استضافت الدورة الرابعة والثلاثون لمعرض تونس الدولي للكتاب، ضمن برنامجها الثقافي، الروائي والشاعر عبد الوهاب الملوّح والروائي سفيان رجب، لتأثيث ندوة فكرية أدبية حملت عنوان "شعراء لكنهم روائيون"، أدارها مساء السبت بجناح وزارة الشؤون الثقافية الأستاذ سفيان التومي. وأجمع المتدخلان في حديثهما عن ظاهرة تحوّل الشعراء إلى روائيين، بأن ذلك ناتج عن عدّة عوامل فسّراها بازدهار مقتنيات الأعمال الروائية على حساب الشعر وإقبال دور النشر على إصدار الروايات بأعداد كبرى عكس الإصدارات الشعرية. لكنهما عدّدا في المقابل مكاسب الأعمال الشعرية على المستوى الأدبي والفكري. وتحدّث الروائي سفيان رجب في مستهلّ كلمته عن العلاقة بين الرواية والقصيدة، مبرزا الخيط الرابط بين الشعر والسرد، وهي منطقة تسكنها جميع أعماله التي ألّفها وتصنّف في الشعر أو في الرواية، على غرار إصداره الروائي الأخير "القرد الليبيرالي". واعتبر أن ما يكتبه الروائيون من قصائد نثرية هي مجرّد خواطر لا غير. وأبرز أن قصيدة النثر التونسية قائمة الوجود، وهي تتفاعل مع محيطها وبيئتها التي نشأت فيها، قائلا "لقد وصلنا اليوم إلى تجربة نص تونسي متميّز استفاد من التجارب السابقة، وهي قصائد نثرية تكتب عن اليومي وتنتصر للحريات والإنسان، ولا تكتفي بالشعارات". ويدافع سفيان رجب بقوة عن موقفه الذي يعتبر فيه أن قصيدة النثر عصية على التجنيس، مضيفا أنها تنتصر للسؤال على حساب الجواب وليست قضية الأشياء الجاهزة، ب حسب تعبيره. ويشدّد على أن الشاعر لا يبحث عن التمايز في أعماله، بقدر ما ينبغي أن تكون قصائده صادقة وعفوية. وفي المقابل، يرى الروائي عبد الوهاب الملوّح أن الإشكال مطروح بالأساس على مستوى الأجناس الأدبية، مبرزا أن الرواية هي "مصطلح إجرائي جامعي بيداغوجي". ولاحظ أن لا فرق بين ما هو روائي وبين ما هو شعري، بقدر ما هو تغيّر في الكتابة الإبداعية عموما. فالشاعر، وفق قوله، يمكن أن يكتب رواية والروائي بإمكانه أن يكتب شعرا. وقدّم مجموعة من الأمثلة من بينها "الحديقة السرية" لمحمد القيسي و"ليلة الإفك" للشاعر المنصف الوهايبي، وهما عملان روائيان يمتزج فيهما السرد بالشعر. ودعا عبد الوهاب الملوّح إلى الفصل بين السرد كجنس أدبي، والرواية، مضيفا أن مصطلح الرواية ظهر في القرن 18 وهو أدب يصف مراحل تطوّر المجتمع في وقت ما وفق قوله.