غزوة السفارة: أحكام سجنية ب 8 سنوات في حق 20 متهما مع النفاذ    هام/ انطلاق بيع أضاحي العيد بنقطة البيع المنظمة بالميزان بهذه الجهة..    ملتقى الحرية للسباحة بفرنسا: جميلة بولكباش تفوز بذهبية سباق 1500 متر سباحة حرة وتحطم الرقم القياسي الوطني    رسميا: آرنولد في ريال مدريد لست سنوات    أكثر من 64 ألف تلميذ يترشحون لمناظرة "السيزيام" لسنة 2025    بكالوريا 2025: شعبة الاقتصاد والتصرف تستحوذ على أعلى نسبة من المترشحين    قانون جديد في فرنسا: لا تدخين قرب المدارس ومحطات النقل والشواطئ    نسبة الإدمان على التدخين في صفوف المراهقين المتمدرسين ..أرقام مفزغة تستوجب دق ناقوس الخطر!    بلاغ من وزارة التجارة بخصوص مناظرة انتداب متفقدي المراقبة الاقتصادية لسنة 2024    التعاملات المالية اليومية بتونس: 24 مليار دينار ''كاش'' يهدد الاقتصاد    تجهيز ملاجئ ومستشفيات.. إسرائيل تتأهب للحرب مع إيران    بالفيديو: الدكتور لهيذب ''التدخين يسرق شبابك... وشرايينك في الثلاثين تصبح كأنك في الخمسين''!    عاجل/ متحور جديد من كورونا ينتشر في بعض دول العالم.. والصحة العالمية تحذر..    الحماية المدنية تدعو إلى الانتباه والتحري بشأن الأماكن المقصودة للسباحة واتباع جملة من النصائح    أسماء أولاد وبنات عذبة بمعاني السعادة والفرح: دليلك لاختيار اسم يُشع بهجة لحياة طفلك    الصين تقرر إعفاء السعوديين ومواطني دول خليجية أخرى من تأشيرة الدخول    اكتشاف أثري ضخم يعيد كتابة تاريخ حضارة المايا في غواتيمالا    مهرجان دقة الدولي يعلن عن تنظيم الدورة 49 من 28 جوان إلى 8 جويلية    رحيل مفاجئ للفنانة المعتزلة سارة الغامدي    الجامعة التونسية لكرة القدم: 18 جويلية جلسة عامة عادية واخرى لانتخاب اللجان المستقلة    العثور على ''حشيش'' داخل أشهر حلويات    عاجل: تسريح عمال ... الجامعة التونسية للنزل توضح الإجراءات القانونية    حكم ابتدائي ب 8 سنوات سجنا ضد ثمانية متهمين في قضية "الغرفة السوداء"    وفد من عائلات الشهداء يؤدّي مناسك الحج برعاية مؤسسة فداء    السوشيال ميديا والحياة الحقيقية: كيف تفرّق بينهما؟    جوان رولينغ توافق على الممثلين الرئيسيين لمسلسل "هاري بوتر" الجديد    فخر الدين بن يوسف ينهي رحلته مع المصري البورسعيدي    قبل نهائي الكأس جماهير الملعب التونسي غاضبة ...وهذا السبب    رويترز: السعودية حذرت إيران.. "إما الاتفاق مع ترامب وإما الحرب مع إسرائيل"    السعودية تطلق ''منصة بيانات الحج'' الرقمية لتعزيز متابعة وتنظيم موسم الحج    زلزال بقوة 4.8 درجات يضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    المدرب جلال القادري يقود الحزم الى الصعود الى بطولة الدرجة الممتازة السعودية لكرة القدم    وزير الشؤون الدينية: الحجيج التونسيون يؤدون مناسكهم على أحسن وجه    تحذير من ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة خلال عطلة العيد    زغوان: دعم جديد للمنشآت الصحية وتجهيزات حديثة بفضل برنامج "الصحة عزيزة"    النقابة التونسية للفلاحين توضح أسباب اختلاف أسعار اللحوم بين السوق والتسعيرة الرسمية    رولان غاروس : ديوكوفيتش يفوز