كشفت وثيقة اسرائيلية رفعت عنها السرية مؤخرا أن رئيس هيئة الأركان الأسبق والذي شغل لاحقا رئيسا للوزراء قبل اغتيال اسحاق رابين أراد قبل أيام قليلة من اندلاع حرب عام 1967 شنّ هجمات مدمرة على مصر، وسانده في مطالبه ارييل شارون الذي كان وقتها من كبار الضباط في الجيش الاسرائيلي. ونشرت صحيفة «هآرتس» العبرية أمس فحوى الوثيقة بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة عشرة لاغتيال رابين. وتشير الوثيقة الى أن اسحاق رابين طالب في 2 جوان 1967 رئيس الحكومة وقتها ليفي أشكول بالمبادرة بشنّ هجوم مفاجئ على مصر وتدمير قواتها الجوية تدميرا شاملا، بدعوى أن استمرار القيادة المصرية بزعامة جمال عبد الناصر في حشد وتعزيز قواتها أصبح خطرا شديدا على وجود الكيان الاسرائيلي. وقال رابين في الاجتماع الذي حضره رئيس الحكومة وأعضاء هيئة الأركان العامة للجيش الاسرائيلي انه يتوجب توجيه ضربة قاسمة للرئيس المصري جمال عبد الناصر بشكل مفاجئ تحسّبا لإقدام القوات المصرية على ضرب مفاعل ديمونة النووي في صحراء النقب. وتكشف الوثيقة التي تمتد على 27 صفحة عن المواجهة بين القيادة العسكرية برئاسة رابين التي طالبت بشن حرب فورا وبين القيادة السياسية برئاسة أشكول التي رأت أنه ينبغي التريث من أجل التوصل إلى تفاهمات سياسية مع الولاياتالمتحدة ودول أخرى. وافتتح الاجتماع باستعراض تقرير استخباري سري قدمه رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية وقتها اللواء أهارون ياريف وحذر فيه الوزراء من ان اية مماطلة في شن الحرب ستؤدي إلى استمرار مصر في تعزيز وحشد قواتها في سيناء. وأضاف ياريف: «إذا لم تفعل إسرائيل شيئا فإنه ستتصاعد الهجمات المسلحة للفدائيين تحت رعاية مصر وسوريا وأن القاهرة قد تقرر توجيه ضربة وتدمير ديمونة وربما المطارات أيضا». وتعقيبا على تحذيرات رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية قال رابين: «قد نصل الى وضع لا أريد أن أعبّر عنه بكلمات شديدة لكن سيكون هناك خطر على وجود اسرائيل والحرب ستكون قاسية وشديدة والخسائر كبيرة». واستعرض قائد سلاح الجو الإسرائيلي اللواء موطي هود تفاصيل خطة الهجوم الجوي وشدد على أن سلاح الجو جاهز لشن العملية فورا. وسأل الوزراء هود حول الدفاع عن المدن الإسرائيلية من غارات الطيران العربي وعندها تدخل رابين قائلا إن الدفاع الأفضل من هجوم كهذا هو ضرب سلاح الجو المصري. وأشارت «هآرتس» إلى أن الأجزاء الوحيدة المحظور نشرها من بروتوكول هذا الاجتماع بأمر من الرقابة العسكرية هي أقوال هود حول تحليق طائرات مصرية لغرض التصوير قبل أسبوعين من حرب 1967 وأنه وفقا لتقارير أجنبية كانت غاية تحليق الطائرات المصرية تصوير منطقة المفاعل النووي في ديمونة. وكان الجنرال أرييل شارون أكثر الضباط تشددا وقال خلال الاجتماع إن هدفنا ليس أقل من تدمير شامل للقوات المصرية، وأنه بسبب التردد والمماطلة من جانب الحكومة الإسرائيلية فقدنا عامل الردع الأساسي. وأضاف شارون إنه يوجد مبرر لسقوط خسائر كثيرة في الجانب الإسرائيلي لأن الحديث يدور عن وضع صعب للغاية بالنسبة لإسرائيل منذ حرب عام 1948، وأشار إلى أن «الشعب في إسرائيل يؤيد توجّه الجيش». ووبّخ أشكول كلا من شارون واللواء موشيه بيلد بسبب حدة كلامهما وشدد على أهمية الاتصالات السياسية قبل شن الحرب وقال «فلنفترض إننا كسرنا اليوم قوة العدو، فإنه سوف يبدأ غدا في بناء قوته من جديد» وحذر من وضع «سنضطر فيه إلى خوض حرب كل عشر سنوات..». وانتهى الاجتماع الذي دام ساعتين ونصف الساعة وبعد ذلك بيومين قررت حكومة إسرائيل شن حرب الأيام الستة التي احتلت فيها إسرائيل أراضي عربية.