ودع المقام الشاذلي شيخا واركانا وروادا ومريدين أخا عزيزا ورجلا خلوقا وعارفا عالما بتاريخ الشاذلية في تونس ألا وهو السيد مصطفى الزبيدي رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه، ومن لا يعرفه وهو الذي لا يكاد يغيب عما يجري ويدور في المغارة والمقام منذ عشرات السنين في مواظبة منقطعة النظير تواصلت الى اسبوع وفاته، فقد واكب رحمه الله مشيخة كل من سيدي الهادي بن حسن رحمه الله وسيدي حسن بن حسن حفظه الله الشيخ الحالي للمقام الشاذلي وكان من أقرب المقربين اليهما يحظى لديهما بالاحترام والتقدير والتبجيل لما جبل عليه من تواضع ومعرفة دقيقة بتفاصيل وجزئيات العمل الشاذلي ولما تربطه من صلة وثيقة ليس فقط بأركان العمل من شيوخ القراء والحزابة والانشاد والأذكار والسدنه ولكن يرتبط بعلاقة متينة بالمترددين على المقام والمغارة من الزوار ليس فقط التونسيين بل الاجانب منهم كالفرنسيين والبلجيكيين والايطاليين الذين عرف الكثير منهم والذين منهم الشيخ مصطفى فلسان رحمه الله الذي ظل لسنوات طويلة (الستينات والسبعينات من القرن الماضي) يأتي الى تونس مصحوبا باسرته ومريديه الفرنسيين والاوروبيين المهتدين الى الاسلام ليقضوا جميعا الموسم الصيفي الشاذلي (أربعة عشر اسبوعا) بتونس كان مصطفى الزبيدي رحمه الله هو الواسطة بينهم وبين شيخ المقام الشاذلي، يكلفه الشيخ حسن بن حسن بقراءة رسائلهم والرد على استفساراتهم وفق نهج توخاه اتسم بالحكمة والاتزان وعدم التدخل فيما يقع بينهم من شنآن وكان السيد مصطفى الزبيدي رحمه الله وأسكنه فراديس جنانه من المتمكنين من اللغة الفرنسية وظل لسنوات طويلة يكتب في الصحافة الناطقة باللغة الفرنسية في الميدان الرياضي وكانت تحليلاته في هذا المجال تحظى بالاحترام والتقدير لما عرف به من خبرة وموضوعية. وكان رحمه الله شديد الشغف بالمطالعة يتابع آخر الاصدارات باللغة الفرنسية لا سيما في ميدان التصوف والفلسفة وكانت تدور بيننا في هذا الصدد حوارات ثرية وكانت لي معه مشاريع طموحة لم يشأ الله أن يتحقق منها الا القليل جدا بالخصوص فيما يتعلق بالمقام والمغارة والشاذلية في تونس عموما وكان مصطفى الزبيدي رحمه الله مستعدا لبذل ما في مستطاعه في هذا المجال وكان في الحسبان ان يتولى ترجمة مجموع الاحزاب الشاذلية الى اللغة الفرنسية ولعله بدأ في هذا العمل ولكن المنية عجلت به فرحل قبل ان يتم هذا العمل المفيد والذي يحتاج اليه عدد غير قليل من الشاذلية من ذوي اللسان الفرنسي ذلك جانب من جوانب حياة الفقيد العزيز مصطفى الزبيدي رحمه الله ولكن للرجل مساهمات اخرى في الحقل الثقافي والرياضي وحتى السياسي الوطني وقد أبلى رحمه الله البلاء الحسن في حركة التحرير وابعد الى الجنوب التونسي (محتشد تطاوين) والى الجزائر فقد اعتقلته سلطات الحماية الفرنسية نظرا لما كان يقوم به من تحركات احتجاجية في اطار ما شهدته البلاد في فترة الخمسينات من القرن الماضي من مقاومة للاستعمار من أجل تحرير تونس ونيلها لاستقلالها رحم الله مصطفى الزبيدي رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه وانا لله وانا اليه راجعون