…يجلس بعض الزعماء الإعلاميين حول موائد الحوار في قنوات تلفزية فيقولون باسم حرية التعبير ما يريدون، فلهم ذلك، ولكن هل من حقهم أن يثرثروا ويتقولوا على أعلام تونس بما لا يعرفون؟…هذا الإمام الشيخ االمرحوم محمد الطاهر ابن عاشور ما ودع الدنيا إلا بعد أن ترك للناس من المؤلفات مصابيح علم وثقافة وتاريخ وفكر نذكر منها تفسير التحرير والتنوير، كما ترك في إدارته لمشيخة الجامع الأعظم وفروعه أكثر من خمس وأربعين فرعا زيتونيا تنشر بين الطلبة الزيتونيين علوم الدين والدنيا والحياة من فقه وتفسير ونحو وبلاغة وجغرافيا وتاريخ وأدب ورياضيات وكيمياء وطبيعيات وعلم نبات فتح بها بعضهم أبواب كليات المشرق والغرب… ….هذا الإمام الذي فتح أبواب طلب العلم للطلبة في المدن والقرى فكانوا خير مدد للدولة التونسية عند استقلالها، فقد عمروا الإدارات المركزية والجهوية والمدارس والمعاهد …هذا الإمام يتقول عليه بعض من تزعموا الإعلام واتهموه بتهم سياسية رخيصة حتى كادوا يقولون عنه :إنه من أسس في تونس «الداعشية»….ولذلك قاومه بورقيبة… ….هذا المدعي أدعوه إلى مطالعة كتاب (أليس الصبح بقريب ) للإمام، وأخبره ببعض مواقف بورقيبة من الإمام… إذ خطب بورقيبة يوما وقد وضع على يمينه ويساره الإمامين محمد الطاهر ابن عاشور وعبد العزيز جعيط فقال: إذا كانت مصر تفتخر بمحمد عبده والأفغاني فإننا في تونس نفتخر بهذين الإمامين….ولما توفي العالم المفتي محمد الفاضل ابن عاشور استقبل بورقيبة في مكتبه الإمام ابن عاشور وترك كرسيه وجلس أمام الإمام كما يجلس تلميذ أمام أستاذه وحياه تحية تلميذ فالإمام أستاذه في الصادقية وطلب منه أن يقترح عليه شيخا للإفتاء فاقترح عليه الشيخ الحنفي الفقيه العالم الزيتوني محمد الهادي بلقاضي…ولما توفي الشيخ الإمام خطب الرئيس المرحوم بورقيبة وأعلن بنفسه عن وفاته ومذكرا بمكانته …هذه بعض سطور أقدمها كزيتوني من باب الوفاء للإمام وللحقيقة ولمن عليه أن يقدر أعلام تونس الذين ألفت وتؤلف في تراثهم المؤلفات….