بالفيديو: تفاصيل الخطة العاجلة للحد من الانبعاثات الغازية وتطوير المجمع الكيميائي بقابس    عاجل: لجنة المالية تبدأ غدا ًمناقشة مشروعي قانون المالية والميزان الاقتصادي 2026!    عاجل: من الياقوت إلى الزمرد...اكتشف قائمة الكنوز المسروقة من أكبر متحف اللوفر بفرنسا    شوف الكميات: أمطار ما بين 20 و97 ملم في مختلف مناطق تونس    فنزويلا على حافة الحرب.. "خطة دفاع" وسط تحركات أمريكية ضخمة    تونس تحتفي بالذكرى 198 لعيد العلم الوطني    عاجل/ جريمة قتل "التيكتوكور" خيري عيّاد..تفاصيل ومعطيات جديدة..    ينشطون في شبكة لقرصنة البطاقات البنكية: القضاء يصدر أحكامه ضد هؤلاء..#خبر_عاجل    الحماية المدنية : 338 تدخلا منها 102 للنجدة والإسعاف بالطرقات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    هزة أرضية بشدة 8ر4 درجات تضرب هذه المنطقة..#خبر_عاجل    نائب سابق يفجر جدلاً واسعا في ايران حول علاقات حميمية لجاسوسة إسرائيلية بمسؤولين: ما القصة..؟!    عاجل: وفاة التيكتوكر التونسي الشاب "Onex" تُصدم المتابعين    عاجل:العفو الديواني لا يشمل هذه القضايا    بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة السادسة    حركة المرور رجعت طبيعية في المدخل الجنوبي للعاصمة!    عاجل: أكاديمية البلديات تطلق وحدة جديدة للرقمنة!    محرز الغنوشي: ''اواخر اكتوبر فيها بشائر ومؤشرات إيجابية ''    السجن 10 سنوات وغرامات مالية لمروّج مخدّرات في الوسط المدرسي بالعاصمة    بالفيديو: هواتف مسروقة من فرنسا وتُباع في سوق المنصف باي    في حركة إنسانية نبيلة: تمكين طفلين قاصرين من لقاء والديهما بعد سنوات من الانقطاع عن رؤيتهما    احذر.. تدليك الرقبة قد يسبب جلطة دموية وسكتة دماغية    موسم الفيروسات التنفسية جاء.. هذه الاحتياطات الي لازمك تعملها    حذاري: ''قصان الظوافر'' بالفم ينجم يسببلك جلطة في القلب!    خاص: النادي الإفريقي يواجه نادي جبل المكبر الفلسطيني وديا    مرناق: الحماية المدنية تنقذ 5 متسلّقين علقوا في أعلى قمة جبل الرصاص    الصناعات الكهربائية والميكانيكية في تونس تتحسن استثمارا وتصديرا    الكندي ألياسيم يتوج بلقب بطولة بروكسل للتنس    بطولة كرة السلة: نتائج مباريات الجولة الأولى إيابا.. والترتيب    كأس الكاف: النتائج الكاملة لمباريات ذهاب الدور التمهيدي الثاني    النقل في بلادنا: زيدو، مازال يتنفّس!!!    عاجل/ قتلى في حادث اصطدام طائرة بسيارة في هذا المطار..    تركيا.. إدانة 8 فنانين بتعاطي المخدرات في حملة أمنية واسعة    بوليفيا.. مرشح تيار الوسط رودريجو باز يفوز بالانتخابات الرئاسية    أجواء ربيعية خلال ''الويكاند''    في إنجاز تاريخي.. المغرب بطلا لكأس العالم للشباب..    مسرح أوبرا تونس يكرّم الفنانة سُلاف في عرض "عين المحبة"    فيلم "جاد" لجميل نجار يدق ناقوس الخطر حول وضعية المستشفيات العمومية التونسية    صدمة لعشاق كرة القدم: لاعب ريال مدريد يتعرض لجلطة دماغية    سواغ مان مجدّدًا أمام القضاء بتهم فساد مالي وتبييض أموال    عاجل/ أحداث قابس: هذه آخر المستجدات بخصوص الموقوفين..    خطير/ دراسة تكشف: تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة..!    