عاجل/ حادث مروّع في الكاف.. وهذه حصيلة المصابين    يروّج للمثلية: تنديد واسع بكُتيّب تم توزيعه بمعرض الكتاب    وزارة التربية تتعهّد بانتداب 1000 أستاذ نائب    مدير عام وكالة النهوض بالبحث العلمي: الزراعات المائية حلّ لمجابهة التغيرات المناخية    عاجل/ بشرى سارة للفلاحين: التخفيض في سعر هذا الصنف من الأعلاف    عاجل : القبض على شخص متهم بالإنتماء إلى تنظيم إرهابي    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): حكام الجولة الخامسة    رقم قياسي جديد ينتظر الترجي في صورة الفوز على صن داونز    بودربالة والسفير الإيطالي: ضرورة تكثيف جهود مواجهة الهجرة غير النظامية    القلعة الصغرى : الإحتفاظ بمروج مخدرات    جامعة التعليم الأساسي: ترسيم 850 عونا وقتيا    عاجل/ في ارتفاع مستمر.. حصيلة جديدة للشهداء في غزة    تم انقاذها من رحم أمها الشهيدة: رضيعة غزاوية تلحق بوالدتها بعد أيام قليلة    في مبادرة تضامنية نوعية مع فلسطين: أطفال تونس يصنعون الحدث ويدخلون تاريخ الإنسانية من الباب الكبير    شركة النقل تتفاعل مع "الشروق": نحرص على عودة النسخة الشعبية ل "إيبيزا" في أقرب الأوقات    توزر: المخيم الوطني التدريبي للشباب المبادر في مجال الاقتصاد الأخضر مناسبة لمزيد التثقيف حول أهمية المجال في سوق الشغل    الرئيس المدير العام لمركز النهوض بالصادرات: واقع المبادلات التجارية بين تونس وكندا لا يزال ضعيفا    وقفة احتجاجية لعدد من أصحاب "تاكسي موتور" للمطالبة بوضع قانون ينظم المهنة    هرقلة: ضبط كمية من "الكوكايين" و"الزطلة" بسيارة    معتز العزايزة ضمن قائمة '' 100 شخصية الأكثر تأثيراً لعام 2024''    70 بالمئة من الأمراض تنتقل من الحيوانات ..مختصة في الثروة الحيوانية توضح    مؤتمر وطني علمي حول الأنشطة البدنية والرياضية بمدينة طبرقة    تراجع إنتاج التبغ بنسبة 90 بالمائة    كم تبلغ معاليم مسك الحساب بالبريد التونسي؟    تقلص العجز التجاري الشهري    13 قتيلا و354 مصابا في حوادث مختلفة خلال ال24 ساعة الماضية    الشابّة: يُفارق الحياة وهو يحفر قبرا    السعودية على أبواب أول مشاركة في ملكة جمال الكون    وقفة احتجاجية ضد التطبيع الأكاديمي    الحكومة الإسبانية تسن قانونا جديدا باسم مبابي!    الرابطة الأولى: كلاسيكو مشوق بين النجم الساحلي والنادي الإفريقي .. وحوار واعد بين الملعب التونسي والإتحاد المنستيري    فاجعة المهدية: الحصيلة النهائية للضحايا..#خبر_عاجل    تسجيل 13 حالة وفاة و 354 إصابة في حوادث مختلفة خلال 24 ساعة    لاعب الترجي : صن داونز فريق قوي و مواجهته لن تكون سهلة    فريق عربي يحصد جائزة دولية للأمن السيبراني    الوكالة الفنية للنقل البري تصدر بلاغ هام للمواطنين..    أخصائي في أمراض الشيخوخة: النساء أكثر عُرضة للإصابة بالزهايمر    وزارة المرأة : 1780 إطارا استفادوا من الدّورات التّكوينيّة في الاسعافات الأولية    تُحذير من خطورة تفشي هذا المرض في تونس..    دورة مدريد : أنس جابر تنتصر على السلوفاكية أنا كارولينا شميدلوفا    أمين قارة: إنتظروني في هذا الموعد...سأكشف كلّ شيء    بطولة انقلترا : مانشستر سيتي يتخطى برايتون برباعية نظيفة    عاجل : القبض على منحرف خطير محل 8 مناشير تفتيش في أريانة    هرقلة: الحرس البحري يقدم النجدة والمساعدة لمركب صيد بحري على متنه 11 شخصا    وصفه العلماء بالثوري : أول اختبار لدواء يقاوم عدة أنواع من السرطان    طقس الجمعة: سحب عابرة والحرارة تصل إلى 34 درجة    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هادي دانيال يكتب لكم/ "أردوغان": مِن سياسة "صفر مشاكل" إلى شنّ الحروب على الدّوَل عبْرَ القارّات
نشر في الصريح يوم 05 - 10 - 2020

قَبْلَ انخراط أنقرة كقاعدة دعم سياسي وإعلامي ولوجستي واستخباراتي وعسكري لثورات الفوضى الخلّاقة مِن سوريا إلى ليبيا كانت تعتمد سياسة خارجيّة شعارها "صفر مشاكل" مع دُوَل الجوار خاصّة، وقد مكنتها تلك السياسة مِن إبرام اتفاقيات اقتصاديّة وأمنيّة مختلّة لصالح تركيا. لكن مع تصاعد نفوذ "طيّب رجب أردوغان" وصولا إلى جمع السلطات كافة في قبضته كرئيس مُطْلَق الصلاحيّات، انقلبت هذه السياسة إلى النّقيض بتحويل بلاده إلى قوّة احتلال انكشاريّة تحت شعار بعث إمبراطوريّة جديدة تقوم على اعتماد الإسلام السياسي الذي يُوَظّف المشاعر الدينيّة والطائفيّة إلى جانب حشد المشاعر القوميّة عند الضرورة.
