لا يُمكن للحملات الانتخابيّة أن تجري خارج حدود الوطن .
إنّ الإدعاء بالتحكّم في قلاع النضال السياسي وحسن إدارتها من أشدّ أوجه المغالطة ومن أبرز تجلّيات الممارسة السياسيّة الخاطئة وهو يُخفي في باطنه عجزا في فهم حدود المسؤوليّة وفشلا في إدراك حقيقة الصراع الدائر اليوم وتكاد تعصف بخيرة أبنائنا من الشباب .
من المسائل التي يجب عليها اعطائها اكثر قدر من الاهمية هي القضايا ذات البعد الوطني الموافقة والمنسجمة مع البعد العلمي للأمة الاسلامية وكيقية ترجيح العملية السياسية القطرية.
و في الاخير ليس لنا ملجئ الا لله نشكو له حزننا ‘ و نقول حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فهو نعم المولى و نعم النصير ‘ فهو ربّ المستضعفين وهو ربّنا‘ وحسبنا الله و نعم الوكيل ونستلهم موقفنا هذا من دعوة الله في منزّل كتابه الكريم ‘‘ الذين استجابوا لله و الرّسول من بعد ما اصابهم القرح ‘ للذين احسنوا منهم و اتقوا اجر عظيم‘ الذين قال لهم النّاس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل ‘ فانقلبوا بنعمة من الله و فضل لم يمسسهم سوءا و اتّبعوا رضوان الله و الله ذو فضل عظيم ‘‘ (آل عمران 172 ) " من عمل صالحا فلنفسه و من أساء فعليها و ما ربّك بضلاّم للعبيد" (فصلت 46)
خيارنا الدعوي السلمي
ونحن اذ نعتزّ بمشروعنا الحضاري وخطّنا الدعوي السّلمي ندعو اخواننا بالتمسّك بوحدة الصفّ و الدعوة للتصالح فيما بين شعبنا بجميع فؤاته و مكوّناته بدون اقصاء لأننا نؤمن بأن أمل شعوبنا فينا كبيرما دمنا متمسّكين بديننا و قيمنا و هويتنا و هذا ما نصبو إليه من أجل عزة تونس و كرامة شعبنا. فالتغيير السلمي لا يمكن الجمع بينه وبين راديكالية العنف
فالموضوع هو رفع التحديات وقبول الصعاب ، لإنجاز الهدف القابل للتحقيق وأن الصعاب عندما لا تدمّرالشخص ترفعه وما يجعلنا على ثقة بأن رهاننا معقول و هو أنه ليس وليد حسابات أوردود فعل ظرفية أوبحث عن مواقع في السلطة.
ان المجتمع التونسي عرف كيف يتعامل مع الواقع منذ النصف الثاني من التسعينات اذ انتج موجة جديدة من التدين لدى الشعب التونسي اللأبي وهي في تزايد و تناسق تام مع اتساع و امتداد المد الاسلامي الذي عم العالم الغربي والاسلامي على السواء وربّ ضارة نافعة. تصديقا لقوله تعالى في سورة البقرة اذ قال : " وعسى ان تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم و عسى ان تحبّوا شيئا وهو شرّ لكم والله يعلم و أنتم لا تعلمون" (البقرة 216)
كما فشلت خطة السلطة في دفع اتباع هذه الحركة الاسلامية المباركة الى انتهاج العنف او الى التخلي عن معارضتهم السياسية وفشل في فل عزيمة المساجين او ارهابهم من اجل ان يتخلوا عن قضيتهم او موقفهم المعارض لقمع السلطة واستبدادها بالسلطة وهم في سبيل ذلك قدموا الكثير من التضحيات وهو ثمن باهض وصل في بعض الحالات الى الموت ودفع الكثير منهم بصحتهم فداءا من اجل وطنهم و قضيتهم.
