يعتبر رياض الموخر أحد أكثر وزراء حكومة يوسف الشاهد إثارة للجدل بسبب مواقفه الصادمة وزلانه اللغوية المتكررة والتي أتت على ذكرها وسائل الإعلام المختلفة في أكثر من مناسبة لكن في الوقت الذي كان عليه أن يراجع حساباته ويخفف من إيقاع اندفاعهإنزلق في متاهات التموقع الشعبوي ومغازلة أصحاب الحل والعقد في الحزبين المهيمنين ، نداء تونس وحركة النهضة ، مما أثار تململا في الأوساط السياسية وقد أجج رفضه الإنصياع لقرارحزبه " آفاق تونس "الداعي إلى الإنسحاب من الحكومة وإصراره على الحفاظ على منصبه، الغضب على مواقفه إن مشكلة بعض وزراء حكومة يوسف الشاهد تتمثل في أنهم إما يلوذون بالصمت المطبق في محاولة للإبتعاد عن المشهد وبالتالي دخول مخابئ النسيان مما يثير تساؤلات الرأي العام ،أو يسعون جاهدين إلى الظهور ب0ستمرار و0تخاذ المواقف العشوائية والمرتجلة فيزعزعون الأرض تحت أقدامهم ويفجرون المشاكل ويضعون ، تبعا لذلك، الحكومة في مأزق جديد . ومن هؤلاء الوزراء الذين يملؤون الساحة صخبا ودأبوا على إثارة الرأي العام و وضع مواقفهم في مواجهة التأويلات المفتوحة التي لاتنفع البلاد ولا العباد ولاحتى المسؤولية التي كلفوا بتحملها في هذا الظرف العصيب من مسيرة البلاد والذي كثرت فيه التجاذبات و0ضطرمت الصراعات حول العديد من المسائل الحيوية الحارقة، نذكر الوزير رياض الموخر !!! فبعد سقوطه الغريب في مغبة التصريحات الصادمة التي أرغمته في العديد من المرات على الإعتذار والتدارك ولو بعد فوات الأوان وحصول الأضرار ، ها هو يتحول إلى منقذ من الضلال بمواقف تغازل النهضة تارة وحزب نداء تونس تارة أخرى !!! ما الذي دهاه حتى يسقط في هذه المنحدر الخطير الذي يجعله محل استهداف مباشر من الذين كانوا يساندونه ويدعمونه؟. كنا قد إنتقدنا، في مقالات سابقة بهذا الركن مثل هذه المواقف الشعبوية ،التي تختفي وراء رسائل نبيلة ، يراد بها باطلا ، وهنا تكمن خطورتها . يعرف رياض الموخر جيدا وهو " اليميني جدا" أن مواقفه لن تغير من المشهد الحالي شيئا ولن تمكنه من دعم يعوض دعم حزبه الذي تخلى عليه مفضلا المنصب الذي يتمتع بمزاياه . من حق رياض الموخر أن يدافع عن بقائه في الحكومة بمزيد التقرب من حركة النهضة التي إعترض بعض قيادييها على تسميته قبل إنقلاب موقفهم إثر وساطات مكثفة لا فائدة من الكشف عنها ، والتصرف بالمثل مع حزب نداء تونس الذي لم يكن هو الآخر متحمسا لبقائه في الحكومة إثر التحوير الأخير ، لكن هذه المراوحة بين القطبين ليست بالضرورة مفيدة له خاصة في ما يتعلق بموقعه في المربع المحيط بيوسف الشاهد أو بمستقبله السياسي عموما . لا شك أن طبيعة الحكم القائم والمرتكز على التحالف بين النهضة والنداء قد شجعه على مغازلة الطرفين بنفس المقدار تدعيما لموقعه في الحكومة ، وهو ما حصل فعلا ، إذ كان على قاب قوسين أو أدنى من المغادرة خلال التحوير الوزاري الأخير لولا تدخل اللحظات الأخيرة. أثارت مواقف رياض الموخر ردود فعل متباينة وأعادت مسألة " الإنسجام الحكومي " إلى مربعه الأول في مرحلة لم تعد فيها البلاد قادرة على تحمل أعباء المزيد من الأزمات وهو ما يمكن أن يحرج رئيس الحكومة يوسف الشاهد ويزيد في متاعبه في هذه الفترة الصعبة التي يتعرض فيها وحكومته إلى انتقادات لاذعة من جميع الأطراف ، في الحكم والمعارضة على حد سواء. إن الوزير في أي حكومة ديمقراطية ملتزم أساسا بخيارات تم إقرارها في إطار البرنامج العام لهذه الحكومة والمصادق عليه من قبل مجلس نواب الشعب ، فهل ما أتاه رياض الموخر في السابق واللاحق من صميم برنامج حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد أم انه يتصرف خارج السياق؟ هذا هو السؤال الذي لا بد من طرحه لنتبين حقيقة ما يحدث لأن العديد من المحللين يتحدثون بإطناب عن غياب ما يسمى بالتضامن الحكومي وعن عدم إلتزام العديد من الوزراء بسياسة الحكومة وارتباطهم بأجندات أخرى وهو إن تأكد فسيمثل خطرا جسيما على المسار السياسي برمته .