والواقع إن ما دفعني إلى التأمل في هذا الموضوع تهديد إسماعيل السحباني باعث إتحاد عمال تونس بعد ثورة 14 جانفي بإضراب عام في قطاع النقل ،والسيد السحباني لمن لا يعلم تولى قيادة الإتحاد العام التونسي للشغل إثر مؤتمر سوسة سنة 1989 بتزكية من بن علي نفسه وبقي الرجل في سدة الإتحاد حتى غضب منه القصر(إلى غاية سنة 1999) ففتح له ملفاته غير الناصعة فكان أن حوكم لتجاوزات مالية وقضى بضع سنوات في السجن ثم غادره في هدوء بعفو رئاسي في ما أعلم ...صمت السيد السحباني طويلا ولم يتكلم ولم يقل إنه تعرض لظلم بن علي بل إن النقابيين أنفسهم تخلوا عنه واعتبروا مرحلته نقطة سوداء و تدجينا للإتحاد وضربا له ....ولكن بعد 14 جانفي وبغياب اللاعب الأبرز طيلة عقدين، ظهر السحباني من جديد ليعلن أنه تعرض لمؤامرة وأنه مظلوم وأن يداه نظيفتان وذلك يعني أنه تعرض لمحاكمة غير قانونية ....وعاد السحباني من جديد إلى الحياة العامة ببعث إتحاد منافس للإتحاد العام التونسي للشغل .... قد يقول قائل من حق السحباني أن يفعل ما يريد في إطار القانون الذي يضمن التعددية النقابية ومن حقه أن يقول إنه بريء ولو أنه كان من الأفضل أن يلجأ إلى القضاء ليبرأه مثلما أدانه إذ لا يكفي أن يقول لنا هو إنه بريء حتى نصدقه وإلا أصبح بن علي شماعة كل الخطايا طيلة عشرين عاما .... أردت أن أقول للسيد السحباني الذي بدأ حياته عاملا بسيطا وعرف كيف يصعد سلم الإتحاد حتى بلغ أقصاه، إن التونسي في حاجة إلى من يعينه على هم الزمان لا من يزيده هما على هم ...ماذا تريد أن تقول لنا حين تحكم على الآلاف بالبقاء في الشارع إن أضرب قطاع النقل كما حدث بشكل جزئي قبل فترة؟ هل تريد زيادة آلام الناس ومتاعبهم؟ أليس الإضراب آخر حل حين تعدم كل الحلول وتغلق كل الأبواب؟ هل تريد أن تفتك موقعا لإتحادك على حساب البسطاء منا؟ أقول للسيد السحباني إتق الله في العمال وفي التونسيين وإني أخشى أن يأتي اليوم الذي يتحسر فيه العمال على جنة إتحاد محمد علي ...