جملة جليلة وجميلة ختم بها بايدن: رئيس أمريكا الجديد، وهو يقف على الملأ في حفل تنصيبه لأداء القسم. فلقد وجدتها كلمة رائعة.. وبارعة بل شجاعة تصدر عن رئيس دولة عظمى في هذا العصر، قد لا يجرؤ على التلفظ بها في مثل هذا الموقف المهيب، والحدث الجليل: مَلِك أو رئيس عربي. إنها جملة مؤثرة حقا، بل لافتة لمن كان قلب أو ألقى لهم سمعه، إذ يحسب كثيرون من بني عقيدتنا أنّ رؤساء الدول في أمريكا وبلاد أوروبا: ملاحدة وكفار، بل هم نسخة واحدة في العقيدة. وأنا أقول : لا..وكلاّ..لأني رأيت بأم عينيّ ، وتابعتُ شخصيا مشاهدة لافتة لرؤساء غربيين كفّار، نعدّهم لا صلة لهم بالدين لا من قريب ولا من بعيد يحضرون القُدّاس في الكاتدرائية في مواسم الأعياد، أو مراسم الجنائز ،ثم ينصتون إلى ما يلقيه القِسِّيسُ عليهم ؛ بل إنّ منهم قبل أن يوارَى الثرى لا بدّ أن تُجرى له مراسِم الدفن داخل الكنيسة. )إن الإنسان لربه لكنود(، كما تلمِّح الآية الكريمة، لكن النفس البشرية تكون أحيانا في لحظة انعطاف إلى بارئها جلّ جلاله. ونحن أمّة الإسلام التي وصفها الله سبحانه بأفضل وصف، وأجمل نعت، حينما قال: )كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ(؛ لم تنهض بعد القرون الأولى إلى دعوة البشرية إلى ربّ العزّة جلّ جلاله ، ولا هي عرفت أعزّ ما عندها ، وأهمّ ما شَرُفَتْ به ، ألا وهي )شريعة الإسلام( الخالدة. إنّ أمّة الإسلام قد تمزّق حبلها المتين، بعد أن تفرّقتْ شذْر مذر، ولذلك اضطربت حياتها ، وتوغّلت في تِيه الخلافات العقيمة، والنزاعات العميقة، والانقسامات المهلكة ،حتى تآكل بعضها بعضا، وأصبحت حصونها مهددة من الداخل قبل الخارج. ومن هنا، لا بدّ أن نَعِيَ ما أشار إليه نبيُّ الرحمة ،فيما أخرجه أبو داود في سننه،والبغوي في "شرح السنة"عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: " يوشك الأمم أن تَداعى عليكم كما تَداعى الأكلةُ إلى قصعتها ، فقال قائل : ومن قلة نحن يومئذ ؟ قال : بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعنَّ الله من صدور عدوّكم المهابة منكم، وليقذفنَّ الله في قلوبكم الوهن، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: حبُّ الدنيا وكراهية الموت".