غضب كبير داخل حزب التيار الديمقراطي وتململ واضح في صفوف حركة الشعب وتحفظ في صمت عند حركة تحيا تونس بعد أن أنهى رئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي المشاورات الشكلية التي أجراها لاختيار أعضاء حكومته بإعلانه التخلي دون رجعة عن فكرة حكومة حزبية بكفاءات واختياره تصورا آخر يقوم على تشكيل حكومة من خارج الحزام الحزبي ودون سند من الأحزاب الممثلة في البرلمان سماها حكومة " تكنوقراط مستقلة تماما " وسبب عدم الرضا الذي نجده على الأقل عند التيار الديمقراطي وحركة الشعب مرده عدم القبول بالتمشي والطريقة والتصور التي اعتمدها المشيشي بتعليمات أصبحت اليوم غير مخفية من الرئيس قيس سعيد بتجاوز الأحزاب السياسية وتجاهلها في تشكيل الحكومة الجديدة بالاعتماد على أسماء غير متحزبة ولا تنتمي إلى أي حزب سياسي لا من قريب ولا من بعيد على اعتبار أن هاذين الحزبين يعتبران أن حكومة الفخفاخ لم تكن فاشلة وأن الكثير من وزرائها قدموا أداء مقبولا ولولا أزمة تضارب المصالح التي وقع فيها رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ لواصلت عملها وبالتالي كان على المشيشي من باب الإنصاف والمصلحة الوطنية وربح الوقت أن لا يتم التخلى عن كل وزراء الفخفاخ ويحافظ على البعض منهم لمواصلة العمل الذي بدؤوا فيه. غضب التيار والشعب من فكرة الرئيس قيس سعيد التي يواصل فيها المشيشي تكوين حكومة مستقلة تماما كما قال مرده الإحساس بأنه قد تم التلاعب بهما واستغلالهما وتوظيفهما في تنفيذ برنامج الرئيس حل البرلمان وتجاهل الأحزاب في العملية السياسية بعد أن كان لهما الفضل الكبير في اسقاط حكومة النهضة ولعبا دورا في رفض إعطاء الثقة لحكومة الجملي وبالتالي ارجاع المبادرة في تشكيل الحكومة والتحكم في اللعبة السياسية من النهضة الحزب الفائز في الانتخابات إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد لتعيين الشخصية الأقدر حسب نص الدستور بما يعني أن التيار والشعب قد شعرا من خلال اللقاء الذي جمعهما مع هشام المشيشي أنهما سقط في فخ سياسي قاتل بعد أن تحولا إلى «قنطرة سياسية» لتمرير فكرة الرئيس وتطبيق مشروعه السياسي الذي يقصي الأحزاب السياسية ولا يعترف بدورها في الشأن العام بل يعتبرها عبءا معطلا. فمن خلال فكرة حكومة الرئيس التي دافع عنها الشعب والتيار تم اختيار إلياس الفخفاخ الذي جاء به قيس سعيد من حيث لا ندري ولا نعلم الاساس الذي تم بناء اختياره عليه لرئاسة الحكومة قد تم إبعاد النهضة الحزب الفائز في الانتخابات وتم تقزيم حضورها ودورها في الحكومة وما الصراعات التي حصلت بين النهضة والتيار والشعب إلا دليلا على الدور الذي لعباه في تهميش النهضة في الحكومة في استراتيجية تقليص حجمها كحزب فاعل ومؤثر في العمل الحكومي بما يعني ان التيار والشعب يعتبران ان الفضل يعود إليهما في تشكيل حكومة الفخفاخ بتلك الطريقة التي تم بها إبعاد حركة النهضة من التأثير الفعلي في الحكومة وتهميش دورها واليوم بعد أن حصل كل ذلك يكافئ قيس سعيد من وقف معه في عدم فرض النهضة حكومتها وسلطتها بإبعادهما نهائيا من السلطة والحكم خاصة وأن التودد الذي قاما به لدى رئيس الحكومة المكلف بالإبقاء على الوزراء الناجحين للتيار والشعب قد قوبل بعدم الاستجابة و بالرفض القاطع. واليوم وبعد هذه التطورات التي حصلت وبعد هذه المفاجآت القادمة من قصر قرطاج على لسان رئيس الحكومة المرتقب وهذا التصور الذي أفصح عنه المشيشي بالذهاب نحو حكومة مكونة من كفاءات غير متحزبة ومن خارج الدائرة السياسية ومن تكنوقراط .. واليوم و بعد أن شعر التيار والشعب أنهما في حكومة الفخفاخ قد لعبا دور القنطرة لتمرير فكرة حكومة الرئيس وأنهما بتصرفهما الذي أسقط حكومة الجملي التي كان يمكن أن تمر بعد أن حصلا فيها على ما يريدان من حقائب وزارية قد عبدا للرئيس قيس سعيد الطريق للمسك أكثر باللعبة السياسية وسلما له الحكم على طبق من فضة و سهلا له تنفيذ المشروع الذي يعمل منذ قدومه للحكم على تحقيقه و تهيئة مشهد سياسي من دون أحزاب سياسية فان التيار والشعب قد أعربا عن قلق وحيرة شديدتين ورفض تكوين حكومة من خارج الحزام الحزبي وطالبا بالتراجع على هذا التمشي وإعادة النظر في الفكرة والتصور. المشكل فيما يحصل اليوم في تشكيل الحكومة أن التيار والشعب قد تفطنا متأخرين من أن إشراكهما في حكومة الفخفاخ لم يكن من أجل الرغبة في تشريكهما لكفاءة وزرائهما أو لقيمة برنامجهما الاصلاحي وإنما التشريك كان من أجل استعمالهما قنطرة لتنفيذ ما اصطلح عليه بحكومة الرئيس ومن اجل ابعاد النهضة عن الحكم ومن أجل تعبيد الطريق لمزيد تحكم قصر قرطاج في المناورات السياسية وكل توازنات الحكم…