109 حافلة في الدفعة الأولى: الإثنين القادم بداية وصول الحافلات الصينيّة    هذا ما تقرّر ضد محام دلّس عقد بيع عقار.. #خبر_عاجل    مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 172 في هجمات صاروخية إيرانية    عاجل: انقطاع التيار الكهربائي عن هذه المناطق بداية من يوم الأحد    بعد ضربة إسرائيل.. إيران تكشف حالة محطة فوردو النووية    القيروان: جلسة توعوية للإحاطة بالمترشحين لمناظرتي "السيزيام و"النوفيام "    احتجاجات أمريكا : رئيس الفيفا يدلي بهذا التصريح قبل انطلاق كأس الأندية    الأسبوع البورصي : تراجع في أداء توننداكس    تسجيل خمس حالات وفاة بين الحجيج التونسيين حتى الان    عاجل/ "خرج عن السيطرة": نداء استغاثة بعد انتشار مرض الجلد العقدي بين الابقار بهذه الجهة    انتر ميامي يفقد خدمات نجمه أمام الأهلي المصري    ترامب يتراجع عن مداهمات الترحيل بحق هؤلاء    إيران تُغلق مجالها الجوي حتى إشعار آخر    مساء اليوم : المالوف التونسي ....يشدو في باريس    النجم الساحلي يعلن رسميا القطيعة مع محمد المكشر وكافة الإطار الفني    أنس جابر تتعرف على منافستها في دورة برلين للتنس    عاجل ورسمي: الترجي يتعاقد مع لاعب دولي جديد    وزارة المراة: تكليف سنية بن جميع بمهام مدير عام مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة    ولاية تونس: جلسة عمل حول تقدم إعداد مخطط التنمية 2026-2030 على المستوى المحلي    عاجل/ وقع منذ اكثر من شهر: وفاة أستاذ جرّاء حادث عقارب    وزير التشغيل : 2000 منتفعا بنظام المبادر الذّاتي قد تسلموا بطاقاتهم    صفاقس : تزويد السوق بالمواد الإستهلاكية مرضي.. وتسجيل 1934 عملية رقابية من غرة ماي إلى 12 جوان الجاري (الإدارة الجهوية للتجارة)    عاجل : الأردن يعيد فتح مجاله الجوي صباح اليوم السبت    عاجل/ اسرائيل تكشف عدد القتلى والجرحى بالصواريخ الايرانية    الحرارة تصل 41 درجة اليوم السبت.. #خبر_عاجل    عاجل/ إيران: الحرب ستتوسّع لتشمل كل إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة    تنسيقية العمل المشترك تطالب السلطات الليبية برفع الطوق المفروض على مخيم قافلة الصمود    الخطوط التونسية تعلن عن تغييرات في رحلاتها نحو باريس    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    نابل: افتتاح ورشة لاعادة رسكلة النفايات البلاستيكية وتثمينها بفرع بني خلاد للاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    منها العطش وانقطاع الكهرباء...كيف سنواجه أزمات الصيف؟    تأخير النظر في قضية بشير العكرمي وحبيب اللوز    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الممثل والمخرج محمد علي بالحارث    كاس العالم للأندية 2025: إنفانتينو يصف نسخة 2025 ببداية حقبة جديدة في كرة القدم العالمية    صمود الأوضاع المالية على الرغم منحالة عدم اليقين الناتجة عن الحروب التجارية    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    الدورة الأولى من الصالون الوطني للفنون التشكيلية من 14 جوان إلى 5 جويلية بمشاركة 64 فنانا من مختلف الولايات    إعادة تهيئة المقر القديم لبلدية رادس مدرجة ضمن برنامج احياء المراكز العمرانية القديمة باعتباره معلما تاريخيا (المكلف بتسيير البلدية)    وزارة الشؤون الثقافية تنعى المخرج والممثل محمد علي بالحارث    سليانة / كميات الحبوب المجمعة بلغت الى حدود اليوم الجمعة 283 الف قنطار    توزر: يوم مفتوح للتعريف بفرص التكوين في مهن السياحة والمسار المهني لخرّيجيها    الصحة العالمية تحذر من طرق الترويج للسجائر    من قلب الصحراء التونسية : حليب الجمل يتحول الى الذهب الأبيض...