على موتيه ليواصل مشواره نحو رقم قياسي في البطولات الكبرى    تأثير الكافيين على نوم التونسيين: أسباب اضطرابات النوم وكيفية الوقاية    قيس سعيد يدعو إلى التقليص من عدد المؤسسات التي استنزفت أموال المجموعة الوطنية    رئيس الجمهورية يتبادل التهاني مع نظيره الموريتاني    أرقام قياسية في الكتلة النقدية المتداولة: الشكندالي يحذر من انفلات الاقتصاد نحو "الموازي"    اليوم.. دخول فصل الصيف وفقًا للتقويم الفلاحي    طقس اليوم: سحب قليلة والحرارة تصل إلى 34 درجة    طيران الاحتلال يشن غارات على مطار صنعاء الدولي    منبر الجمعة ..لبيك اللهم لبيك (3) خلاصة أعمال الحج والعمرة    ملف الأسبوع ...العشر الأوائل من شهر ذي الحجة .. اغتنموا هذه الأَيَّامَ المباركة    خطبة الجمعة .. من معاني شهر ذي الحجة.. قصة إبراهيم وابنه    المهدية: صابة حبوب قياسيّة تبلغ 115 ألف قنطار: 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد    عاجل/ فاجعة شاحنة عاملات الفلاحة: آخر مستجدات الوضع الصحي للمصابين..    مركز تونس الدولي للاقتصاد الثقافي الرقمي: اختتام الدورة الخامسة لحاضنة المؤسسات الناشئة في الصناعات الثقافية والإبداعية    عين دراهم: الدورة السادسة لمهرجان "سينما الجبل "    صافرة الحسم: هذا الحكم يقود نهائي كأس تونس الناري بين الملعب التونسي والترجي!    عيد الاضحى: فرق المراقبة الاقتصادية تحجز أغناما بقيمة تناهز 500 ألف دينار بغرض المضاربة    عرض مسرحية "برضاك" في دار تونس بباريس يومي 30 و31 ماي    تونس تتصدر العالم في مسابقة ميامي لزيت الزيتون وتحصد 75 ميدالية    من هي الشابة العربية التي ظهرت برفقة كريم بنزيمة وخطفت الأضواء في مهرجان كان؟    بداية من اليوم.. انطلاق بيع الأضاحي بالميزان بنقاط البيع المنظمة..#خبر_عاجل    عيد الاضحى يوم السبت 7 جوان في هذه الدول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة علمية دولية حول الحركات الاجتماعية..المفهوم والسياقات
نشر في الصريح يوم 17 - 03 - 2018

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يرأسه وزير الثقافة الأسبق الدكتور مهدي مبروك ندوة علمية دولية احتضنها نزل روايال بالحمامات أيام 8 و 9 و 10 مارس الجاري تناولت موضوع الحركات الاجتماعية أو ما يسمى بالحراك الاجتماعي الشبابي الذي ظهر في بعض الجهات للاحتجاج على السياسات الحكومية التنموية أو المطالبة ببعض الحقوق وهي حركات ظهرت في السنوات الأخيرة و فرضت نفسها بعد ثورات الربيع العربي في مختلف دول شمال إفريقيا وخاصة في كل من تونس والمغرب وفي الكثير من دول العالم وفرضت نفسها كقوى جديدة لها قدرة على التعبئة والتجميع وقدمت نفسها بديلا عن الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني وحتى عن النقابات العمالية التي تتمتع في بعض الدول كتونس بقدرة على الحشد والضغط فهذا التشكل الجديد الذي ظهر في مجتمعنا وبدأ يحرج الحكومات والسلط الحاكمة فرض على المراكز البحثية التي تعنى بدراسة التحولات التي تشهدها المجتمعات وعلى أساتذة علم الاجتماع الاعتناء بهذه الظاهرة ودراستها ورصد تحولاتها ومآلاتها وطرح الأسئلة المتعلقة بها.
