مع اقتراب موعد العودة المدرسية بالنسبة إلى كل تلاميذ الأقسام الابتدائية والثانوية بدأت وتيرة الخوف والقلق تتزايد لدى الأولياء من احتمال تسرب عدوى فيروس كورونا إلى أبنائهم بعد ارتفاع عدد الإصابات المحلية وارتفاع عدد المصابين إجمالا والذي عرف اتساعا منذ أن قررت الدولة فتح الحدود والسماح بدخول البلاد دون موانع . وبعد أن اتخذت الحكومة بالتنسيق مع نقابة التعليم الابتدائي والثانوي قرار العودة المدرسية في موعدها المعهود رغم كل المخاوف التي أطلقتها الهيئة العلمية الطبية التابعة لوزارة الصحة التي تتولى إدارة الأزمة الوبائية التي تسببت فيها الجائحة وصيحات الفزع من تزايد عدد المصابين يوميا ومن مخاوف حصول ارتدادات وخيمة على صحة شريحة كبيرة من الشباب والأطفال جراء هذه العودة المدرسية .. وبعد أن قررت الدولة رغم كل المخاوف الصحية أن تكون العودة المدرسية في وقتها وتاريخها المعهود فإن الجميع يسأل عن الإجراءات الصحية التي اتخذتها الحكومة والضمانات التي وفرتها وزارة التربية حتى لا تحدث الكارثة الوبائية بعد فتح المؤسسات التربية والتعليمية أبوابها ؟ الجديد هذه المرة في علاقة بقرار إعادة التلاميذ إلى مقاعد الدراسة رغم كل التحذيرات العلمية عن معطيات مؤكدة تشير إلى أن الوباء يزحف يوميا هو الإعلان عن الاستراتيجية الجديدة في التعاطي مع الفيروس والتي تتلخص في أنه لا يمكن البنة أن نعود إلى فكرة إغلاق المجتمع مرة أخرى والعودة إلى تطبيق إجراء الحجر الصحي الشامل لكلفته الباهظة على الدولة والشعب وعلى أصحاب المشاريع الخاصة وعلى ديمومة المؤسسة الاقتصادية والمحافظة على مواطن الشغل الآلاف من العمال .. الجديد هو الإعلان رسميا على أن الفيروس لن ينتهي في المنظور القريب وأنه علينا أن نتعايش معه لفترة طويلة وأن نواصل العيش ونمارس حياتنا مع الأخذ بالاحتياطات اللازمة والتي لا تنفك الهيئة العلمية توصي بها يوميا وقاية من العدوى و تجنبا لانتقال الوباء وسرعة انتشاره. وهذا يعني أن قرار إعادة التلاميذ إلى مدارسهم جاء بعد أن تأكد علميا أن الوباء سيلازمنا لفترة زمنية أخرى وأن اللقاح أو الدواء اللازم يحتاج إلى وقت حتى يظهر في الأسواق وتستعمله الدول وبعد أن تقرر أن الحل الوحيد لمقاومة الفيروس هو أن نتعايش معه خاصة وأنه رغم ارتفاع حالات الإصابة به فإن الكثيرين يحصل لهم الشفاء ولا يضطرون إلى ملازمة المستشفيات لتلقي العناية في غرف الإنعاش والتنفس الاصطناعي. ما أردنا قوله هو أن كل الذي قدرت عليه الحكومة في مسألة العودة المدرسية هو اتخاذ جملة من الإجراءات تتعلق بالعودة التدريجية وعبر أفواج على مراحل وأيام في حين أن الخطر ليس في العودة في حد ذاتها وإنما الخطر فيما بعد العودة من حيث افتقار الكثير من المؤسسات التربوية إلى مستلزمات الوقاية من الوباء كتوفير الماء الصالح للشراب ومستلزمات النظافة وتوفير الكمامات واحترام التباعد الجسدي وتوفير السائل المطهر وكل هذه الشروط تطرح أساسا بالنسبة إلى المدارس التي توجد في المناطق الداخلية حيث تم إحصاء قرابة 450 مدرسة لا يتوفر بها ماء صالح للشرب فضلا عن عدم توفير المستلزمات الأخرى الضرورية لحماية التلاميذ والإطار التربوي من العدوى . وهذا كله يطرح سؤال ماذا أعددنا للعودة المدرسية في ظل تواصل انتشار فيروس كورونا ؟ وسؤال آخر ماذا بعد قرار العودة في موعدها ؟ وهل وضعنا الإمكانيات اللازمة على ذمة المدارس حتى نحمي أبناءنا في كامل تراب الجمهورية من الاصابة بالوباء ؟ فالمهم ليس العودة إلى مقاعد الدراسة وإنما المهم هو أن نؤمن عودة أمنة وسليمة وبأقل أضرار على أبنائنا التلاميذ…