وصدق الله العظيم اذ قال في سورة آل عمران: "يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقّ تقاته ولا تموتنّ الا وانتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعاولا تفرّقوا و اذكروا نعمة الله عليكم اذ كنتم اعداءا فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا" (آل عمران 103)
فالشخص الملتزم عندنا، هو مثل الشّجرة الطيّبة الثّابت أصلُها و المعانقُ فرعُها عنانَ السّماء القادرة على التخلّص من أوراقها الصّفراء و أغصانها اليابسة لتثمر من جديد، وهو مطالب بالمراهنة على طول النفس والقبول بأن علينا أن نزرع لكي يأكل شعبنا مثلما زرعوا فأكلنا . اذ كان جامع الزيتونة أسبق المعاهد التّعليميّة للعروبة مولدا وأقدمها في التّاريخ عهدا حمل مشعل الثّقافة العربيّة 12 قرنا ونصف بلا انقطاع وكان لرجال الزيتونة وعلمائها دوركبيرفي النهضة والإصلاح.
كنا قبل المحنة العظمى وهي محنة تهجير قيادة الحركة نتجشم الصعاب الأمنية للإلتقاء مرة في الأسبوع في مكان آمن لنتدارس ديننا أو نستمع لشريط نخفيه. وقد ذكر ابن خلدون في مقدمته: أن الطوائف المحتسبة من أهل العلم ما قامت على سلطان عادل أو ظالم إلا كانت الدائرة على تلك الطائفة؛ لأنها جهلت المنهج النبوي: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان». فلا مساومة في الحقوق الغير قابلة للتصرف ولا التخلي عن الأهداف التي ضحت من أجلها الأجيال. أمّا العناصر التي اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار فكلّ ريح تعصف بها وتحيلها إلى أعجازمنقعر.
طاقات بشرية ومادية عظيمة أهدرت وحولت عن موضوعات البناء والتنمية والنهوض العلمي والتقني والوحدة الوطنية والتصدي للتحديات الخارجية الى موضوعات تقسيم الصف الوطني وانهاكه في تحديات سياسية وأمنية داخلية على حساب التشييد والاعمار والانماء ورص الصفوف في قضايا الاستعمار والتخلف المادي والمعرفي في زمن العولمة وأن الإسلاميون في تونس هم واقع بشري و سياسي لا يمكن بأيّ حال من الأحوال تجاهله مهما كان التقيم للظّاهرة الإسلاميّة أو أداء المنتمين إليها طيلة العشرينّات الفارطة...
وأن النزبف لازال مستمرا و لم يتعظ الكثير من القادة من تجارب فاشلة على الصعيد السياسي , ولقد كان أحرى وأجدر أن يمتلك القائمون عليها شجاعة المراجعة والتقويم بدل الاصرار على المغامرة بأجيال جديدة أوشحذ الهمم باتجاه فكرة الصراع والمواجهة مع أبناء الوطن الواحد والمصير المشترك بفك الاشتباك وتطبيع العلاقات بين قوى المجتمع والحكومات الذي بات ضرورة لاتحتمل التأخير...
مجتمعات مدنية اسلامية لابد أن تتمايز عن أجندات مجتمعات مدنية وهبت مفاتيح تصرفها ومساهمتها وترشحها واشتباكها وصراعها وخصومتها لقوى خارجية تسندها ماديا وسياسيا وأدبيا واعلاميا في مقابل طموحات مخفية لاعادة رسم خرائط المنطقة ...