روبرتاج يكشف التفاصيل    العثور علي جثة مواطن مذبوح في بوعرڨوب    افتتاح الدورة الثامنة من المهرجان الدولي لفنون السيرك    كرة يد: باسم السبكي يواصل تدريب الترجي الرياضي التونسي (رئيس الفرع)    نحو نفس جديد للسينما التونسية : البرلمان يدرس مشروع قانون لإصلاح القطاع    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستعد لاستقبال اولى رحلات عودة ابناء تونس المقيمين بالخارج    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل : قبل صافرة البداية في مونديال الأندية.. رسالة عربية مباشرة إلى رئيس الفيفا    رئيس الجمهورية يؤكد على الخيارات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة القادمة    انطلاق خدمة التكفّل عن بعد بالجلطات الدماغية في جندوبة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طرق فعّالة لإزالة بقع الحبر من الملابس البيضاء باستخدام مكونات منزلية    عاجل/ رصد متحوّر كورونا الجديد في هذه الدولة..    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    









ندوة علمية دولية حول الحركات الاجتماعية..المفهوم والسياقات
نشر في الصريح يوم 17 - 03 - 2018

نظم المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات الذي يرأسه وزير الثقافة الأسبق الدكتور مهدي مبروك ندوة علمية دولية احتضنها نزل روايال بالحمامات أيام 8 و 9 و 10 مارس الجاري تناولت موضوع الحركات الاجتماعية أو ما يسمى بالحراك الاجتماعي الشبابي الذي ظهر في بعض الجهات للاحتجاج على السياسات الحكومية التنموية أو المطالبة ببعض الحقوق وهي حركات ظهرت في السنوات الأخيرة و فرضت نفسها بعد ثورات الربيع العربي في مختلف دول شمال إفريقيا وخاصة في كل من تونس والمغرب وفي الكثير من دول العالم وفرضت نفسها كقوى جديدة لها قدرة على التعبئة والتجميع وقدمت نفسها بديلا عن الأحزاب السياسية وجمعيات المجتمع المدني وحتى عن النقابات العمالية التي تتمتع في بعض الدول كتونس بقدرة على الحشد والضغط فهذا التشكل الجديد الذي ظهر في مجتمعنا وبدأ يحرج الحكومات والسلط الحاكمة فرض على المراكز البحثية التي تعنى بدراسة التحولات التي تشهدها المجتمعات وعلى أساتذة علم الاجتماع الاعتناء بهذه الظاهرة ودراستها ورصد تحولاتها ومآلاتها وطرح الأسئلة المتعلقة بها.
في هذه الأيام العلمية تم التعرض إلى مفهوم الحراك الاجتماعي ومصطلح الحركة الاجتماعية ومحدداتها واختلافها عن غيرها من المفاهيم والمصطلحات كمفهوم التمرد والانتفاضة والثورة ومفهوم القومة وغير ذلك من ردود الفعل الجماهيرية وتم تقديم تعريف للحركة الاجتماعية على أنها " العمل الجماعي الذي يحركه هدف محدد عادة ما يكون قضية اجتماعية ويسعى إلى تغيير وتعديل الواقع الاجتماعي القائم " فهو ينطلق من فكرة التجميع وفكرة الالتقاء حول برنامج اجتماعي أو ثقافي أو ايديولوجي ويظهر ويتشكل في الغياب النسبي لأجهزة الدولة والسلط العمومية في المناطق لحل المشاكل ومعالجة الاخلالات وفي غياب أي دور للوسيط للمطالب الاجتماعية من أحزاب ومنظمات المجتمع المدني التي عادت ما تلعب دور الخيط الرابط بين الدولة وأصوات الشعب وتتيح للسخط الشعبي من أن يعبر سلميا ومن دون اللجوء إلى العنف خاصة وأن مثل هذه التشكيلات الشبابية التي تنشأ خارج الأطر التقليدية ( أحزاب - منظمات - نقابات ) عادة ما تتسم بردود أفعال عنيفة وعفوية .
القضية المحورية التي طرحت في هذه الندوة واشتغل عليها المهتمون بالعلوم الاجتماعية هي لماذا وكيف ظهرت هذه الحركات الاجتماعية الجديدة في بعض البلدان العربية رغم الحضور الحزبي والجمعياتي والنقابي ؟ وهل يمثل هذا الحراك الشبابي الجديد بديلا عن التنظم السياسي والمدني التقليدي؟ وهل يمثل إجابة عن فشل الأحزاب في استقطاب الناس وخاصة فئة الشباب وفشلها في الإجابة عن كل أسئلتهم الاجتماعية الحارقة وخاصة قضية التغيير الاجتماعي والسياسي ؟ وهل يعبر الحراك الاجتماعي عن فشل الفاعلين التقليديين وتراجع مفهوم وفكرة الفاعل المعبر عن هواجس الناس أو القائد الذي يحمل الجماهير إلى وضع اجتماعي مختلف ؟ وفي نفس هذا السياق يطرح سؤال آخر وهو إلى أي مدى يمكن للحركات الاجتماعية الجديدة أن تزعزع وتخلخل النظم القائمة وتجبرها على تغيير سياساتها وتفرض عليها قيم وعلاقات جديدة تقطع مع التدبير الكلاسيكي في التعامل مع السخط الاجتماعي.
