تونس تبدأ إجراءات نيل التصنيف الدولي للفرق الطبية الطارئة    عاجل/ تحديد سعر شراء الكهرباء المنتجة من الغاز الحيوي    عاجل/ فتح النفق بين منطقتي جبل الجلود و لاكانيا بداية من الغد    حادثة الطعن في مرسيليا: المنفّذ تونسي مقيم بصفة قانونية    يوم عطلة بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف    عاجل/ العثور على جثة صحفي مفقود بقنال مجردة: النيابة تتدخّل..    رجة أرضية بمنطقة المعقولة التابعة لولاية باجة بقوة 2.4 درجة على سلم ريشتر شعر بها مواطنو الجهة    بطولة النخبة الوطنية لكرة اليد: برنامج مباريات الجولة الثالثة    وزارة التجهيز ترصد نحو 36 مليون دينار لجهر وصيانة منشآت حماية المدن من الفيضانات بكافة الجهات    لجنة الطاقة الذرية تصادق على البرنامج الإطاري 2025-2029 للاستخدام الامن للتقنيات النووية    كوجينتك فيها حشرات؟ هاو 5 طرق طبيعية تخليك تنساهم بلاش مُبيدات    تنبيه: إمكانية حصول إضطراب على مواعيد سفرات "لود قرقنة"..    عاجل/ زلزال ثان يضرب أفغانستان خلال اقل من 24 ساعة    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 63633 شهيدا..#خبر_عاجل    إمكانية تأخير موعد انطلاق أسطول الصمود المغاربي في اتجاه غزة    نقابة الصحفيين تنعى الصحفي مروان الهدواجي..    هام/ كميّات الأمطار المسجّلة بعدد من مناطق البلاد خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية..    تصفيات المونديال: حكم موريسي يدير مواجهة غينيا الاستوائية والمنتخب الوطني    مباراة ودية: الملعب التونسي يواجه لوبوبو الأنغولي    الكاف: "الزقوقو" المادة التي ينهشها الاحتكار    عاجل/ استئناف رحلات هذا القطار بعد توقفه 5 سنوات    تأجيل رحلات اللود بين صفاقس وقرقنة بسبب التقلبات الجوية    العالم يشهد خسوف كلي للقمر..وهذا موعده..#خبر_عاجل    قبلي: رفع 160 مخالفة اقتصادية إثر 2000 زيارة تفقد خلال شهر أوت المنقضي    90 بالمائة منها ليس لديها بديل: نقص حاد في هذه الأدوية..# خبر_عاجل    هام/ تعرف على عدد ساعات النوم التي تحتاج إليها وفقاً لعمرك..    بطولة اسطنبول للتحدي - معز الشرقي يخرج من الدور الاول    وكالة النهوض بالاستثمارات الفلاحية: المصادقة على 1532 عملية اسثمار بقيمة 229،5 مليون دينار الى موفى جويلية 2025    خزندار: إيقاف منحرف خطير محل 14 منشور تفتيش    الدورة الخامسة للملتقى الدولي للفنون من 05 الى 08 سبتمبر الجاري بقصر النجمة الزهراء    الإفتاء المصرية تحسم الجدل: صيام يوم المولد يجوز شرعًا    شركة أسواق الجملة تدعو وكلاء البيع إلى الالتزام بمساحة العرض الموضوعة على ذمتهم    غلق 7 محلات وحجز 15 طنا من المواد الغذائية غير الصالحة للاستهلاك    المنتخب الوطني: تواصل التحضيرات .. وثنائي يواصل الغياب    محرز الغنوشي: ''امطار متفرقة ورعدية متوقعة اليوم بالشمال ومحليا الوسط''    مؤسسة "فداء"تعلن صرف منح لأبناء شهداء وجرحى الاعتداءات الإرهابية    الروز.. تاكلو في النهار ولا الليل؟ الخبراء يوضحوا!    النخيلي يفسّر أسباب انتشار الأوراق النقدية المهترئة والممزقة    مانشستر سيتي يتعاقد مع مع حارس المرمى الإيطالي جيانلويجي دوناروما    انطلاق عملية بيع تذاكر "عرض السيرك الخيري"    "رومانسيّة مسرطنة"؟ د. ذاكر لهيذب ينتقد ظهور السيجارة في كليب لفضل شاكر... وتعليقات المتابعين بين التأييد والدعابة    عاجل/ نشرة متابعة للوضع الجوي..    إعلام إسرائيلي: انفجار صاروخين في سماء السعودية أطلقا من اليمن باتجاه إسرائيل    سوريا تصدر أول شحنة نفط خام منذ 14 عاما    عاجل: هذه الدولة تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين وتفرض عقوبات ضدّ الإحتلال..    السودان: أكثر من ألف قتيل في انزلاق أرضي بإقليم دارفور    أولا وأخيرا: «أ في الله شك يزي فك»    رغم تعدّد المهرجانات الجهوية والمحليّة ..وجوه فنيّة من سوسة غائبة أم مغيبة ؟    مُربّ في البال: زهير بنجدو (أستاذ أول مميز درجة استثنائية ومدير متقاعد) نجاح مسيرتي ... تاج على رؤوس تلاميذي وزملائي    طقس الليلة.. سحب كثيفة مع امطار بعدد من المناطق    مفتي الجمهورية: الأمة الإسلامية مُستهدفة.. #خبر_عاجل    نابل: حالتا وفاة غرقا بشواطئ سليمان    القيروان: وزير الشّؤون الدّينية ومفتي الجمهورية يفتتحان الندوة المولدية الدولية    محمد فضل شاكر يكسر الصمت: 13 عاماً من الانتظار.. ونصيحة والدي غيرت حياتي    Ooredoo Music Fest by OPPO 3.0 يحقق نجاحاً باهراً في صفاقس    الأسعار والبيع: كل ما يلزمك تعرفو على تذاكر ماتش تونس وليبيريا    صيف المبدعين ..الشّاعرة لطيفة الشامخي .. الكُتّاب ،سيدي المؤدّب وأوّل حِبْر عرفته    النور الأخضر في صنعاء... زلزال عقائدي وعسكري يهزم المجرم نتنياهو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نوفل سلامة يكتب لكم: الاحتجاجات الليلية...هل يفهم السياسي المعنى والدلالات لما يجري في تونس؟
نشر في الصريح يوم 19 - 01 - 2021

في تزامن قيل أنه مبرمج ومدروس اندلعت بعد قيام رئيس الحكومة هشام المشيشي بتعديل وزاري شمل نصف الحكومة كان أبرزهم وزيري العدل الداخلية احتجاجات ليلية في العديد من جهات البلاد يقودها شباب الأحياء الفقيرة والمهمشة، وفي سياق استحضار حدث ثورة 17 ديسمبر 2010 و 14 جانفي 2011 واحتفاء بالمناسبة التي أطاحت بالنظام القديم عرفت مناطق كثيرة من البلاد مواجهات مع قوات الأمن وعمليات شغب ونهب وسرقة وخلع لمحلات تجارية وهي أحداث وإن كانت منتظرة لوجود العديد من الدلائل والمؤشرات التي تنبئ بوقوعها بعد الحصيلة المخيبة للآمال إثر تجربة حكم دامت عشر سنوات تعاقبت خلالها حكومات عديدة لم تقدر أي منها أن تغير من واقع البلاد أو أن تحقق ما ينتظره الشباب الذي قام بالثورة مع مشهد سياسي مقرف ومتعفن جراء تواصل العراك السياسي والصراعات على السلطة والنفوذ والتموقع السياسي.
