حماية 100 ألف طن من المواد الخطرة تنقذ قابس من كارثة    الجبابلي: ''بعض القُصّر تم توظيفهم لتأجيج الوضع في قابس مقابل مبالغ مالية متفاوتة''    تونس تتصدر قائمة الأفارقة في كندا: شوف الأرقام    جمعية "تراثنا" تنظم اليوم تظاهرة "خرجة العلم" في نسختها العاشرة بتونس العاصمة    مرسيليا يقتنص صدارة البطولة الفرنسية بفوز كبير على لوهافر    تحذير: أمطار رعدية غزيرة وجريان أودية في جنوب تونس وغرب ليبيا    تنبيه صحي: تناول دواء Gripex وFervex مع الدويات هذه...خطر قاتل    4 اختبارات دم ضرورية بعد سن ال 40    يوم مفتوح للتقصي المبكر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري يوم 30 اكتوبر بالمعهد الوطني لامراض الاعصاب    باكستان وأفغانستان تتفقان على وقف فوري لإطلاق النار    طقس اليوم: سحب أحيانا كثيفة مع أمطار مؤقتا رعدية    الطقس يتبدّل نهار الأحد: شتاء ورعد جايين للشمال والوسط!    مشروع قانون المالية 2026: سلم اجتماعي عاجل مقابل كلفة اقتصادية طويلة الأمد    عاجل: الاتحاد المنستيري يعيّن هذا المدرب الجديد    إنتر يهزم روما ويشعل سباق قمة البطولة الإيطالية    رئيس كولومبيا يتهم واشنطن بانتهاك مجال بلاده البحري وقتل مواطن    عرض موسيقي تكريما للمطربة سلاف يوم 23 اكتوبر الحالي    أريانة : افتتاح الموسم الثقافي 2026/2025    "وول ستريت جورنال": سوروس يزيد من توزيع المنح بعد بدء التوترات مع ترامب    "ترامب الملك" يلقي القاذورات على المتظاهرين!    الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني: تم استغلال القصر في تاليب الوضع في ولاية قابس    مصر.. القبض على "جاسوس النظارة بكاميرا سرية" في بنك شهير    بيع دراجة بابا الفاتيكان في مزاد علني    الولايات المتحدة.. موجة احتجاجات جديدة مناهضة لإدارة ترامب    نفس الوجوه تجتر نفسها .. هل عقرت القنوات التلفزية عن إنجاب المنشطين؟    المحرس.. تلاميذ البكالوريا بمعهد علي بورقيبة دون أستاذ في مادة رئيسية    رابطة الأبطال الإفريقية – الدور التمهيدي الثاني (ذهاب): الترجي الرياضي يقترب من دور المجموعات بانتصار ثمين خارج الديار    عاجل: الإعدام و68 سنة سجناً لعناصر إرهابية تورطت في هجوم بولعابة بالقصرين    بعد العثور على جثة خلف مستشفى المنجي سليم ..أسرار جريمة مقتل شاب في المرسى    صفاقس تستقبل موسم الزيتون ب515 ألف طن .. صابة قياسية.. وتأمين المحصول ب «الدرون»    نابل تختتم الدورة 11 لمهرجان الهريسة .. نكهة وتراث    عاجل/ الاحتلال يواصل خرق اتفاق وقف اطلاق النار ويغلق معبر رفح..    البطولة العربيه للكرة الطائرة الشاطئية (رجال): المنتخب التونسي يكتفي بالميدالية الفضية بخسارته في النهائي امام نظيره العماني    الاتحاد المنستيري ينفصل رسميا عن المدرب منتصر الوحيشي..#خبر_عاجل    زغوان: إحداث 5 مناطق بيولوجية في زراعات ضمن مشروع التنمية والنهوض بالمنظومات الفلاحية    ارتفاع مرتقب للاستثمار في الصناعات الكيميائية والغذائية في السداسي الثاني من 2025    مسرحية "جرس" لعاصم بالتوهامي تقرع نواقيس خطر انهيار الإنسانية    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    معهد الرصد الجوي للتوانسة : برشا مطر اليوم و غدوة..!    كأس السوبر الإفريقي - نهضة بركان على أتم الاستعداد لتحقيق اللقب (المدرب معين الشعباني)    بعد أن شاهد فيلم رُعب: طفل يقتل صديقه بطريقة صادمة!!    إمرأة من بين 5 نساء في تونس تُعاني من هذا المرض.. #خبر_عاجل    عاجل: تونس على موعد مع الشيخوخة... 20% من السكان مسنّين بحلول 2029!    عاجل/ فلّاحو هذه الجهة يطالبون بتعويضات..    