على وزن "فهتمكم" التي يندر بها التونسيون في كلمة الإقالة للجنرال المخلوع أطل الرئيس المصري "حسني مبارك" ليخاطب شعبه الغاضب قائلا "أنا سمعتكم"... ولكن الوقت كان متأخرا جدا لكليهما... وكما سارع الجنرال المخلوع بإقالة مستشاريه المقربين ثم إقالة الحكومة فيما بعد... دعا الرئيس المصري في خطابه ليلة الجمعة الحكومة إلى الاستقالة (نوع من الإقالة المقنعة)... ارتكب الجنرال المخلوع أخطاء كثيرة في خطابه الأخير وأهمها أن كلامه كان مبنيا إلى المجهول فقد قال مثلا "غلطوني"... شكون اللي غلطوه؟ وكيفاش؟ غلطوه كيف فهموه اللي التونسي جبان كما يتندر أحدهم؟؟ قال لي صديق من العارفين بفنون وتقنيات الخطاب إن الجنرال المخلوع كان قادرا على امتصاص الغضب لو ضحى ببلحسن الطرابلسي مثلا وأمر بفتح ملف للتحقيق حول مصادر ثروته... أو الإعلان عن انفصاله من "لولو" كما تقول إحدى الصديقات ساخرة... أما خطأ الرئيس المصري في خطابه ليلة الجمعة فكانت عبارته المستفزة "سوف"... لقد صبر المصريون عقودا من الزمن على "سوف" ولم يتحقق منها شيء... و"سوف" هي الأخرى مبنية إلى المجهول لأنها لا تحدد زمنا لتحقيق المطالب الشعبية المصرية التي تطورت سريعا لتنادي برأس النظام... اتهم الجنرال المخلوع عصابات ملثمة بتهديد أمن تونس والقيام بعمليات النهب وقيادة الاحتجاجات... وأشار الرئيس المصري إلى وجود شباب مندس بين الجماهير المصرية الغاضبة لتدمير استقرار الوطن... وكلاهما من الحيل التي لم تنطل على شعبينا... قال الجنرال المخلوع يزي من الرصاص الحي ولا مانع من التظاهر السلمي... والنتيجة كانت عددا كبيرا من الشهداء والجرحى... وأشار الرئيس المصري إلى أن عناصر الأمن التزمت بتعليماته بعدم فض المتظاهرين عن طريق السلاح... والنتيجة أيضا كانت عددا كبيرا من القتلى والجرحى... دعا الجنرال المخلوع إلى الكف عن عمليات النهب وتدمير المكتسبات الوطنية... ودعا حسني مبارك إلى حماية المؤسسات حتى لا يخسر المصريون ما بني على مدى سنوات من الاستقرار الوهمي المزعوم... كلاهما تحدث "بكل حزم" عن "ضبط النفس"... وكلاهما فرض حظر تجول لم يلتزم به المواطنون... ألهذا الحد تتشابه الأنظمة الدكتاتورية حد التطابق؟؟؟ ألهذا الحد تسيطر الحاشية على رؤوس النظام في بلادنا العربية و"يغلطوهم"؟؟؟ ما يحدث اليوم في مصر سيناريو آخر يختلف المحللون _ وما أكثرهم _ حول نتيجته ولكنه شديد الشبه بما حدث في ثورة الأحرار التونسية بشيء قليل من الاختلاف... فالاحتجاجات التونسية انطلقت من المناطق الداخلية وامتدت إلى الحاضرة وكل المدن التونسية، أما في مصر فقد تم الإعداد والتنظيم للمظاهرات عبر "الفايس بوك" ولذلك خرجت المدن المصرية كلها إلى الشارع في وقت واحد... امتد الحريق التونسي إلى مصر وبدرجة أقل إلى اليمن... فعلى من سيكون الدور في الأيام القادمة؟؟؟