بالتوازي مع السباق المحموم بين المجامع العلمية الطبية ومخابر الدواء العالمية بخصوص توفير اللقاح المطلوب للتقليل من عدد الإصابات بفيروس كورونا الذي حير العقل العلمي وأربك الاقتصاد العالمي و أوقف حياة البشر وتسبب في حصول عدد كبير من الوفيات ناهز 2.3 مليون شخص في كامل أنحاء العالم ، هناك سباق علمي آخر لمعرفة منشأ هذا الفيروس والإجابة على كل الأسئلة لتي طرحت في بداية انتشار هذا الوباء الخطير ولا تزال مطروحة بعد أن وجهت انتقادات مباشرة إلى دولة الصين واتهامها بتعمدها صناعة هذا الفيروس وإخراجه المتعمد من أحد مخابرها المختصة في الأوبئة وظهور شكوك في الرواية التي روجتها منظمة الصحة العالمية من كون مصدر هذا الوباء هو أحد الحيوانات التي تباع في سوق في مدينة يوهان الصينية، وقد أفضت كل هذه الشكوك وهذه الانتقادات إلى تكفل منظمة الصحة العالمية بإرسال بعثة علمية إلى الصين للتقصي والتعرف على مصدر هذا الوباء وقد استغرق عمل هذه اللجنة العلمية شهرا كاملا زارت خلاله الكثير من الأماكن والمواقع التي يشتبه في كونها هي مصدر الوباء وقد أنهت اللجنة أعمالها مطلع الأسبوع الجاري وقدمت تقريرها الذي يفيد وجود صعوبات في التوصل إلى نتيجة قاطعة بخصوص الوباء وقالت البعثة العلمية أنه من الأرجح أن فيروس كرونا المستجد قد انتقل إلى البشر من طائر الخفاش إلى حيوان آخر لم تحدد هويته بعد قبل أن ينتقل إلى البشر وأنه رغم الفحوصات الكثيرة والمتعددة التي أجريت على آلاف الحيوانات البرية والأليفة في أنحاء الصين فانه لم يعثر على هذا الحيوان المجهول الذي كان وراء نقل الوباء من الخفافيش إلى البشر وتسبب في هذه الأزمة الصحية العالمية كما قالت البعثة العلمية أنه من المستبعد جدا أن يكون الفيروس قد انتقل من أحد المخابر الموجودة في مدينة يوهان بعد أن وقف أعضاء البعثة على الصرامة المتوفرة في التعامل مع هذه المخابر وبهذا تكون كل الشكوك قد أزيلت بخصوص اتهام الحكومة الصينية في كونها هي من كانت وراء انتشار هذا الفيروس. المشكل في هذا التقرير الصادر عن بعثة طبية تابعة لمنظمة الصحة العالمية بخصوص وباء كوفيد 19 أنه لم ينه الخلاف العلمي ولم يقدم الإجابة الشافية بخصوص مصدر ومنشأ الفيروس ولم يجب على السؤال الحارق والذي ينتظره العالم حول كيفية انتشار هذا الفيروس؟ وما هو مصدره؟ وكل ما فعله أنه برأ دولة الصين من كل التهم التي وجهت إليها والتي ترجع انتشار الوباء إلى مؤامرة دبرتها الصين لدواعي اقتصادية وطبية من أجل إرباك الاقتصاد العالمي واحتلال موقع متقدم في هذا المجال والتحكم في المجال العلمي والسيطرة على تجارة الدواء العالمية وهي معركة حمى وطيسها اليوم بعد أن اتضح أنها لا تقل قيمة عن معركة تجارة السلاح والمخدرات. المشكل الآخر أن هذا التقرير يزيد من الحيرة بخصوص قدرة العلم على الإجابة على كل أسئلة الإنسان الراهنة وقدرة العلم على التغلب على الاحراجات التي تفرضها الطبيعة فاليوم العلم والعقل الإنساني والمعرفة عموما في محل اختبار كبير لإثبات مدى قدرة العلم البشري على الإجابة على كل الأسئلة المطروحة ومعرفة مدى حدود العقل ومجال العلم، فما حصل مع تقرير هذه البعثة العلمية هو الوقوف على أنه رغم كل التقدم العلمي المذهل وكل القدرات الفكرية والمعرفية التي تحققت للإنسان المعاصر فإن هناك مجالات كثيرة لا يزال العلم المادي والعقل البشري عاجزين عن تفسيرها وحل غموضها وفيروس كورونا هو أحد الألغاز التي حيرت العلماء وجعلت العقل البشري والعلم في قلق ممض إلى حد الآن على الأقل عن تقديم إجابة علمية حول منشأ ومصدر هذا الوباء الذي غير وجه العالم وفرض على البشرية إعادة التفكير في نمط الحياة وطريقة العيش لنصل إلى نفس الخلاصة التي انتهت إليها نظرية دارون عن النشوء والارتقاء في عدم استجلاء الحلقة المفقودة في النظرية بين القرد والإنسان…