عاجل/ وزير الإقتصاد يُشارك في اجتماعات البنك العالمي وصندوق النقد.. ويجري هذه اللقاءات    مشروع قانون المالية 2026: رضا الشكندالي يحذّر من "شرخ خطير" بين الأهداف والسياسات ويعتبر لجوء الدولة للبنك المركزي "مغامرة مالية"    بطولة كرة السلة: برنامج مباريات الجولة الأولى إيابا    إصدارات: كتاب في تاريخ جهة تطاوين    انتاج الكهرباء يرتفع الى موفى اوت المنقضي بنسبة 4 بالمائة    رئيس الجمهورية: نعمل على إيجاد حلول عاجلة وشاملة للتلوّث في قابس    عاجل/ الوضع البيئي والاحتجاجات في قابس: هذا ما طرحه رئيس الدولة..    اليوم: الامطار متواصلة مع انخفاض درجات الحرارة    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    اسألوني .. يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    الزواج بلاش ولي أمر.. باطل أو صحيح؟ فتوى من الأزهر تكشف السّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يوميات محلّل حرّ : عَلَمِي ...يَا عَلَمِي
نشر في الصريح يوم 11 - 05 - 2017

بعد أن قيل ما قيل في ذلك العلم الضخم الذي ركّز في تلك الربوة الأنيقة من روابي حديقة «البلفدير» ليسعني إلّا أن أبارك هذه المبادرة الوطنيّة التي أظهرت الأيام أنّ الشعب التونسي في أشدّ الحاجة ليذكّر كلّ يوم أو على الأقلّ في كلّ المناسبات أنّ تونس التي تجمعنا ونعيش على أرضها ونستنشق هواها ونشرب من ماءها ونَقْتُات من خيراتها يُرمز لها بذلك العلم الذي نلتفّ حوله في الأوقات الحرجة والصعبة التي يمر بها وطننا ونشعر بالنخوة والاعتزاز ونحن نبذل أرواحنا ودماءنا للدفاع عنه وصيانته و ردّ المعتدي الذي يستهدف أرضنا و قيمنا وكل مقوّماتنا. وهل يمكن أن ننسى ذلك العمل الإجرامي الذي أقدم عليه أحد المتطرّفين حيث فشل في تعويضه بخرقته السوداء بفضل بطلة من بطلات تونس الطالبة «خولة الرشيدي» التي أُحَيِّها لمواصلة تحديها يوم 7مارس 2017 في كليّة الآداب للظلامييّن ومسانديهم بشجاعتها التي سجّلت اسْمَها بالبُنْطِ الغليظ في تاريخ تونس. .
ومن هذا المنطلق رأيت أنّه من السخافة أو من عدم الوطنيّة أن يساوم السياسيون خاصة في ثمن دفع مقابل أن يرفرف علم تونس عاليا شامخا على مرّ الزمن رغم كيد الكائدينالذين يكيدون لتونس من الداخل ومن الخارج إذ يكفي الطفل التونسي في المستقبل أن يزور ذلك المكان الذي انتصب فيه هذا العلم ليشعر بالعزّ والفخر بانتسابه لوطنه واستعداده لبذل أنفس ما يملك لصيانته والذود عنه.
ثمّ كان يوم السبت الفارط حيث حضرتُ حفل تكريم المناضل المربّي الكشّاف الوزير شيخ مدينة تونس «زكاريّا مصطفى»وكان الحفل لطيفا واللقاء حميميا جمع قدماء «بناة الجمهوريّة» وتداول فيه على الكلمة نخبة من الذين رافقوا الأستاذ طيلة مسيرته النضاليّة والمهنيّة مبرزين خصال هذا الرجل الذي أعطى دون حساب أينما حلّ بأخلاق عاليّة و تفان في خدمة المصلحة العليا للوطن دون خلفيات و لا طموحات زائفة، وأنا أرجع هذه الخصال خاصة لتكوينه الكشفي نَبْعُ الوطنيّة الصادقة والتفاني في خدمة الغير.وكانت اللحظة الفارقة في هذا الحفل عندما أخد الكلمة نيابة عن الأسرة الكشفيّة القائد» محمّد الهادي بن حميدة باشا «الذي أبى إلّا أن يُضْفي على هذا اللقاء مِسْحة كشفيّة نضاليّة وطنيّة وذلك بأن افتتح مداخلته بنشيد كشفي معبّر وعميق المعاني تفاعل معه قدماء الكشفيّن المتعطّشين لمثل هذه الأجواء التي تذكّرهم بشبابهم فانطلقت حناجرهم تردّد معه:
مَوْطِنِي مَوْطِنِي الجَلاَلُ والجَمَالُ والبَهَاءُ والسَنَاءُ
في رُبَاكْ في رُبَاكْ
هَلْ نَرَاكْ هَلْ نَرَاكْ سَالِمًا مُنَعَّمًا وغَانِمًا مُكَرَّمًا.
