على واجهة البيت، يكسر حاجز الصمت و يرثو إلى وجود كيان سرمدي، التفت إليّ أحمد و همس مازحا:" تخاف من فيضان محتمل و نحن بعيدون عن أهلنا، و بيت حمادي على أنقاض وادي،!" - لا خوف عليكم أنتم بط عوام، أما أنا فخوفي على نفسي، لأنني أجهل فن العوم والسباحة رغم قربنا من البحر الابيض المتوسط .. فصدمت كلمة السباحة مفكرة كمال فأنعشنا بذكرياته مع رفقائه، سباحي القرن العشرين و حدثنا عن مغامراته في أعماق البحار، و كيف كان " يخيم" على الشاطئ الرملي صحبة عمر و عمار و أحمد و عبد الحميد.... " ابتل" أحمد بحديث كمال عن البحر، فرّد عليه: - أتذكر يوم تهنا في عرض البحر، ثم " فوجئنا" بعد ساعتين من السباحة،،، " المالحة" بغياب عمر.. يومها خفنا عليه، و في المساء بينما نحن غارقون في بحيرات فزعنا، أبصرنا دلفين البحر: عمر يجر وراءه " سمكتين " في حجم لوزتين... فزال جزعنا و خوفنا، و غرقنا في الضحك " من حجم السمكتين"... و بما أن عمر لم يشعربخوفنا عليه من الغرق ، نظر إلينا و قال: - أرأيتم " باش عوام" - آه ما أحلاها ذكريات الصيف! - إنها ذكريات خالدة، أتذكر يا أحمد كيف كنا نسبح ؟ كنا نسبح في عمق عشرة أمتار و لا نشعر بتعب و لا بخطر! فأوقفتهم: - كفى... كفى... تكادون تغرقونني في بحر ذكرياتهم، و يكاد يحملني طوفان السماء و طوفان بحركم. فقاطعني اخو حمادي: قائلا: على سبيل " الذكريات الخالدة " بعت مرة إلى شخص.. فأوقفته مقاطعا: - من البحر إلى البر و من سيحدثنا عن " الجو" ؟ - أنصت، سامحك الله، بعت مرة إلى شخص دراجة... و بقي لي عنده خمسة دنانير فبقيت أتردد عليه كل يوم. - و هل تحصلت على مبتغاك؟ - أنصت للحديث بقية: - ... بقيت أتردد عليه عدّة أيام.. فقاطعه أحمد: بربك خذ (5) دنانير و أعفنا من سرعة دراجتك و ضجيج محركها... و زدته أنا مازحا: - لو كنت مكانك لاشتريت دراجة أخرى أتردد بها على منزله لأحصل على " الباقي المتعب" ؟ فصمت " صاحب الدراجة" امام صمت الجماعة.. و عدم انتباههم و أنقذ الموقف بأن أهدانا، على نخب الصمت كؤوس شاي ساخن. و طلب مني أحمد أن أمد لهم اللوز فأهديتهم اللوز و الحمص " ممزوجا " .. "مختلطا" .. فرّد عليّ أحمد متعجيا: و لكن كيف " هذا الخلط"؟ - لا غرابة في ذلك فالمعدة تقبل كل شيء و إن لم تخلطه الآن أنت .. فدورها أن " تخلط كل شيء" ..كما ترى في حياتك الخاصة و العامة،الناس صارت تمزج بين الواقع و الخيال، و بين الدين و السياسة و بين الحرب و السلم و بين الصمت و الحديث و بين الكذب و الصدق و بين الحياة و الموت.. و فجأة، قسم الصمت صوت الجرس، فنبح الكلب، فخرجت أجري تحت زخات المطر،،، إلى القادم ليلا، و كانت دهشتي كبيرة،،، و جدت حماري بالباب.. - لماذا جئت أخبرني؟ - جئت لأطمئن عليك: لأنك خرجت بدون مظلة في هذا الطقس الممطر، و عرفت أنك في هذا المنزل، قريب من الوادي فخفت عليك من الطوفان، و فكرت في سفينة تنقذك من الغرق لا سمح الله! - و الآن هل ستنوي البقاء معنا؟ - نعم! - كيف و أنت حمار! ؟ - أترفض بقائي حذوكم أم تخافون الوشاية! - نعم... ثم نحن رجال و أنت حمار! - ماذا تقول: رجال، في حين أنه لا تخلو جلسة من حمار! - صه لا تعد مثل هذا الكلام، و إلا صفعتك و قطعت علاقة حسن الجوار معك. - افعلها ان كنت صادقا فيما تقول و سوف ترى من يكون من الخاسرين! - و تهددني أيضا... أيها الحمار الركيك خذها إذا....