كيف نجحت وزارة الصحة في الحد من أخطر موجات التسمم سنة 2024؟    الجزائر حاضرة بقوة في معرض صفاقس الدولي    تونس تبرز في معرض "فود آند بيفريدج ويست أفريكا 2025" بلاغوس    وصول بعثة الترجي الرياضي إلى أمريكا استعدادا للمشاركة في كأس العالم للأندية    بطولة العالم للكرة الطائرة أكابر الفيليبين 2025: المنتخب التونسي يستهل لقاءاته بمواجهة منتخب الفيلبين    الملتقى الدولي لألعاب القوى (سارسيل - فرنسا) : نورهان هرمي تحرز المرتبة الأولى في الوثب الطويل والمرتبة الثانية في سباق 400    جندوبة: وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية ياذن بفتح بحث تحقيقي اثر العثور على جثّة طفل باحدى البحيرات الجبلية    البكالوريا 2025: محطة فخر واعتزاز في مسيرة 13 عامًا من الجهد    دار الثقافة السليمانية تنظم الدورة الثانية من مهرجان "في بلاد الأطفال" من 24 إلى 26 جوان 2025    الدورة الخامسة لمهردجان 'نظرات على الوثائقي' من 19 الى 21 جوان الجاري بمدينة الثقافة    لا تدع أشعة الشمس تُفسد عطلتك... نصائح ضرورية من الحماية المدنية    عاجل : تعرف على مواعيد مباريات العرب فى كأس العالم للأندية 2025    نفاد تذاكر مباريات ريال مدريد فى كأس العالم للأندية    عاجل - كارثة جوية في الهند: تحطم طائرة تقل 242 راكباً أثناء إقلاعها نحو لندن!    ليبيا.. أهالي مصراتة يتوافدون لاستقبال قافلة "كسر الحصار على غزة"    عاجل/ انزلاق حافلة سياحية في قرمبالية..وهذه التفاصيل..    طفلة تفر من منزل والديها فحول وجهتها طفل واغتصبها !    الحماية المدنية : 584 تدخلا منها 139 لإطفاء حرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    تأجيل إضراب معهد صالح عزيز إلى يوم 18 سبتمبر 2025    نابل: مؤشرات سياحية واعدة وعودة الأسواق التقليدية    رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    رصد متحور كورونا الجديد بصورة متقطعة في ألمانيا    تنبيه/ اضطراب وانقطاع في توزيع الماء بهذه الجهة..#خبر_عاجل    عاجل: ''بورس'' ممولة بالكامل للطلبة التونسيين من 4 حكومات.. تعرف على الآجال، الشروط، والمستويات الدراسية    الوكالة الدولية للطاقة الذرية تصدر قرارا ضد إيران    كأس العالم للأندية: "كاميرا الحكم" لن تعرض الأحداث المثيرة للجدل    المنستير: عروض متنوعة في الدورة 13 لمهرجان محمد الحبيب ابراهيم للمسرح ببنبلة من 12 إلى 15 جوان    إعطاء إشارة الانطلاق لإعداد مخطط التنمية للفترة 2026- 2030 لقطاع التجهيز والإسكان    الكاف: اليوم انطلاق موسم حصاد القمح الصلب والقمح اللين    تونس دون قطارات ليومين..    5 فواكه تُعزز عملية إزالة السموم من الكبد..تعرف عليها..    كأس العالم للأندية : الإنقليزي غريليش خارج قائمة مانشستر سيتي    عدد القوات الأمريكية المنتشرة في لوس أنجلوس تجاوز عددها في العراق وسوريا    مقتل 49 شخصا في فيضانات جنوب أفريقيا    ابن تامر حسني بالعناية المشددة ثانية    بالأرقام: هجرة 40 ألف مهندس من تونس...مالذي يحصل؟    