مازال اوردوغان يلفت الأنظار ويبهر الأبصار ويشغل المتحدثين والمعلقين في الصباح والعشي وبالليل والنهار باخلاقه الرفيعة وادابه الجمة الوفيرة، واخر ما صدر منه في هذا الاطار هو رده على طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات ما زالت تخطو اولى خطواتها في مجال نطق الجمل والكلمات، اذ نادته وهو يخطب في اجتماع رسمي سياسي مع اعضاد حزبه قائلة بصوت ملائكي بريء ناعم(جدي طيب) فما كان منه الا ان قطع خطابه ليجيبها على الفور بكلمة(افندم) وهو ما جعل الحاضرين يردون على هذا الرد اوعلى هذه التحية الأوردوغانية المفاجئة العفوية بموجة حارة من التصفيق اعجابا بهذا التصرف التلقائي الرفيع الأنيق. ولقد تمنيت بعد أن رأيت وسمعت الفيديو الذي صور ونقل للعالم اجمع هذه اللقطة التاريخية (الاوردوغانية) الرائعة لو اني سمعت ورأيت مثلها من احد الرؤساءاو احد الملوك او احد الوزراء او احد المسؤولين العرب الكبار الذين لم اسمع احدا منهم طوال ما عشت في هذه الحياة من السنوات قطع خطابه ليرد على طفل صغير ناداه في قاعة او في ساحة من الساحات.. بل ان اصوات الأطفال عند العرب تضيع وتتبخر ولا من مجيب ولا من سميع فشتان والحق يقال بين التربية العربية الجافة الغليظة وبين تربية واداب الأتراك السامية الرفيعة والتي نلمسها ونلحظها حتى فيما ينتجونه من المسلسلات والتي جسدها وصورها اوردغان في ذلك الرد الذي ادهش به الحاضرين والحاضرات.. ومن شاهده وتابعه في الفيديوهات والذي قدم فيه هذا الرئيس المتخلق المؤدب لرؤساء العالم جميعا درسا في معاملة الصغار، فهل سنتعلم من صاحب كلمة افندم فنون السيادة واداب القيادة؟ ام سنبقى على غلظتنا وعلى قسوتنا ونتمادى في اللامبالاة والغفلة والاهمال.. وهي صفات اصبحت عند العرب مع الاسف الشديد راسخة ثابتة من قبيل الطبع ومن قبيل العادة.