وهكذا ألغى عمليّاً جميع الاتفاقيات الأمنيّة والاقتصاديّة مِن جانبٍ واحِدٍ مع دمشق، فباتت حدود بلده مع سورية ليس فقط المصدر الأساس لكلّ المخاطر الإرهابية التي هدّدت مؤسسات دولتها ومزّقت مجتمعها و جغرافيّتها السياسيّة ودمّرَتْ بُناها الاقتصادية الأساسية بل وأيضا بات أردوغان يُحاوِل تعويض مردود اتفاقيات بلاده الاقتصادية مع الدولة السورية التي ألغاها بتفكيك المصانع السورية ونقلها إلى تركيا… ثمّ جاوَزَ ذلك إلى غزو الأراضي السورية بالجيش الرسمي التركي مع تحرك الميليشيات التكفيرية المحلية واحتلال جزء منها كمدينة "عفرين" وغيرها وضمها عمليا إلى لواء اسكندرون السوري المحتل منذ أوائل القرن المنصرم.
وكما كان يلجأ إلى الميليشيات القادمة من ليبيا ويزجّ بها في حربه على الدولة السورية صار يحشد مرتزقة الميليشيات التكفيرية في إدلب وريف حلب مِن سوريين وأجانب ويزجّ بهم في حرب أخرى ضد الشعب الليبي كما كان أسلافه يفعلون بتجنيد قسري لسكان ولايات الدولة العثمانية والزجّ بِهِم في حروب الجيش الانكشاري عبْرَ العالم آنذاك.
وقبل أن يطيح الحلف الأطلسي بنظام العقيد معمّر القذّافي ويدمّر مؤسسات الجماهيريّة الليبيّة كانت أنقرة قد نفذت أعمالا بقيمة 2.7مليار دولار حصلت عليها لاحقا من اتفاقات تعويضيّة مع حكّام طرابلس الجدد ، حسب "ظافر أكسوي" رئيس مجلس العلاقات الاقتصاديّة الخارجيّة التركي-الليبي.
وبيّنَ "أكسوي" أنه في ظل توقّف المشروعات في ليبيا في الوقت الراهن بسبب القتال، فإن قيمة تأخير الأعمال التركية المُتعاقد عليها في ليبيا تصل إلى 16 مليار دولار، بما في ذلك مبلغ يتراوح بين 400 و500 مليون دولار لمشروعات لم تبدأ حتى الآن. وعلى الرغم من الاضطرابات في البلاد، ما زالت التجارة الليبية التركية نشطة، إذ تبلغ صادرات تركيا إلى ليبيا نحو ملياري دولار سنوياً والواردات 350 مليون دولار"، كما "جرى توقيع عقود جديدة: مشروعات مثل محطات طاقة وإسكان ومراكز تجارية. جرى توقيع خطابات ائتمان لبعضها. لكن ليس بمقدور المتعاقدين الأتراك الذهاب إلى ليبيا لأسباب أمنية".
وبما أنّ أنقرة أبرمت جميع هذه الاتفاقات مع ما يُسمّى "حكومة الوفاق الوطني" بزعامة "فايز السراج" فإنّ "الدعم التركي أعطى قوة لحكومة الوفاق الوطني عندما كانت في أضعف حالاتها، فأنقذَ طرابلس مِن الوقوع في قبضة "حفتر" ولذلك فإنّ العديد من أعضاء حكومة الوفاق حريصون على رد هذا الجميل ويبحثون عن شركاء يمكنهم إقامة علاقة استراتيجية معهم" حسب "أنس القماطي"، مدير "معهد صادق للدراسات"، أول مركز أبحاث في ليبيا. وفي هذا الاتجاه (ردّ الجميل) أودَعَ محافظ مصرف ليبيا المركزي، الصديق عمر علي الكبير، 8 مليارات دولار في البنك المركزي التركي لمدة 4 سنوات دون فائدة للمساعدة في تحقيق الاستقرار لليرة التركية.
وبالتالي فإنّ "حكومة الوفاق الوطني تتطلع إلى تركيا لبناء أكثر من مجرد علاقة سياسية أو تجارية. إنهم (في الوفاق) يبحثون عن علاقة استراتيجية، وتركيا ستكون على الأرجح في مقدمة الطابور عندما تبدأ ليبيا في إعادة البناء".