مصر تصدر بيانا توضيحيا حول تخصيص قطعة أرض بالبحر الأحمر    نادي القادسية الكويتي يتعاقد مع المدرب نبيل معلول    المنستير: وصول أول رحلة إياب للحجيج الميامين بمطار المنستير الحبيب بورقيبة الدولي    اليوم: طقس صاف والحرارة تصل إلى 41 درجة مع ظهور الشهيلي    وزارة المالية: قائم الدين العمومي يتجاوز 135 مليار دينار نهاية مارس    قافلة "الصمود" تواصل طريقها نحو معبر رفح وتفاؤل بإمكانية العبور إلى الأراضي المصرية    مصادر إسرائيلية: وحدة "سهم" التابعة لحماس تعدم 12 فردا من "عصابة أبو شباب"    الجزائر.. قرار قضائي جديد بحق ملكة الجمال وحيدة قروج    إيطاليا تتوج «رقوج» والتلفزات العربية تشيد ب«فتنة» الدراما التونسية ... نحو العالمية    معدات حديثة وكفاءات جديدة بمستشفى عبد الرحمان مامي لدعم جودة الخدمات    محمد بوحوش يكتب: في ثقافة المقاومة    غفت أمّة يعرب وطالت هجعتها    اُلْمُغَامِرُ اُلصَّغِيرُ وَاُلْأَسَد اُلْأبْيَض    البنك الدولي:الإقتصاد العالمي يتجه نحو تسجيل أضعف أداء له منذ سنة 2008 باستثناء فترات الركود    جندوبة: افتتاح موسم حصاد القمح    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    الاربعاء: حالة الطقس ودرجات الحرارة    عاجل: متحور ''نبياس'' يصل إلى 11% من الإصابات عالميًا... وتونس بلا أي حالة حتى الآن!    المخرج علي العبيدي في ذمة الله    المنستير: مواطن يذبح خروفه فوق السور الأثري يوم العيد...    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    أولا وأخيرا: عصفور المرزوقي    









عبد الباري عطوان يكتب لكم : لماذا ظَهَرَ الأسد فجأة والتقى الصحافيين بعد غِيابٍ طَويل؟
نشر في الصريح يوم 06 - 03 - 2018

لم يُكِن من قبيل الصُّدفة أن يتزامَن لِقاء الرئيس بشار الأسد مع مَجموعةٍ من الصِّحافيين مع أنباء أكّدها المَرصد السُّوري لحُقوق الإنسان القَريب من المُعارضة، تُفيد بِسَيطرة الجيش على أكثرِ من ثُلث الغُوطة الشرقيّة، وبات على بُعد كيلومِترين من دوما أكبر مُدنِها.
الرئيس الأسد تَعهَّد في هذا اللِّقاء بمُواصلة الهُجوم حتى استعادةِ سَيطرة الدَّولة على الغُوطة الشرقيّة كامِلة، وقال للصِّحافيين “عمليّة الغُوطة هي استمرار لمُحاربة الإرهاب، وأن مُعظَم سُكّانها يُريد العَودة إلى حُكم الدَّولة، ولذلك سَتستمر هذهِ العمليّة”، واعْترف مُتحدِّث باسم “جيش الإسلام”، أكبر الفصائِل المُسلّحة بالغُوطة، “ان سِياسَة الأرض المَحروقة التي تتّبعها الحُكومة أجبرت مُقاتِلي المُعارضة على التَّقهقُر”.
كان واضِحًا مُنذ البِداية أن الجانِبين السوري والروسي “مُصمِّمان” على اسْتعادة الغُوطة الشرقيّة وإنهاء الوجود المُسلَّح فيها، ووَقف قَصف العاصِمة بقذائِف الهاون مهما كان الثَّمن، ويبدو أن تَحقيق هذا الهَدف أصبح وشيكًا، والمَسألةُ مسألة أيّامٍ أو أسابيعٍ مَعدودة.
***
القِوى التي تدعم المُعارضة السوريّة المُسلّحة تخلّت عنها في الغُوطة، مِثلما تخلّت عنها في حلب الشرقيّة ودير الزور، وربّما يتكرّر المَشهد نفسه في مدينة إدلب في المُستقبل المَنظور، فتركيا مَشغولة في حَرب مُوازية في مِنطقة عِفرين، وتَمكّنت من قَتل حواليّ 2250 شَخصًا مُعظَمهم من مُقاتلي وحدات الحِماية الشعبيّة الكرديّة، وأعداد كبيرة من المَدنيين أيضًا، أمّا الدُّول الخليجيّة الدَّاعِمة للمُعارضة فاتّبعت الأُسلوب نفسه الذي اتّبعته أثناء الهُجوم على شَرق حلب، أي الاكْتفاء بالتَّركيز بشكلٍ مُكثّف على المُعاناة الإنسانيّة للمَدنيين، وبَثْ أشرطةِ عن الضَّحايا عبر شاشات قنواتها التلفزيونيّة مع التركيز على الأطفال، ولم تُقدِم على أيِّ خطواتٍ عمليّةٍ مَلموسةٍ على الأرض لإنْقاذِهم.
