جاءنا خبر ترشيح فيم "خارج عن القانون" للمخرج الجزائري "رشيد بوشارب" والمنتج التونسي "طارق بن عمار" في مرحلة تاريخية يغلي فيها الشارع التونسي كالمرجل... قد لا ينتبه هذا التونسي المهموم بقضية إعادة ترتيب أوراق وطنه الحر للخبر، وكان يمكن لهذا الحدث أن يكون له وقع آخر علينا في ظروف أخرى... ولذلك ارتأينا الحديث مع المنتج العالمي "طارق بن عمار" فاتصلنا به في باريس ولم يكن الأمر سهلا، لكن كان جواز سفرنا أننا تعرفنا عليه في السابق في الدورة الأخيرة لمهرجان أبو ظبي السينمائي... فوجدنا منه كل الترحيب وخصنا بالحوار التالي وهو أول تصريح لمنتجنا العالمي بعد الحوار الذي أدلى به لإحدى القنوات الفرنسية وتداول التونسيون أجزاء منه على الفايس بوك: _ أولا ماذا يمكن أن تقول عن ترشيح فيلم "خارج عن القانون" للمخرج الجزائري "رشيد بوشارب" لجوائز الأوسكار؟ _ أريد أن أقول الكثير... وأهمها سعادتي الكبيرة إذ تم الإعلان عن ترشيح "خارج عن القانون" لجوائز الأوسكار في الوقت الذي كان فيه الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" يتحدث عن إرادة الشعب التونسي وعن ثورته بالكثير من الإعجاب والتقدير والاحترام والبرلمان الأمريكي يصفق تأييدا وإكبارا لهذا الشعب العظيم الذي غير مجرى حياته وأعطى للغرب درسا تاريخيا لا ينسى... الكل يعرف أن هذا الفيلم جوبه بمعارضة فرنسية كبيرة مازالت متواصلة إلى الآن فبعد المظاهرات التي نددت بمشاركته في الدورة الأخيرة لمهرجان "كان" السينمائي، اعترضوا على ترشيحه لجوائز الأوسكار... ولكن الفيلم فرض نفسه وتم اختياره في ترشيح أول ضمن تسعة أفلام من بين 66 فيلم آخر مرشح لهذه الجوائز العالمية... والحقيقة أنني كنت مكتف بهذه المرحلة ولما وصل إلى الترشيحات النهائية من بين أربعة أفلام فقط سعدت كثيرا وازدادت فرحتي أكثر وأنا أستمع في الوقت نفسه إلى كلام "باراك أوباما" وهو يثني على إرادة الشعب التونسي الذي قاد ثورة تاريخية لا تنسى... _ تعود هوية الفيلم إلى مخرجه وهو الجزائري "رشيد بوشارب"... وهذا يعني أن لا نصيب لتونس في هذا الترشيح والحضور العالمي؟ _ بل الفيلم جزائري _ تونسي لا لأن منتجه هو طارق بن عمار والعالم كله يعرف أنني اعتز بتونسيتي كثيرا ولكن لأنه صور بالكامل في تونس في مدينة بن عروس التي لا تقل عزلة عن كل المناطق الداخلية التونسية التي أشعلت الثورة... وصور الفيلم بكفاءات تونسية يعترف الجميع بقيمتها... هؤلاء هم الذين ساهموا فعليا في نجاح "خارج عن القانون" وأنا لست إلا قائد الأوركسترا... وصول "خارج عن القانون" إلى المرحلة النهائية من ترشيحات جوائز الأوسكار ليس أمرا هينا أو حدثا عابرا، وهو واجهة تونسية وجزائرية في الوقت نفسه... كما أن الفيلم يتحدث عن الثورة الجزائرية والثورة رسالة إنسانية يسطرها الشعب التونسي في هذه المرحلة... _ كيف تتصور وقع هذا الخبر على الشعب التونسي في هذه المرحلة الصاخبة؟ ينجم يفرهدهم؟ _ لا أعرف كيف يمكن أن يؤثر الخبر في التونسيين في هذه المرحلة الاستثنائية... ولكنني على يقين بأن الشباب التونسي الذي أوقد ثورة 14 جانفي وطالب بالحق في الحرية والكرامة والعمل، مؤمن بدور الثقافة في ترسيخ هذه المطالب والشعارات... حان الوقت لنغير خطاباتنا الثقافية وننجز أفلاما عالية المستوى، ونثبت للعالم كله أننا لسنا أقل منهم وأننا جديرون بالحضور والمشاركة الفعلية في أكبر التظاهرات الثقافية والسينمائية في العالم... وأنا من جهتي سأعمل أكثر فأكثر على توفير مواطن الشغل للتقنيين والممثلين في تونس في مخابر قمرت وفي استديوهات الحمامات وفي كل الأفلام التي أنتجها... أنا تونسي خدمت بلادي ولا أحد يمكنه أن يزايد في ذلك... طول عمري نحب ننجح وبلادي تنجح معاي... _ لاحظ الكثيرون تغير الخطاب الإعلامي لقناة نسمة بعد ثورة 14 جانفي... هل لك دور في الخط التحريري الجديد لهذه القناة في هذه المرحلة؟ _ طبعا وجرعة الجرأة في خطاب نسمة كانت بتعليمات مني... ولكن القناة اتخذت موقفها المساند للثورة قبل 14 جانفي ولا شك في أنكم شاهدتم الملف الجريء الذي قدمته نسمة حول أحداث سيدي بوزيد يوم 30 ديسمبر... _ (أقاطعه) لماذا لم تتم إعادة بث هذا الملف كما أعلنت عن ذلك القناة؟ _ لأن النظام السابق بعث إلينا برسالة وهددنا بإغلاق القناة إن أعدنا بث هذا الملف... ولكنني مواطن تونسي وما نخافش... وقد اتصل بي "بن علي" ليلومني على هذه الحصة فقلت له حرفيا "انت غالط.." وفتحت المجال في قناة نسمة للحديث بكل حرية مع التونسيين ومع الحقوقيين والصحافيين والسياسيين بكل ألوانهم الحزبية... ولن نتخلى عن هذا المبدإ... _ يتداول مريدو الصفحة الاجتماعية "الفايس بوك" مقتطفات من حديث "نبيل القروي" ما قبل ثورة 14 جانفي وما بعدها ويتندرون بهذه المفارقة... ألا يؤثر ذلك في مصداقية قناة نسمة؟ _ شاهدت هذه الصفحات، وأكتفي بأن أسأل من يتندر بهذه المفارقة كما قلت "شكون فينا ما خدمش مع بن علي؟؟؟" كلنا متورط مع النظام السابق بأشكال مختلفة لأن هذا النظام لم يسمح بالاختلاف ولم يفتح المجال للتلون السياسي ومارس على الجميع رقابة قمعية على حرية التعبير... الرئيس المخلوع هو الذي منحنا رخصة بعث قناة نسمة ونبيل القروي كان شاكرا لهذه المبادرة و"عمل كيف الناس الكل"... _ وأنت أيضا كنت مقربا جدا من النظام السابق ومتهما بالعمل لصالحه وتلميع صورته في الخارج؟ _ أنا كنت مقربا من بورقيبة وكنت مقربا من بن علي وسأكون مقربا من أي رئيس جديد لتونس... لا يعنيني اسم الرئيس، همي الأول والأبدي هو إني نخدم بلادي تونس التي أحملها في وجداني أينما ذهبت وأعمل على تلميع صورتها والكشف عن مواطن الجمال فيها لا تلميع صورة النظام... لست في حاجة إلى النظام أي كان هذا النظام ولم أستفد من قربي للأنظمة بل هي التي استفادت مني... أنا ليبيرالي... أؤمن بالحريات... وكما قلت لك سابقا نحب ننجح وبلادي تنجح معاي... _ هل كنت وراء الحوار الذي انفردت به قناة نسمة مع قائد الثورة الليبية "معمر القذافي"؟ _ طبعا... القائد "معمر القذافي" يعرفني وقد كنت وراء اعتذار إيطاليا لليبيا، لم يعجبني خطابه بعد ثورة 14 جانفي، وقد قلت له ذلك فاتصل بي وقال إنه يريد أن يصحح بعض ما ورد على لسانه في خطابه هذا واختار قناة نسمة وكان يمكن أن يختار القناة الليبية... فقمت بالتنسيق للأمر وأنجزنا الحوار الذي انفردت به نسمة... _ ولكن هذا الحوار لم يكن في حجم الانتظارات ولقي الكثير من النقد حد السخرية في تونس؟ _ دورنا كان إنجاز الحوار وقد سألنا أغلب ما يدور في ذهن التونسي... فإن لم يستطع "القذافي" التعبير عن أفكاره وتبليغها أو عجزنا عن سؤاله كما يحب التونسي فتلك مسألة أخرى... _ ما هي رسالتك للشعب التونسي الذي قاد الثورة ومازال يريد منها الكثير؟ _ أقول للشعب التونسي أنت عظيم وثورتك رسالة إنسانية استثنائية... وأقول للصحافيين التونسيين وخاصة الصحافيات الذين عانوا الكثير من النظام السابق، أنتم المستقبل، أسسوا لخطاب حر في إعلام نزيه وحاربوا من أجل حرية التعبير...