هذه المواجهات الليلية وإن كانت متوقعة إلا من توقعها لم يكن يتصور أن تتحول إلى أعمال شغب ونهب وسرقة ومواجهات في الشوارع مع قوات الأمن مما أفقد هذه التحركات شرعيتها، وقلل من قيمتها و تعاطف الناس معها حيث كان من المنتظر أن يتحول غضب الأحياء الفقيرة على فقدان الحلول الاجتماعية لأزمة البطالة والتشغيل و غياب التنمية والتهميش والحقرة إلى حركة احتجاجية سلمية ترفع مطالب اجتماعية واضحة ومشروعة وتنتهي إلى حمل الحكومة على الاستجابة ولو بقدر إلى مطالب هذا الحراك غير أن الأمور قد سارت على عكس ما كان متوقعا ومنتظرا واليوم بقطع النظر على الأعمال الاجرامية التي حصلت مع هذه الاحتجاجات الليلية وما خلفته من تعد على الممتلكات العامة والخاصة فإن السؤال المهم هو كيف نفهم ما يحصل في الأحياء الشعبية من مواجهات مع قوات الأمن بعد عشر سنوات من الثورة ؟ وهل من تفسير لهذا الانفلات الذي تعرفه جهات كثيرة من البلاد وتمردها على الدولة ؟ وهل من دلالات لهذه التحركات التي يقودها اليوم شباب عاصر حدث الثورة ولم يدرك فترة الاستبداد وتربى في أجواء الحرية والديمقراطية وعايش عسر مرحلة الانتقال الديمقراطي؟
في اعتقادي فإنه بالإمكان دراسة ما يحصل من أحداث ليلية من زاوية أعمال الحرق وقطع الطرقات ومواجهة قوات الأمن كما يمكن إجراء النظر والتحليل في الشريحة العمرية من الشباب الذي يخرج كل ليل للقيام بأعمال الشغب والسرقة والنهب، كما يمكن دراسة الاحتجاجات الليلية بصفتها ظاهرة اجتماعية تستحق الدراسة من زاوية التهميش والحقرة وغياب الدولة والعجز الاجتماعي فكل هذه المقاربات ممكنة ومفيدة ولكن ما يجب الانتباه اليه هو تجنب اعتبار ما يحصل على أنه مؤامرة مدبرة ضد منظومة الحكم الحالية بالرغم من عدم استبعاد هذه الفرضية وعدم استجلاب مفردات من قاموس الزمن الاستبدادي ومن فترة الديكتاتورية التي كان النظام السابق يستعملها ضد المعارضة والمناضلين السياسيين وإسقاطها على ما يحصل اليوم من حراك شبابي وتجنب تجريم المحتجين ووصفهم بالغوغاء والكلوشرات والشرذمة من مستهلكي الزطلة فهؤلاء الشباب هم في الأخير من أبناء تونس الغاضب على دولته الذي تتحكم فيه ظروف اجتماعية صعبة وعجز اجتماعي يمنعه من تحسين وضعه.
ما لم يفهمه من يحكم البلاد أننا في ظرف زمني لم يعد فيه الانسان يقبل بأن يحيى ويعيش على ما يروجه السياسي من أوهام وما يقدمه من مسكنات لإعادة إنتاج التعاسة والتهميش وإدامة وضع الفقر ومواصلة حالة العجز .
ما لم يفهمه الساسة اليوم تجاه ما يحصل من أحداث ليلية أننا أمام شباب يبحث عن معنى لحياته بعد أن فقد ثقته في كل شيء وفك ارتباطه مع الدولة التي لم تعد تعني له شيئا فنحن أمام شباب جديد يطلب حقيقته المفقودة كما يراها هو لا كما يراها له السياسيون ويطالب بأن تكون له حقيقته ليس فيما هو موجود وحاصل وما هو معيش وإنما الحقيقة التي يطالب بها فيما هو غير موجود ويبحث عنه ، حقيقته ليس في هذه الواقع المزري وإنما فيما هو غير موجود وينشده ويحلم به.
ما لم يفهمه الساسة اليوم أن الثورة تبدأ أحداث عادية ومناوشات غير منظمة قد لا يكون لها تأثيرها في البداية ولكن هذه الأحداث الهامشية قد تتحول إلى أحداث مؤثرة قد يكون تعيد تشكيل الواقع وتغيير المشهد العام وذلك عندما تلتقي مصالح مجموعات مختلفة في وقت واحد فتوافق الاحتمالات هو الذي يحول الحدث العادي والبسيط إلى حدث مؤثر وخطير وهذا يعني أن الثورة تبدأ بحدث يجر آخر بطريقة لا يمكن تفاديها ولا إيقافها بسهولة لذلك فإن ما بقى لنا من اللإرث النضالي للثائر الصحابي أبو ذر الغفاري هو درس أن لا نستسلم للفقر والقهر والجوع والتهميش وأن لا نسكت على غياب الدولة حينما قال قولته الشهيرة " عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على السلطان شاهرا سيفه " فهل يفهم من يحكم اليوم أننا في زمن يصعب فيه اقناع الناس بأهمية الديمقراطية مع الجيوب الفارغة والبطون الخاوية وأمام جيل لا يعني له شيئا التناغم بين الحرية والفقر. فهل فهما الدرس ؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.