في هذه الأيام العلمية تم التعرض إلى مفهوم الحراك الاجتماعي ومصطلح الحركة الاجتماعية ومحدداتها واختلافها عن غيرها من المفاهيم والمصطلحات كمفهوم التمرد والانتفاضة والثورة ومفهوم القومة وغير ذلك من ردود الفعل الجماهيرية وتم تقديم تعريف للحركة الاجتماعية على أنها " العمل الجماعي الذي يحركه هدف محدد عادة ما يكون قضية اجتماعية ويسعى إلى تغيير وتعديل الواقع الاجتماعي القائم " فهو ينطلق من فكرة التجميع وفكرة الالتقاء حول برنامج اجتماعي أو ثقافي أو ايديولوجي ويظهر ويتشكل في الغياب النسبي لأجهزة الدولة والسلط العمومية في المناطق لحل المشاكل ومعالجة الاخلالات وفي غياب أي دور للوسيط للمطالب الاجتماعية من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي عادت ما تلعب دور الخيط الرابط بين الدولة وأصوات الشعب وتتيح للسخط الشعبي من أن يعبر سلميا ومن دون اللجوء إلى العنف خاصة وأن مثل هذه التشكيلات الشبابية التي تنشأ خارج الأطر التقليدية ( أحزاب - منظمات - نقابات ) عادة ما تتسم بردود أفعال عنيفة وعفوية .
القضية المحورية التي طرحت في هذه الندوة واشتغل عليها المهتمون بالعلوم الاجتماعية هي لماذا وكيف ظهرت هذه الحركات الاجتماعية الجديدة في بعض البلدان العربية رغم الحضور الحزبي والجمعياتي والنقابي ؟ وهل يمثل هذا الحراك الشبابي الجديد بديلا عن التنظم السياسي والمدني التقليدي؟ وهل يمثل إجابة عن فشل الأحزاب في استقطاب الناس وخاصة فئة الشباب وفشلها في الإجابة عن كل أسئلتهم الاجتماعية الحارقة وخاصة قضية التغيير الاجتماعي والسياسي ؟ وهل يعبر الحراك الاجتماعي عن فشل الفاعلين التقليديين وتراجع مفهوم وفكرة الفاعل المعبر عن هواجس الناس أو القائد الذي يحمل الجماهير إلى وضع اجتماعي مختلف ؟ وفي نفس هذا السياق يطرح سؤال آخر وهو إلى أي مدى يمكن للحركات الاجتماعية الجديدة أن تزعزع وتخلخل النظم القائمة وتجبرها على تغيير سياساتها وتفرض عليها قيم وعلاقات جديدة تقطع مع التدبير الكلاسيكي في التعامل مع السخط الاجتماعي.
فما تطرحه هذه الحركات الاجتماعية الجديدة هو أنها تطرح نفسها على أنها قادرة على أن تجعل نفسها ندا للحكم وأفكارها ندا للقيم المحافظة التقليدية فالذي يحركها هو القاسم المشترك وهو السخط والألم والحرمان والشعور" بالحقرة " والتهميش نتيجة السياسات الحكومية المتبعة التي لم تقدر الأحزاب أن تغيرها وهذا يعني أن ديناميكية الحراك الاجتماعي لا يمكن فهمه بأدوات التحليل الماركسية التي ترجع كل تطور مجتمعي إلى فكرة صراع الطبقات فالذي شكل الحراك الاجتماعي ليس الصراع الطبقي ولا فكرة النبى التحتية التي تؤثر في البنى الفوقية وغير ذلك من أدوات التحليل الماركسي التقليدي .