أن خلافاتنا ومهما بلغت مع الاخر ومهما بلغت درجة التقصير فان ذلك لن يبرر الخروج عليه بمنطق السلاح أو الجلوس مع أعدائه وأعداء الأمة إذ لا يمرّ أسبوع واحد تقريبا إلاّ ونسمع أنّ السّفيرالأمريكي أو أحد معاونيه أو "الخبراء" القادمين من الولايات المتّحدة الأمريكيّة للتقابل مع أمين عامّ حزب معترف به أو قيادي من حزب غير معترف به أوشخصيّة تونسيّة مرموقة تنشط في الحقل السّياسيّ أو الحقوقيّ أو الجمعويّ
فلماذا كلّ هذا الصّمت ولمصلحة من؟
لماذا لا تفتح السّلطة حوارا جديّا وبنّاءا مع مكوّنات المجتمع المدنيّ والأطراف السّياسيّة التي قبلت بالعمل في إطار القانونيّة وعلى أسس مدنيّة حول جميع الأوضاع والقضايا التي تعيشها البلاد؟
أن سياسة الإنغلاق ورفض الحوار تؤدّي حتما إلى تشجيع التدخّل الأجنبيّ في الشّأن الوطنيّ وهذه السّياسة تدفع إلى ألإحباط وانعدام الأمل في أيّ التغيير بالإعتماد على الشّعب ونخبه المناضلة والمتمسّكة بالثّوابت هذا النهج يؤدّي حتما إلى نتائج كارثيّة على الجميع على البلاد وشعبها وسوف لاتخرج منه الا الدّوائر الإستعمارية المستفيدة الوحيدة في النّهاية.
نحن مدعوون اليوم أكثر من اي وقت مضى الى أن نكون في مواجهة كل أشكال الارهاب المادي والفكري الذي يروج له البعض دون الوقوف على حقيقة الاسلام كدين علم وحضارة وتسامح مع الأقليات والمدارس الفكرية والسياسية المخالفة ...
نحن اليوم ندعو أصحاب القناعة الاسلامية الوطنية الصادقة أن لا يكونوا جسرا للاخر ليبرر تدخله في تفاصيل مشهدنا الوطني
ونحن ندعو اخواننا للتفرغ للحقل الدّعوي و اعطائه المكانة التي يستحقّها و هذا اولى من المجالس التي لا تقرّبنا الى الله تعالى و تكوين الشباب على هذا النهج الخالد الذي كان عليه أسلافنا الكرام.
لقدغرست الزيتونة في تونس عام 114 ه لتكون مثابة أمن وعلم وتقدم في القارة السمراء فكانت كذلك حتى فاض خيرها على الأزهر ذاته وهوالذي وقع تشييده بعدها حتى تحالفت العلمانية مع الإستبداد في تونس في عهد بورقيبة وأول ضحاياه كان جامع الزيتونة الأعظم
ولقد ظلت الزيتونة ترعى أهلها وبلادها حتى طمس الإستبداد نورها وقبرها حية فأضحى الناس من حولها كاليتامى وخاصة المرأة التونسية التي لم يجرؤ ظالم على نزع خمارها من فوق رأسها حتى نزعت منارة الزيتونة وسيق رجالها إلى المشانق والسجون وشرد في الأرض من شرد وضرب الصمت على فقهائها.
منذ أواخر الخمسينات وخروج الحظور العسكري الاجنبي إلى حدود بداية الثمانينيات، كان الفكر الماركسي في تونس وفي العالم العربي هو الأداة لتحليل الواقع ونقده، للمنهج المعتمد لدى الشباب الحالم بالمشروع الاشتراكي القائم والمعتمد على ومجتمع بلا ظلم ولا استغلال ولا طبقات. لكن سرعان ما تهاوى الحلم وبانهيار الاتحاد السوفياتي و ما يدور في فلكه من تجارب، الواحدة تلو الأخرى. ورغم محاولات الفصل بين الفكرة وتطبيقاتها، فإن ذلك لم يضع حدا لانحسار اليسار وتراجعه التاريخي وفقدان جزء مهم من جمهوره.
لقد تتراجعت الأفكار والقيم الأخلاقية في البلاد التونسية وغيرها أمام مفاهيم اقتصاد السوق وتكنولوجيات العولمة، لكن هذه المفاهيم والتكنولوجية سرعان ما تُشعر الأفراد والمجتمعات بضرورة البحث عن معنى حقيقي للحياة الجديدة، وهذا ما يعيد الانسان من جديد إلى عالم الغيب والمرجعيات الاسلامية والتمسك بما يعتبرمن الثوابت والمقدسات التي لا تقبل التقاش. فالأحلام و المثل ضرورة من ضرورات الحياة الفردية والجماعية .
