لم يعد ما يجري في مصر ناتجا عن صراع بين الإخوان والعسكر ومن ثم فهو لم يعد مريحا لمن كانوا يتعللون بدور المنجي منهم. المشكل أعمق من منع عنان من الترشح: المشكل فيه شيء موجب وفيه شيء سالب. وأملي أن يتغلب الموجب على السالب. والسالب هو ما يبدو يأسا من التغير السلمي. لكني أعتقد أن الوجه الموجب هو الغالب والأهم رغم المظاهر: فأولا ترشح عنان ومساندة من يوثق بهم من نخب مصر ظاهرة تفيد أمرين أولهما أن في الجيش المصري من بدأ يدرك خطر ما يفعله السيسي وشرع في التحدي لإيقافه. ومن ثم فخطوة عنان بداية لبروز وعي بتقديم مصر على مصالح مافية الجيش. والأمر الثاني وهو الأهم: تجاوز الفضلاء من نخبة مصر عقدة الخوف من تهمة الانحياز للإخوان التي توجه إلى كل من يقدم مصلحة مصر على المافيا التي وجدت في هذا الشعار ما به ترهب النخب وخاصة بعد محاولات إلصاق تهمة الإرهاب بالإخوان. وهذا تقدم قد يوحد المعارضة بصرف النظر عن مرجعياتها. وحتى الوجه السالب ففيه ما سينقلب إلى موجب: ذلك أن منع عنان من الترشح دليل خوف السيسي وجماعته وهو ما سيفقد العملية الانتخابية الوظيفة التي لأجلها يقوم بها المستبدون والفسدة: ظاهر الشرعية. ومعنى ذلك أن السيسي سيخسر حتى ظاهر الشرعية مهما حاولت إسرائيل التغطية عليه. لذلك ودون أن يكون موقفي هذا منتسبا إلى ما ينسب إلى آراء من تحليل يعتمد على المفارقات فإن ما حدث يجعلني متفائلا بالوضع المصري: كان يمكن للسيسي وحزبه أن يلعب لعبة الانتخابات بما يشبه الجدية فيستمد منها شرعية ما خاصة إذا لم يزيفها وربحها حتى بنصف زائد واحد من المصوتين. وإذن فمنع عنان من الترشح أقوى دليل على أن هذه اللعبة مستحيلة وأنه كان سيخسر حتما. وأنا أصدقه فله جهاز استعلامات أخبره بذلك وحتى إذا هو لم يفعل فحاميته إسرائيل أخبرته بذلك. إذن فنحن واثقون من أن الشعب المصري والجيش المصري وأفاضل النخبة في مصر غسلوا أيديهم من السيسي.