هل نراك هل نراك سالما منعّما غانما مُظَفَّرًا
الشَبَابُ لَنْ يَكِلْ عَزْمُهُ أَنْ يَسْتَقِلِ أُوْ يَبِدْ أَو يَبِيدْ
يَسْتَقُونَ من الرَدَى لن يكونوا لِلْعِدَا كَالعَبِيدْ كَالعَبِيدْ
لاَ نُرِيدْ لا نُرِيدْ ذُلُّنَا مُؤَبَّدَا وعَيْشُنَا مُنَكَّدَا لا نُرِيدْ لا نُرِيدْ
وكان لهذا النشيد الذي زاده اللحن روعة وحماس وقعه الخاص على نفسي إذ أرجعني إلى سنة 1950 من القرن الماضي حيث مخيّم كسرى لأشبال كشّاف المكارم وكانت كسرى بلدة حباها الله بجمال طبيعي منقطع النظير حيث الروابي المكسوّة بالخضرة والأنوار والحدائق الغنّاء مع نقاوة هوائها وعذوبة مياهها ولطف هوائها وكرم أهلها.وكنّا أوّل ما نبدأ به يومنا في المخيّم هو رفع العلم منشدين:
عَلَمِي يَا علمي ....يَا عَلَمِ العُرْبِ أَخْفِقِ وأشرق في الأُفُق الأَزْرَقْ يَا عَلَمْ
يَا نَسِيجِ الأُمَّهَاتْ ...في اللَيَالِي الحَالِكَات لبنيهنّ الأباة
كيف لا نفديك..كلّ خيط فيك ..دمعة من جفنهنّ...
خفقة من جفنهنّ...قبلة من ثغرهنّ...........يا علم
ما أروع هذا الكلام ولا فُضَّ فو قائل هذه الأبيات تصوّروا طفلا دون العاشرة من عمره ينهل من هذا النبع الوطني الصافي الذي لا يعكّره نشاز. هنا تذكرت العلم الرمز الذي يرفرف في رحاب» البلفيدار» واستحضرت أنّه نسج خارج الوطن وبأيادي غير تونسيّة بعد أن كنّا في صغرنا أيام الاستعمار نتغنّى بأنّ أنامل أمّهاتنا هي التي تنسج علم تونس المفدّى وفيذلك اعتزاز وفخر ووقار يضاف لفخرنا واعتزازنا ووقارنا لرمزيّة العلم المفدّى كانت أمّهاتها تنسجن العلم في «الليالي الحالكات» وهذه الجملة محمّلة بالمعاني النبيلة أختار من هذه المعاني -لضيق المكان –أنّها كِنَايَة على أيام المحن الحالكة التي تحيط بالوطن فتَنسج الأمّهات الأعلام ليرفع الأبناء في ساحات الصدام مع المستعمر أو هنّ ينسجن في ظلام الليل خوفا من المستعمر الذي كان يخشى العلم الذي هو المحفّز الحقيقي لوقوف الشعب في وجه المستعمر حيث يكون حامل العلم في المقدّمة فيندفع وراءه الشباب غير عابئين بسلاح جنود المستعمر ولا بالموت كما كان ذلك في مظاهرة طلبة الزيتونة التي أُسْتُشْهِد فيها خيرة أبنائها وكان من بينهم الشهيد «حمزة الدهماني «حامل العلم التونسي» في تلك المظاهرة.....
ثمّ يتساءل الشاعر قائلا: كيف لا نَفْديك؟ وكلّ خيط في العلَم دمعة من جَفْنِ الأُمَّهات وخَفْقَة من صدرهنّ وقُبْلة من ثَغْرِهنّ وإنّي أتساءل هل علم «البلفدير الضخم» الذي صنعبأنامل غريبة عنّا سيكون له في أَفْئِدَتنا نفس المكانة؟
بقي لي مقترح وهو أن تهيّأ كلّ بلديّة ساحة يرفع فيها علم يكون علوّه ومساحته بقدر إمكانيات كلّ بلديّة المهمّ أن لا تعلو على علم تونس أي بناية وأن يكون هذا العلم من نسج الأنامل التونسيّة حتى يكون أوّل ما يفتح عليه الطفل التونسي عينيه هو علم وطنه مرفرفا خفّاقا في علوّ وشموخ بصفاء حُمْرته ونَصَاعة بياضه حتى يعلم القاصي والداني أنّ ذلك العلم خطّ أحمر دونه دماؤنا وأرواحنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.