ان انتشارالخطاب السلفي بعد احداث سبتمبر 2001 جاء تعبيرا عن حالة رفض واحتجاج على ما هو سائد في البلاد. بناء عليه، ليست السجون والأحكام القضائية الثقيلة هي التي ستصحح وعي هؤلاء بالزمان والمكان والمستقبل. انّهم في حاجة إلى الحوار لفهم الأسباب العميقة التي أدت بهم إلى تبني هذا النمط من الخطاب. كما يتطلب أن تعيد بقية الأطراف النظر في دورها وفي علاقاتها مع بقية الشرائح الخائفة من المستقبل،الشاعرة بعدم القدرة على التحكم في المتغيرات. هذه المتغيرات التي تحدث من دون أن يكون هؤلاء شركاء فاعلين في صنعها، أو على الأقل في التحكم في نتائجها ومضاعفاتها المباشرة على مستقبلهم ووجودهم.
ولقد أصدرت «الجمعية الدولية لمساندة المساجين السياسيين» تقريرا تضمَّن تحليلا لما تضمنته ملفات 1208 من المعتقلين في قضايا أحيل أصحابها إلى القضاء تحت طائلة قانون مكافحة الإرهاب الذي بدأ العمل به منذ العام 2003. وضحايا هذا القانون هم بالأساس من أبناء التيار السلفي. ولقد كشفت هذه الدراسة أن الشريحة العمرية الرئيسة لهؤلاء تتراوح بين 25 و30 عاما. وهي قد تنخفض أحيانا لتصل حدود 19 عاما. أما بالنسبة للتوزيع الجغرافي، فإن %46 منهم ينحدرون من مناطق شمال تونس، و%31 من وسط البلاد، في حين أن %23 فقط هم من أبناء الجنوب.
أغلب هؤلاء عمال، إلى جانب وجود عدد مهم من الطلبة والتلاميذ، ولا يوجد من بينهم سوى عدد قليل من العاطلين عن العمل، ولم تتجاوز نسبة أصحاب المهن الحرة سوى %3. وبغضِّ النظر عن الخلفيات الاجتماعية لهؤلاء، إذ إن المعطيات التي تم التوصل إليها جاءت مغايرة لعديد التوقعات والأفكار السائدة، فالواضح من العينات التي قدمت أن هناك كتلة مهمة من الشباب التونسي لم تجد في الخطاب الرسمي أو في خطاب النخبة أو حتى في خطاب الحركة الإسلامية ما يلبي حاجاتها الدينية والسياسية والأخلاقية، فلجأت إلى مرجعية أخرى تقطع مع محيطها ومع تراكمات المراحل السابقة من تاريخ تونس.
ان الاستتنتاج الذي نخرج به هو انّ أنين الزيتونة لن يعمّر طويلا إن شاء الله سبحانه وقوافل الصحوة الإسلامية المتجددة جيلا بعد جيل تملأ البلاد من القرى والمدن وصدى الرجوع من حولها يتردد فان للزيتونة ودينها في تونس رجال ورب يحميها فهو الذي حمى بيته الشريف وكعبته الكريمة من أبرهة بطير أبابيل. فاعتبروا أيها الاخوة الكرام في الدّاخل و المهجر وأعيدوا القراءة من جديد وهذه نصيحة من أخ ناصح محب (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أُنيب).(هود 88) وهذا يؤكد أن حركة النهضة لا يمكن أن تكون عودتها إلا عودة تجديدية.
وفي الختام نجدّد الطلب بوضح حد للمضايقات للمساجين القدامى وتمكينهم من حقوق مواطنتهم الكاملة المكفولة دستوريا. "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِين َتَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِك َلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ "( آل عمران 104.105) و صدق الله العظيم اذ قال في سورة الاسراء : " وقل جاء الحقّ وزهق الباطل انّ الباطل كان زهوقا" (الاسراء 81) و السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
باريس في 8 مارس 2008
بقلم : عبد السّلام بو شدّاخ، احد مؤسسي الحركة الاسلامية في تونس
المصدر: بريد الفجرنيوز


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.