اتّهامات الولايات المتحدة القويّة إلى روسيا تتمحور حول تورّطها في قَتل مدنيين بمِنطقة الغُوطة الشرقيّة صحيحة ولا تَحتاج إلى إثبات، فالطَّائِرات الحَربيّة الروسيّة لم تتوقّف عن شَن غاراتٍ يوميّة للقَضاء على الإرهاب، ومن الطَّبيعي أن تُسفِر هذهِ الغارات عن سُقوط العَشرات، وربّما المِئات من المَدنيين، خاصّةً بعد أن جَرى تجاهُل مُبادرتها بخُروجهم، أي المَدنيين، عَبر ممر إنساني آمن إلى مُعسكرات لُجوء أُقيمت لإيوائِهم.
قتل المدنيين أيًّا كانت الجِهة التي تُقدِم عليه أمرٌ مُدان، ولا جِدال في ذلك، ولكن الولايات المتحدة هي أكثر قوٍة في العالم ارتكبت مجازِر في حَق هؤلاء، والإعلام العربي والعالمي لا يُركِّز عليها، ويَكفي الإشارة إلى أن الطائرات الأمريكيّة قتلت في يَومٍ واحد أكثر من 500 مدني عِراقي في مدينة الموصل القَديمة، واعْترفت القِيادة الأمريكيّة بذلك، وبَرّرت هذهِ الجَريمة لوصول مَعلومات خاطِئة، وهناك تقارير إخباريّة عن مجازِر أمريكيّة أُخرى ارْتكبتها الطَّائرات الأمريكيّة في مدينة الرقّة ما زال مَسكوتًا عنها، ويَجري حَظر النَّشر عن أعداد ضحاياها، والقَتل هُنا لا يُبرّر القَتل هُناك على أيِّ حال.
من المُؤلِم أن الجَميع يُقْتَل في سورية، والضَّحايا من الأبْرياء دائِمًا، ويَكمُن الفَرق في هويّة القاتِل، فإذا كان روسيا أو سوريا فهو مُدان بارْتكاب “جرائِم الحرب”، أمّا إذا كان أمريكيًّا أو تُركيًّا أو مِن فصائِل المُعارضة فإنّ ذَنبه مَغفور، ولا لوم عليه، والضَّحايا في هذهِ الحالة ليسوا بَشرًا، ولا يستحقّون أي تعاطُف، أو ذَرفْ دَمعة واحِدة تضامنًا معهم، ومَأساتهم.
***
الولايات المتحدة الأمريكيّة التي اعْترفت بإنْفاق 70 مِليار دولار في سورية لدَعم المُسلّحين، هي آخر دَولة يَحِق لها الحَديث عن “جرائِم الحرب”، لأنّها تتحمّل الجُزء الأكبر من تَحويل سورية وقَبلها العراق وليبيا واليمن والصومال إلى دُولٍ فاشِلة ومَنكوبة، ولذلك لا يُمكِن أن نَقبل دموعها الكاذِبة على أرواح المَدنيين.
فمَن حاصَر وقتل أكثر من مِليونيٍ عراقي، ويَدعم العُدوان الإسرائيلي ومَجازره بأحدث أسلحة الدَّمار وأقواها فَتكًا، لا يَحق له الحَديث كحَملٍ وَديع، وإعطاء مُحاضراتٍ في الإنسانيّة وحَقْن الدِّماء.
الجيش السوري سيَستعيد الغُوطة الشرقيّة، مِثلما استعاد حلب الشرقيّة، ودير الزور، وتدمر، وسَيتم نِسيان الضَّحايا الأبْرياء الذين يَسقطون للأسف، ويَدفعون ثمن هذا المُخطّط الجُهنَّمي الذي تَخوضه أمريكا وحُلفاؤها لتَدمير هذهِ الأُمّة وتَمزيق أوصالِها، ونَهب ثرواتِها.
سيَتفاهم الأمريكان والرُّوس فَوق جُثَث الضَّحايا في نِهاية المَطاف، وسيَعقِدون الصَّفقات فيما بَينهم، وستُحوِّل مَحطّات التَّلفزة اهْتمامها إلى مَجازِر أُخرى، وسَيعود أصحابها، أي مَحطّات التَّلفزة، في يَومٍ قَريب، إلى دِمشق، مُردِّدين شِعار “عَفا الله عمّا سَلف”، ونحن أمام مَرحلةٍ جَديدة”، ولا نَعرف ما إذا سَتكون هذه “التَّوبة” مَقبولةً أم لا.. وما نَعرف، ونَكاد نَجْزِم بِه، أن المَشروع الأمريكي الإسرائيلي في تَراجُع.. والأيّام بَينَنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.