إن مفهوم الحرمان هو المعطى الذي يشتغل عليه الباحثون في العلوم الاجتماعية لفهم كيف تشكل هذا الحراك الاجتماعي ؟ ولماذا ظهرت حركات اجتماعية بعد الثورات العربية رغم حدوث الثورة على الأنظمة الاستبدادية التي همشت الشعوب ؟ فالألم و الاجتماعي والشعور بالحرمان من وجهة نظر علم الاجتماع هو الذي يفسر نشأة الحركة الاجتماعية الاحتجاجية ولكن رغم أنه شرط ضروري لبناء العمل الجماعي إلا أنه لا يكفي للتعبئة والحشد الجماعي وراء قضية مركزية تكون في الغالب مطلبا اجتماعيا فمع الحرمان تحتاج الحركة الاجتماعية حتى تعبر عن نفسها أن تعرف حالة من التوتر وحالة من فقدان الرضا المولد لطاقة السخط ( حالة احتجاج الكامور وتحركات الحوض المنجمي وحملة وينو البترول واحتجاجات التشغيل في شركات الفسفاط والمركب الكيميائي ..) فمن دون السخط النابع عن الشعور بالحرمان لا يمكن أن يعطى للاحتجاج صفة الحراك الاجتماعي فحينما يكون الناس في وضعية اليأس وحالة البؤس والحرمان حينها يكونون أقل نزوعا إلي التمرد لفقدان الأمل في التغيير ولكن حينما يقترن الحرمان بالسخط ويتحول الألم إلى حالة من التوتر والشعور بالقدرة على التحسين والتغيير حينها يتحول الاحتجاج الى حركة اجتماعية فاعلة وحينها يتمردون ويقاومون القمع والسياسات المجحفة فالأمل هو الذي يبعث النفس على التحرك وليس الالم وحده .
الخطورة في هذه الحركات الاجتماعية التي تتبنى مطالب اجتماعية خارج الأطر التقليدية وخارج الانتماء الحزبي والسياسي هي في تحولها أولا إلى حركات عنيفة ويائسة وفاقدة للثقة حينما يتم امتصاص غضبها بوعود كاذبة وبمفاهمات تتنكر لها الحكومات وحينما يشعر أصحاب الحراك أن الحكومات لا تملك حلولا لمطالبهم وإنما تتبع معهم سياسة التسويف والمماطلة والخطر الثاني هو حينما تتبع الحكومات مع هذه الحركات الاجتماعية سياسات عمومية وتنموية تزيد من تغذية الحرمان من خلال محاولة استيعاب الحراك ومحاولة الاندماج الخادع لأفراده في المنظومة الاقتصادية باقتراح مسكنات وحلول ظرفية لا تعالج المشاكل من جذورها فكل الدول والحكومات قد استعملت سياسة المسكنات مع الحركات الاجتماعية من خلال برامج اجتماعية مثل برامج السكن الاجتماعي وبرامج التشغيل الهشة وبرامج التغطية الصحية الجديدة .
والسؤال المطروح اليوم هو مدى قدرة هذه الحركات الاجتماعية الشبابية على تغيير الواقع وإلى أي مدى هي قادرة على أن تأخذ مكان الأحزاب السياسية وكل اأطر التقليدية للتنظم وإلي مدى هي قادرة على الصمود والمحافظة على طابعها السلمي وقدرتها على التعبئة والحشد من دون السقوط في الفوضى والعنف ؟ إن المفيد الذي نخرج به هو أنه رغم كل هذه الاشكاليات فإن الثابت هو أن المجتمعات العربية تشهد في تاريخها الراهن تحولات كبرى في علاقتها بالانتظام السياسي ووسائل التغيير الاجتماعي وتحولات في ثقة الشباب في الاحزاب والمنظمات والنقابات وتحولات في أطر التعبير على مشاكلهم .. الوطن العربي يشهد ارهاصات لواقع اجتماعي جديد قد تحتل فيه الحركات الاجتماعية الاحتجاجية المكانة الاولى في مواجهة الخيارات الحكومية والسياسات التنموية إننا نشهد عصر أفول الأطر التقليدية للحشد والتجميع وميلاد انتظام جديد خارج التشكيلات التقليدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.