فما تطرحه هذه الحركات الاجتماعية الجديدة هو أنها تطرح نفسها على أنها قادرة على أن تجعل نفسها ندا للحكم وأفكارها ندا للقيم المحافظة التقليدية فالذي يحركها هو القاسم المشترك وهو السخط والألم والحرمان والشعور" بالحقرة " والتهميش نتيجة السياسات الحكومية المتبعة التي لم تقدر الأحزاب أن تغيرها وهذا يعني أن ديناميكية الحراك الاجتماعي لا يمكن فهمه بأدوات التحليل الماركسية التي ترجع كل تطور مجتمعي إلى فكرة صراع الطبقات فالذي شكل الحراك الاجتماعي ليس الصراع الطبقي ولا فكرة النبى التحتية التي تؤثر في البنى الفوقية وغير ذلك من أدوات التحليل الماركسي التقليدي .
إن مفهوم الحرمان هو المعطى الذي يشتغل عليه الباحثون في العلوم الاجتماعية لفهم كيف تشكل هذا الحراك الاجتماعي ؟ ولماذا ظهرت حركات اجتماعية بعد الثورات العربية رغم حدوث الثورة على الأنظمة الاستبدادية التي همشت الشعوب ؟ فالألم و الاجتماعي والشعور بالحرمان من وجهة نظر علم الاجتماع هو الذي يفسر نشأة الحركة الاجتماعية الاحتجاجية ولكن رغم أنه شرط ضروري لبناء العمل الجماعي إلا أنه لا يكفي للتعبئة والحشد الجماعي وراء قضية مركزية تكون في الغالب مطلبا اجتماعيا فمع الحرمان تحتاج الحركة الاجتماعية حتى تعبر عن نفسها أن تعرف حالة من التوتر وحالة من فقدان الرضا المولد لطاقة السخط ( حالة احتجاج الكامور وتحركات الحوض المنجمي وحملة وينو البترول واحتجاجات التشغيل في شركات الفسفاط والمركب الكيميائي ..) فمن دون السخط النابع عن الشعور بالحرمان لا يمكن أن يعطى للاحتجاج صفة الحراك الاجتماعي فحينما يكون الناس في وضعية اليأس وحالة البؤس والحرمان حينها يكونون أقل نزوعا إلي التمرد لفقدان الأمل في التغيير ولكن حينما يقترن الحرمان بالسخط ويتحول الألم إلى حالة من التوتر والشعور بالقدرة على التحسين والتغيير حينها يتحول الاحتجاج الى حركة اجتماعية فاعلة وحينها يتمردون ويقاومون القمع والسياسات المجحفة فالأمل هو الذي يبعث النفس على التحرك وليس الالم وحده .
الخطورة في هذه الحركات الاجتماعية التي تتبنى مطالب اجتماعية خارج الأطر التقليدية وخارج الانتماء الحزبي والسياسي هي في تحولها أولا إلى حركات عنيفة ويائسة وفاقدة للثقة حينما يتم امتصاص غضبها بوعود كاذبة وبمفاهمات تتنكر لها الحكومات وحينما يشعر أصحاب الحراك أن الحكومات لا تملك حلولا لمطالبهم وإنما تتبع معهم سياسة التسويف والمماطلة والخطر الثاني هو حينما تتبع الحكومات مع هذه الحركات الاجتماعية سياسات عمومية وتنموية تزيد من تغذية الحرمان من خلال محاولة استيعاب الحراك ومحاولة الاندماج الخادع لأفراده في المنظومة الاقتصادية باقتراح مسكنات وحلول ظرفية لا تعالج المشاكل من جذورها فكل الدول والحكومات قد استعملت سياسة المسكنات مع الحركات الاجتماعية من خلال برامج اجتماعية مثل برامج السكن الاجتماعي وبرامج التشغيل الهشة وبرامج التغطية الصحية الجديدة .
والسؤال المطروح اليوم هو مدى قدرة هذه الحركات الاجتماعية الشبابية على تغيير الواقع وإلى أي مدى هي قادرة على أن تأخذ مكان الأحزاب السياسية وكل اأطر التقليدية للتنظم وإلي مدى هي قادرة على الصمود والمحافظة على طابعها السلمي وقدرتها على التعبئة والحشد من دون السقوط في الفوضى والعنف ؟ إن المفيد الذي نخرج به هو أنه رغم كل هذه الاشكاليات فإن الثابت هو أن المجتمعات العربية تشهد في تاريخها الراهن تحولات كبرى في علاقتها بالانتظام السياسي ووسائل التغيير الاجتماعي وتحولات في ثقة الشباب في الاحزاب والمنظمات والنقابات وتحولات في أطر التعبير على مشاكلهم .. الوطن العربي يشهد ارهاصات لواقع اجتماعي جديد قد تحتل فيه الحركات الاجتماعية الاحتجاجية المكانة الاولى في مواجهة الخيارات الحكومية والسياسات التنموية إننا نشهد عصر أفول الأطر التقليدية للحشد والتجميع وميلاد انتظام جديد خارج التشكيلات التقليدية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.