عاجل/ حجز أكثر من 29 طنا من المواد الفاسدة.. هيئة السلامة الصحية تكشف التفاصيل..    في بلاغ رسمي: الداخلية تعلن ايقاف هؤلاء..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل: وزارة الداخلية: إيقافات وحجز كميات ضخمة من السلع والبضائع    المهرجان الجهوي للمسرح بتطاوين.. دار الثقافة بذهيبة تتويجات بالجملة    بداية من يوم غد.. نقل السوق الأسبوعي بالقيروان إلى محيط ملعب حمدة العواني    «الشروق» تواكب عودة اللفت السكري إلى سهول جندوبة .. توقعات بإنتاج 30 ألف طن من السكر    في افتتاح «أكتوبر الموسيقي» بحمام سوسة: توزيع أركسترالي جيّد لأغاني عبد الحليم    أولا وأخيرا .. هل نحن حقا في تونس ؟    دراسة علمية تربط بين تربية القطط وارتفاع مستوى التعاطف والحنان لدى النساء    لا تدعها تستنزفك.. أفضل طريقة للتعامل مع الشخصيات السامة    يوم مفتوح للتقصّي المُبكّر لارتفاع ضغط الدم ومرض السكري بمعهد الأعصاب..    التوأمة الرقمية: إعادة تشكيل الذات والهوية في زمن التحول الرقمي وإحتضار العقل العربي    عاجل: الكاتب التونسي عمر الجملي يفوز بجائزة كتارا للرواية العربية 2025    لطفي بوشناق في رمضان 2026...التوانسة بإنتظاره    خطبة الجمعة .. إن الحسود لا يسود ولا يبلغ المقصود    5 عادات تجعل العزل الذاتي مفيدًا لصحتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف كان الصياح يؤمن بقبضة الدولة إلى آخر حياته
نشر في الصريح يوم 28 - 04 - 2018

كان من المنتظر أن أحضر الاحتفالية التي تقرر تنظيمها اليوم السبت 28 أفريل الجاري بدار الحزب القديمة بشارع 9 أفريل بالعاصمة بمناسبة أربعينية المرحوم محمد الصياح فقد طلب مني الصديقين الطاهر بوسمة ورجب الحاجي حضور هذا اللقاء الذي سوف يواكبه الكثير من أصدقاء المرحوم من رجالات الدولة التونسية من الذين عاصروه واقتربوا منه سواء بالعمل معه أو بالاختلاف مع مواقفه وسياساته وذلك بعد أن كنت قد أعدت نشر نص كتبته سنة 2012 بمناسبة تقديم كتاب عن محمد الصياح يتحدث عن مسيرته وأفكاره . وحيث أني لم أتمكن من مواكبة هذا الحدث نتيجة بعض الإرهاق الذي ألم به جراء حضوري لبعض الندوات في وسط الأسبوع فقد خيرت أن أزور الصديق عيسى البكوش الذي وجودته بصدد المغادرة للذهاب إلى هذا اللقاء. ولما كنت على علم بوجود علاقة من نوع خاص بين الأستاذ عيسى البكوش والمرحوم محمد الصياح وأن هذه العلاقة قد فرضت نفسها بحكم موقع الرجلين في بداية الاستقلال فعيسى البكوش كان مرشح الطلبة في انتخابات الاتحاد العام لطلبة تونس في أواخر الستينات من القرن الماضي وكان يمثل الشق الدستوري المؤمن بالديمقراطية وبضرورة تشريك كل الطلبة في المنظمة وعدم اقصاء أي طيف سياسي وخاصة الطلبة اليساريين الذين كانوا يدعمون عيسى البكوش وطبعا مع جانب من الطلبة الدستوريين في حين كان محمد الصياح وقتها شبابا يساريا يافعا ومتحمسا للدولة القوية والحزب القوي وكان لا يؤمن بالتعددية الحزبية وكان يؤمن بأن الدولة القوية هي التي تهيمن على كل مفاصل الدولة والتي لا تترك أي هيكل من الهياكل خارج رقابة الدولة وسيطرتها وقبضتها فاستسمحت السيد عيسى البكوش أن يحدثني عن تجربته مع محمد الصياح وعن نوع العلاقة التي جمعته به رغم اختلافه معه.