ويزعم "مدحت بنيغون" رئيس اتحاد المقاولين الأتراك أنّ الشركات التركية تتمتع بميزة في البلاد لكونها لاعبا رئيسيا في ليبيا قبل نشوب الحرب، لأنّه منذ عام 1972، وقّعت الشركات التركية عقودًا بقيمة 40 مليار دولار في قطاع البناء في ليبيا، ومن المرجح أن يرتفع الرقم في المستقبل، بحسب ينيغون، الذي قال: "هناك حالة خراب في ليبيا للأسف، وستكون هناك فرصة لصفقات كبيرة في قطاع البناء في البلاد. أقدرها بحوالي 50 مليار دولار".
وفي هذا السّياق مِن المُتّفق عليه مع "حكومة الوفاق الوطني" في الغرب الليبي أن يتم تنفيذ 184مشروع باستثمارات قدرها19مليار دولار، ناهيكَ عن الأطماع التركية للتنقيب عن النفط والغاز في شرق ليبيا خاصة وأن تركيا تستورد سنويا بقيمة 40مليار دولار لتسديد حاجتها من النفط والغاز.
هذا هو السرّ الكامِن وراء استماتة "أردوغان" في دعم حكومة السرّاج وميليشيات الإسلام السياسي التي تدعمها، ذلك أنّه يرى فيها أحد المخارج لأزمته الاقتصادية الخانقة حيث مِن المتوقّع أن يشهد الاقتصاد التركي أوّل انكماش سنوي له منذ أكثر من عقد؛ بسبب جائحة فيروس كورونا. وتعاني تركيا مِن تضخم مزدوج، يتمثل في بطالة مرتفعة وليرة تركية ضعيفة، انخفضت إلى أدنى مستوى لها مقابل الدولار خلال الجائحة.
ولذلك سارعَ "أردوغان" إلى نَقْلِ آلاف المُرتزقة مِن "الثوّار؟" السوريين والأجانب مِن ريف حلب وإدلب إلى غَرْبِ ليبيا وأبرمَ مع "السرّاج" اتفاقية لإقامة قاعدة عسكريّة في "مصراتة" لِمَنع قوّات "حفتر" مِن التقدُّم إلى طرابلس ، والسعي إلى تقرير مصير ليبيا في مفاوضات تكون أنقرة حاضرة فيها بقوة أو إلى تقسيم ليبيا. وفي الحالتين تضمن تركيا "مصالحها" أو بالأحرى حصّتها مِن الكعكعة الليبية على حساب مصالح الشعب الليبي وأمنه واستقراره ووحدته ووحدة أراضيه، بعيدا عن كلّ الشعارات الإسلامويّة العثمانيّة الجديدة التي يرفعها "أردوغان" هنا وهناك.
ذلك أنّ أردوغان الذي أورثه أسلافُه العثمانيون الحقدَ على العديد مِن شُعوبِ العالم كالأرمن والأكراد والعرب واليونانيين وغيرهم ما فتئ يُدَمغج الغوغاء مِن سوريا إلى القوقاز ، ففي حين يتنقل بقوّاته العسكريّة الرسميّة مِن سوريا إلى ليبيا إلى أذربيجان يُحاوِلُ أن يُخفي بالغربال الأيديولوجيّ حقيقة توظيف الأيديولوجيا المتطرّفة الحمقاء لخدمة أطماعه الاقتصاديّة ، زاعماً أنّه القائد صلاح الدين الأيوبي المُعاصِر الذي سيحرّر القدس بنسْجِ أفضل العلاقات مع الكيان الصهيوني مثله في ذلك مثل نظيره الأذربيجاني "إلهام علييف" ، فبينما تجمعه بنظام أذربيجان علاقاتهما الوثيقة مع الكيان الصهيوني (يُعَدّ نظام باكو ثالث أكبر مُشْتَرٍ للأسلحة الإسرائيليّة حيث بلغت مُشترياتها سنة2017 مئة وسبعة وثلاثين مليون دولار) يُبَرٍّر دَعْمَهُ لأذربيجان التي تعتنق الأغلبية الساحقة مِن مُواطنيها (85بالمئة) المذهب الشّيعي (بما في ذلك الأقليّة الأذربيجانية في إقليم أرتساخ "ناغورني كارباخ" المُتنازَع عليه مع أرمينيا المُناهضة للكيان الصهيوني) ، بأنّه سيحوّل الأذربيجان الشيعة عن المذهب الشيعي إلى المذهب السنّي مُتَذَرِّعاً بأنّ تديُّن الشعب الأذربيجاني خفيف ويمكِن إعادة توجيهه بحجّة أن أذربيجان كانت جمهوريّة سوفياتيّة (مُلحِدَة) كما يُنَظِّر لهُ مُستَشاروه!.
فإلى مَتى يبقى العالَم صامتاً إزاء سعي أردوغان إلى تدعيم سلطانه بِالعدوان العسكري على شعوب العالم ونَهْبِ ثرواتهم؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.