الدولة هي الدولة التونسية. والشعب هو الشعب التونسي المكافح من اجل العلم والتنمية والقفة والخبزة. هذه الدولة فيها حكومة مطالبة دستوريا بإعداد ميزانية سنوية تنص في محتواها على مواردها، وتكشف سطورها وارقامها طرق ومسارب واودية صرفها لا كميزانية (حانوت عطار الحومة). وبما ان هذه الدولة التونسية تعيش في ظروف مالية لا تحسدها شعوب العالم عليها.. فهي مثقلة بفساد ما قبل الثورة، وهي مثقلة بالقروض، وهي مثقلة بمطالب لا تنتهي وكل واحد، وكل جماعة (تنتّش فيها). بما ان هذه الدولة مطالبة بإعداد ميزانية في تلك الظروف، وبما أن هذه الميزانية يقف الشعب كله امامها صفوفا وبيد كل واحد قفة فقد وضعت تحت المجاهر، ووضعت في الغرابل. واذا بها بين واحد يزكي، وواحد يتكّي، وواحد واكثر من واحد ينقد ويوطّي... وكل لسان يتكلم عن المليارات لا عن اربعة صوردي. وبما ان بعض كبار القوم يصفها بأنها ميزانية كارثة سوف تأخذ الدولة والشعب الى الفريق (والفينكا) افلا يكون من الواجب الوني ان يقع الاتفاق على فصولها وتزكيتها في مجلس نواب الشعب الا من طرف ثلثي النواب؟ أليس من واجب النواب الذين انتخبهم الشعب ان يشارك في مناقشة هذه الميزانية ما لا يقل عن ثلثي نواب المجلس وان يكون عدد النواب الحاضرين في المناقشة ما يقارب عددهم كلهم؟ وعلي الاحزاب والنواب التقيد بهذا الواجب واحتراما. ذلك ما اراه واجبا في هذه الظروف المالية الصعبة التي تمر بها الدولة التونسية ويكتوي الشعب التونسي بنارها. لكن الذي اراه عقليا وبمنظار وطني لا اراه في مجلس نواب الشعب وميزانية 2018 مطروحة بين يدي نواب الشعب للنقاش والمصادقة والمباركة. الذي اراه ورأيته بعيني هو غياب ما لا يقل عن مائة نائب في كل جلسة لمناقشة ميزانية وزارة بعد وزارة، (وهو ما يزرع سوء الظن في النواب). والذي رأيته هو ان التزكية تتم احيانا بما يقل عن النصف، وكراسي النواب خالية، فهل يدل هذا الغياب على هروبهم من مسؤولية الموافقة عليها حتى اذا ظهرت الميزانية (كارثة) اطلق النواب الغائبون ألسنتهم فيها وفي اعراض من اعدّوها ومن زكّوها ووافقوا عليها؟ اذا كان ذلك كذلك أفلا يعتبر هذا من النواب الغائبين خيانة؟ انا نبهت وحذرت واقترحت وأبقى أسأل لأفهم.