لا يمكن منطقيا و عمليا و بديهيا إرساء الديموقراطية الصحّ دون وجود محكمة دستورية قائمة الذّات يُلتجؤ إليها في كلّ كبيرة و صغيرة كلّما حدثت مشكلة وجب حلّها لتفادي تضارب القراءات المختلفة لفصول الدّستور حسب مزاج و مصلحة الإتّجاهات و النّيات و الأهداف السياسية المتنافرة المتعارضة .. نحن نعلم ، والسّياسيون يعلمون جيّدا مدى أهمّية ونجاعة هذه المحكمة العليا بالذّات في ترتيب الأمور و ضمان سلامة و سلاسة المرور نحو رحاب الديمقراطية التي نرنو إليها جميعا ونسمعها بإطناب في خطابات فئة مُعيّنة من السياسيين المولعين بإطلاق الشّعارات جزافا و "إلّي في القلب في القلب".. مفارقة بيّنة مضحكة تستحقّ الدّراسة والتّمحيص والتّوضيح : ما معنى أنّ الذين ما إنفكّوا يصرّحون بأنّهم من أنصار الدّيموقراطية هم نفسهم الذين يعطّلون إرساء هذه المحكمة بالذّات و ذلك منذ الثّورة إلى الآن؟!! أليس في ذلك نِيات مريبة ؟ أليس في ذلك "إنّ" قد تُحطِّم كلّ ما شيّدناه و تدفعنا دفعا نحو ديموقراطية هزيلة عرجاء ظاهرها وداعة و تعقّل و حرّية و إلتزام ، و باطنها مكر و إستئساد و منظومة لَهْف و إلتهام.... خلاصة الأمر أنّني سوف أبقى أنتخب ، إن شاء الله ، فذلك واجب مقدّس و حقّ لا يجوز التّفريط فيه خاصّة في المرحلة القادمة المصيرية الفارقة من تاريخنا الحديث... سوف أنتخب رغم إرتيابي من عدم سلامة العملية الإنتخابية المقبلة برمّتها لو غُيّبت المحكمة الدّستورية عن المشهد ، و يبدو أنّها سوف تُغيَّب ، حتما ، في ظلّ ديمومة مسرحية عدم التّوافق المبطّنة المُصْطنَعة المكبِّلة هذه !!!!!!!!!!! ربّما يُقال لي :" و ما وزن صوتك أيّها "النُّخَيْب" المتفقّه المسكين" ؟ ، أجيب بأنّه في الدّيمقرطيات ، صوت واحد ربّما يغيّر مجرى تاريخ أمّة بأكملها.... لست ضدّ أحد... كلّ ما أرجوه هو أن أنتخب و أنا سعيد ومقتنع و مطمئنّ على حاضر ومستقبل هذا البلد.... من رأيي أن يقع إنتخاب أفراد هذه المحكمة الضّرورية المصيرية من طرف أهل القضاء ، فحسب ، بعيدا عن «مكمكة» الأحزاب و «بقبقة» النّواب و مناطق التّقاذف بينهم بذخائر الشّتم و الرّكل و اللّطم و أشنع أنماط السّباب و أحجام الحراب...