يجب أن لا ننسى الفترة الحالكة والمرعبة والمقلقة التي كنا نعيشها عشية وصول سي الباجي الى رئاسة الحكومة فاستطاع بما لديه من حنكة وخبرة ومهارة الابتعاد بتونس عن مناطق الخطر. ثم يجب أن نقرّ بأن فريق الوزراء الذي دخل «المغامرة» معه أبلى البلاء الحسن.. وكان الحس الوطني لكل أفراد الفريق في أعلى درجاته.. وفي أعظم وأنبل صوره.. إذن عندما راهنت تونس على سي الباجي لم تخسر.. بل بالعكس ربحت والحمد لله.. والآن.. هل سنخسر عندما سنراهن عليه ونطلب منه أن يواصل معنا في موقع آخر.. وهو موقع متقدم وحساس ويتطلب مهارات وخبرات ومعرفة بأدق أسرار اللعبة وخصوصا في هذه المرحلة الجديدة التي تتطلب الكثير من الحكمة والليونة في غير ضعف.. والجدية والصرامة في غير قوة؟ إن تونس لن تخسر مع سي الباجي.. ولكنها قد تخسر مع غيره!! حتى لا يتكرر سيناريو: «الحاج موسى.. موسى الحاج» بارك الله في الوزير الإيراني الذي قدم خدمة لا تقدر بثمن الى الشيخ راشد الغنوشي وجماعته وذلك عندما نصحهم نصيحة رائعة ولوجه الله بأن يتجنبوا الأخطاء السابقة التي وقعت في إيران والجزائر وأن لا يسمحوا للسناريوات القديمة التي أجهضت المحاولات الديمقراطية السابقة على الطريقة الإسلامية.. بأن تكرر في تونس... إن هذا الوزير الإيراني وهو مثلما يبدو من خلال نصيحته ومن بين السطور التي تضمنتها يعرف النهضة أكثر مما يعرفها البعض هنا في تونس.. إن هذا الوزير قال للشيخ الغنوشي ولحركته كلمة حق يريد بها النصح وربما التحذير وهو خائف كذلك على هذه التجربة الجديدة والوليدة من الانتكاسة.. والخيبة.. والهزيمة.. وكم سيكون جميلا ورائعا أن يأخذ الشيخ راشد وجماعته نصائح الوزير الايراني مأخذ الجدّ وأن يستوعبوا محتوى الرسالة التي نطقت بالحكمة وحذرت من احتمالات قائمة وقابلة للحدوث لأننا سواء اعترفنا أم لم نعترف سنخوض مع النهضة غمار تجربة جديدة محفوفة بالمخاطر.. وغير مأمونة العواقب.. وما أكثر الذين يتقاسمون مع هذا الوزير الخوف من استبدال ديكتاتورية بديكتاتورية أخرى والانتقال من الحاج موسى الى موسى الحاج ونجد أنفسنا من حيث لا نشعر وقد عدنا الى الدار «الخايخة».. والى دار لقمان التي لا يتغير لها حال. لقد قال الوزير الإيراني لا فض فوه .. «نحن المسلمين نسقط الأنظمة الديكتاتورية ونأتي بديكتاتورية بديلة تحل مكانها». إنه قول سديد نتمنى من أعماق قلوبنا أن لا ينطبق على التجربة التونسية في الديمقراطية فتحكم النهضة حكما رشيدا وتكذب شكوك من يشككون في نواياها وتؤسس لمجتمع عربي مسلم ديمقراطي.