أخذت العقوبة التي سلطتها الجامعة التونسية لكرة القدم على رئيس النادي الرياضي الصفاقسي منصف خماخم بسبب التصرف المشين الذي إقترفه ، أبعادا تتجاوز إطارها الطبيعي لتصبح قضية رأي عام بعد التدخل السياسي والحزبي والبرلماني غير المسبوق فقد إستقبلت وزيرة الشباب والرياضة ماجدولين الشارني رئيس النادي الرياضي الصفاقسي المعاقب مرفوقا بنائب حزب نداء تونس في مجلس نواب الشعب منصف السلامي والعضو المثير للجدل في حزب نداء تونس شفيق جراية بتعلة إنتمائهما للجنة الدعم بالنادي الصفاقسي ، وهو وما أثار عدة تساؤلات لأن الوزيرة إرتكبت خطأ لا يغتفر بتدخلها ولو دون إتخاذ قرارات في مسألة هي من صلاحيات الجامعة التونسية لكرة القدم ، كما ورطت رئيس الحكومة بتأكيدها أنها سترفع إليه الموضوع !!! من جهة أخرى ، ولأول مرة في تاريخ كرة القدم التونسية والعمل النقابي يتدخل الإتحاد العام التونسي للشغل ، ممثلا في الإتحاد الجهوي بصفاقس ، في مسألة رياضية منددا بالعقوبة ومهددا بتبعات الإبقاء عليها لتتسع رقعة التدخلات النقابية بدخول الإتحاد المحلي للشغل ببنقردان محذرا من الإستخفاف بالجهة وأبنائها ومنهم رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم بعد أن هدد نائب رئيس جمعية المكان ب"حرب شوارع" إن تمت الإطاحة بوديع الجريء (إيه نعم) ، وهكذا إنفجرت الإنتماءات الجهوية الوضيعة لتجد فضاءات الإثارة الرخيصة لتحتضنها وتروج لها !!! يحدث كل هذا والسلط لم تحرك ساكنا . إن محاولة بعض الجهات الركوب على معاقبة جامعة الكرة لمسؤول تجاوز كل المواثيق الرياضية والأخلاقية لللإيقاع بالبلاد في مستنقعات الفتنة فأمر غير مقبول إطلاقا ولا يجب السكوت عنه مهما كانت الخلافات الرياضية والمبدئية مع وديع الجريء وجماعته في المكتب الجامعي !!! لاشك أن رئيس الجامعة عبث بكرة القدم التونسية وأعادها عشرات السنين إلى الوراء لكن وحدة البلاد و0ستقرارها خط أحمر والدفاع عن الوطن مقدس ولا يجب أن تشوبه شائبة مهما كانت الأسباب والمبررات. قد نغفر أحيانا للعامة من جماهير رياضية تفتقر للتأطير ومنزلقة في متاهات التعصب الأعمى الإنجرار وراء رغبة الحسد والتشفي والشماتة ولكن أن يصدر هذا السلوك الأرعن عن سياسيين وبرلمانيين وهياكل نقابية و مؤسسات إعلامية ومن يصفون أنفسهم ، كذبا وبهتانا ، بالإعلامين، فتلك مصيبة كبرى يجب التنديد بمقترفيها ومحرضيهم . شاهدنا ونشاهد ب0ستمرار في كل مناطق العالم صراعات حامية حول الكرة لكن عندما يصبح الوطن مستهدفا في استقراره وأمنه ووحدته يقف الجميع صفاواحدا متحدا ومتلاحما. لم يحدث في بلدان متقدمة أن تدخلت الأحزاب والنقابات في المسائل الرياضية لكن في تونس أخذ مد هذه التدخلات السافرة دفعا هستيريا غريبا لامس في أغلب الأحيان قاع التحريض الجهوي الخطير والمدان والذي ينزل تحت طائلة القانون. لا شك ان ما تعيشه البلاد من فوضى عارمة و0نفلات عاصف في كافة المجالات قد مكن بعض الأشخاص والهياكل من فرصة لتنفيذ أجنداتهم ولم يكن ليفعلوا ذلك ، وبتلك الطريقة المشحونة بكل أشكال الحقد والكراهية لولا غياب الدولة عن ممارسة دورها في تطبيق القانون بحزم.