ذكر لي عيسى البكوش أن محمد الصياح رغم أنه منحدر من اليسار وقادم من وسط ومن منظومة شيوعية فقد انحاز لبورقيبة وتبنى نظرته لكيفية إدارة المجتمع وهاجم رفاقه الشيوعيين وأصبح دستوريا بفكر يساري متشدد فقد كان يؤمن بأن الشعب التونسي لا تصلح معه في تلك المرحلة من التاريخ الديمقراطية ولا الحياة التعددية من أجل ذلك تصدى بكل قوة لصعودي إلى قيادة المنظمة الطلابية وفعل كل ما في وسعه لتنحيتي ولا فائدة من ذكر الأسماء التي تورطت معه ولكن ما يمكن تسجيله هو أن الظروف كانت وقتها مؤهلة للبدء في تجربة ديمقراطية من خلال انتخابات الطلبة وتعويد أنفسنا على الاحتكام إلى صندوق الاقتراع ولكن محمد الصياح قد فرط في فرصة تاريخية وتبعه في ذلك بورقيبة الذي كان معجبا بأفكاره ومنبهرا بتصرفاته وخدمته للحزب والدولة الأمر الذي جعل الرئيس يعينه مديرا للحزب الاشتراكي الدستوري في سنة 1964 خلفا لعبد المجيد شاكر وما أدراك ما عبد المجيد شاكر وهو شاب في سن الثلاثين من عمره فكان محمد الصياح أول شاب يتولى أمانة الحزب ومن خلال هذا المنصب فقد جلب إلى الدولة الكثير من القيادات الطلابية ووظف الكثير منهم في ادارة الحكم والشأن العام.
كان المرحوم الصياح مستميتا في الدفاع عن بورقيبة وعن سياسته وضل مؤمنا بأفكاره إلى أن توفى وبقي يؤمن بأن الدولة القوية هي تلك التي تقوم على القائد الواحد والحزب الواحد وأن الدولة يجب أن تهيمن كل شيء وتسيطر على كل مفاصل الدولة ففكرة تكوين الميلشيات لمقاومة الخصوم وخاصة الخصوم النقابيين تعود له وفكرة محاصرة الإسلاميين هو من نبه لها والصدام مع الاتحاد العام التونسي للشغل هو من كان وراءها وفي كلمة كان الصياح في بداية الاستقلال وحتى الثمانينات من القرن الماضي هو رجل بورقيبة الأول إلى درجة أنه يمكننا أن نقول أن محمد الصياح هو الابن الذي لم ينجبه بورقيبة .
من ميزات الصياح والتي مثلت الجوانب الايجابية في شخصيته أنه كان يمتلك طاقة رهيبة للعمل فقد ترأس إدارة جريدة لاكسيون وكان يحبر العشرات من المقالات وكان يكتب باللغتين الفرنسية والعربية ويسهر حتى مطلع الفجر وهو يكتب .. بقي في الحكم من سنة 1964 إلى سنة 1987 وخلال كل هذه السنوات فقد تقلد العديد من الوزارات أهمها التربية والشباب والتجهيز وهذه الأخيرة هي التي برز فيها واشتهر بها فكل الذين عملوا معه يشهدون إلى اليوم بأنه أفضل وزير تجهيز قدم للوزارة بالرغم من أنه ليس ابن الميدان فهو متخرج من دار المعلمين العليا ولا علاقة له بالهندسة والمقاولات العامة ولكنه برع في هذه الوزارة التي عاد إليها ثلاثة مرات ليكون مع محمد مزالي ثاني وزير يعود إلى نفس الوزارة ثلاث مرات.
وحينما يكثر خصومه ويشعر بورقيبة بأن محمد الصياح يحتاج أن يبتعد قليلا عن الأضواء فإنه بمنحه منصب سفير لتونس في إحدى البلدان الأجنبية ولكن الغريب أن الصياح لا يقلق ولا يرفض ويعد نفسه للمهمة الجديدة بأن يتصل بكل المؤسسات والشركات التي لها علاقة بالدولة التي عين بها حتى يؤدي دوره على أتم ما يرام فمحمد الصياح كان يؤمن بأنه مستعد أن يعمل في أي مجال وفي أي موقع لقد كان يؤمن أنه عليه أن يعمل في أي منصب يعينه فيه الرئيس فمن هذه الناحية هو رجل دولة بامتياز ويبرز ذلك جليا حينما تقلدت منصب رئيس بلدية أريانة في أواسط الثمانينات من القرن الماضي فقد فكان يعاملني بكل احترام ولم يعرقلني ولم يقحم الخصومة التاريخية في العمل اليومي للشأن العام .
وفي كلمة محمد الصياح شخصية مهمة في تاريخ تونس نحتاج ان نعتني بها فهو يساري ولكن انقلب على اليسار واختلف معه وهو بورقيبي ومدافع شرس على سياسته رغم أنه لم ينحدر من العائلة الدستورية وهو المتصلب والمتشدد والعنيف مع خصومه والحال أن رفاقه من الماركسيين كانوا يؤمنون بالتعددية وبحقوق الإنسان وبالديمقراطية. . رحم الله محمد الصياح .. و هكذا هي الحياة تجعلنا نختلف مع أناس ولكن نظل نحترمهم ولا نناصبهم العداء ونكرمهم بعد مماتهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.