اود ان اذكرالقراء في بدء هذا المقال ان بورقيبة رحمه الله كان في سنوات شبابه وعنفوان قوته قبل الاستقلال يرتدي الطربوش او ما يعرف لدى التونسيين بالشاشية المجدي ثم وبعد الاستقلال تغير الوضع وتبدل الحال وترك بورقيبة هذا الطربوش او هذه الشاشية وتبعه في ذلك اغلب رجال البلاد التونسية ولكننا لم نر ولم نسمع ان بورقيبة والحق يقال نزع او امر بنزع طربوش احد من الرجال ورغم ذلك فاننا كنا نسمع كثيرا من التونسيين من خصوم بورقيبة في شؤون الدنيا وفي شؤون الدين يقولون ويرددون ويتحسرون ان بورقيبة قد عرى رؤوس التونسيين وجعلهم في وضع الأذلة والمساكين كما كنا نسمعهم يقولون ويتلاومون اذا انهكهم الفقر واشتدت عليهم الفاقة والخصاصة واصابهم ما يعجزهم وما يقهرهم من المصائب الاقتصادية (عرينا رؤسنا حتى تعرينا ) ثم اصبحت جملة (فلان راسه تعرى) تطلق على كل من افلس اوكل من هو في طريقه الى الافلاس ونحن نقول اليوم بعد ان اصبحت مسالة لبس الطربوش اوتعرية الراس غير هامة و من المسائل التاريخية التي طواها التاريخ ونسيها في هذه البلاد التونسية ان لباس الطربوش كان والحق يقال يضفي على صاحبه جمالا وبهجة ووقارا واذكر انه قد درسني في سنتين من سنواتي الجامعية الدكتور عبد الحميد منيف رحمه الله وطيب ثراه وكان يغطي راسه بالطربوش المجيدي مما جعله يتميز في نظرنا عن بقية الأساتذة الآخرين فقد كانت صورته تذكرنا بعظماء الأدباء والشعراء السابقين الذين فقدنا امثالهم في هذا الزمن الغريب الهجين كما انني ما ازلت اذكر الى اليوم صورة الشاعرالتونسي الكبير محمد المرزوقي رحمه الله وهو يمر امام دكان ابي بكسوته وطربوشه المجيدي الأحمر الأنيق فيلفت نظري ويذكرني بكبار الأدباء وعظماء تاريخ المسلمين المجيد العريق وكاجابة مني على السؤال الذي طرحته في عنوان المقال فانني مع الذين يقولون بلا شك ولا تردد ان بداية افول نجم العلم والأدب والرجولة لدى التونسيين بدا مع تعرية رؤوسهم التي صبحت بعد ذلك قريبة ومهياة للمذلة والهوان غير شاعرة لا بالكرامة ولا بالامان فرحمك الله يا زمن الشواشي ويا عصر الطرابش فقد كان الناس في عهدك ينامون هنيئين مطمئنين امنين غير محتاجين الى ما يحتاجون اليه اليوم بسبب تعرية رؤسهم ماديا ومعنويا من ادوية السوائل ومسكنات الكبسولات ومهدئات الحرابش