أبو علي حسن بن محمد بن عمران الحسيني، واحد من مشاهير الصوفيّة وأكبر داعية لمذهب أهل السنّة في الجريد، ولد بنفطة سنة 493 ه الموافق لسنة 1101 م. جاء في كتاب " الضوء المبين في التعريف بأولياء تونس الصالحين" للدكتور أحمد الطويلي في ذكر أبي علي السنّي: " توفي أبوه وهو ابن خمس سنين فانتقلت به أمّه زينب بنت محمد الأنصاري من نفطة إلى تونس، وسكنت بربض السعود –معقل الزعيم اليوم- وأدخلته إلى كتّاب التوفيقية فحفظ القرآن الكريم على يدي المؤدب نصير الشريف ثمّ المؤدب أحمد بن نفيسة ثمّ درس بمدرسة سوق الكتبيّة حيث تتلمذ أبو علي على أبي الفضل السكري وأبي الفضل النحوي وأخذ عنهما طرق التصوّف ممّا هيّأه للتطلع إلى إدراك الصالحين من معاصريه أمثال أبي سعيد الباجي وعبد العزيز المهدوي. سافر إلى بجاية حيث أقام قرب الوليّ سيدي بومدين وربط وإيّاه علاقة عمّق خلالها معارفه ثمّ رجع إلى نفطة فانتصب معلّما ومؤدبا يحثّ الناس على العمل بأحكام القرآن والتأسّي بفضائل السنّة. ولمّا كانت الكوفة الصغرى مثلما كان الناس ينعتون نفطة، محطا للخوارج بإمامة عبد السلام الدرجيني، فلقد انبرى أبو علي محاربا لأتباع هذا المذهب الدخيل على موطن الإمام سحنون صاحب المدوّنة المالكية حتّى عدّ زعيما بل قل سلطانا مثله مثل محرز بن خلف سلطان مدينة تونس الذي قام قبل قرن ضدّ المدّ الشيعي. يقول ياسين الكرامتي في كتابه "الحسن أبي علي السني": "كان سكّان نفطة من الخوارج وبصفة أدق من الإباضيّين، وكان في تلك المرحلة أن حلّ بنفطة سيدي بوعلي مبعوثا من ابن تومرت مؤسس الدولة الموحدية ليقاوم الخوارج وينشر السنّة". ولقد كان أبو علي من أتباع طريقة عبد القادر الجيلاني. أمّا عن فلسفته فلقد أورد التيجاني في رحلته رسالة وجّهها أبو علي إلى يعقوب الطري يحثّ فيها المرسل على " معرفة النفس والارتفاع بها إلى مقام محمود تمكن صاحبها من معرفة الربّ تعالى وتسمح بالتخلص من المكان الحسّي للإفضاء إلى عالم الأرواح ". وهو يوجز هذا التمشّي بمقولة: " الترقي من الأين إلى حيث لا أين ". له إلى جانب هاته الرسالة ديوان في بحور الشعر الخمسة عشر أغلب قصائده صوفيّة ففي البحر الطويل جادت قريحته: أما آن من صبح الرشاد نتنفس وحتى متى ليل الظلام معسعس تراني أرى بحر الهدى متعرّضا فينزع للترحال صبّ معرّس وما قدري إلا شعوب مغيرة وما لاح إصباح وما شط حندس عاش أبو علي أكثر من مائة عام وتعدّدت الروايات حول ظروف وفاته سنة 610 ه/1213 م ولكنها أجمعت على أنه اغتيل من طرف أحد الإباضيين وقيل إنه سمّم بواسطة تينة وضعت له عند الأكل فتناولها. ودفن بنفطة وأقام له أحد تلامذته وهو أبو هلال السدّادي مقامه المعروف والذي بقي قائما إلى اليوم. من أدعيته: "اللهم ارزقني خلفا يرحمني واصرف عنّي خلفا يعذبني ولا تجعل الدنيا أكبر همّي وارحم من ظلمني وآذاني واجعلني شاكرا لنعمتك صابرا على قضائك مسلّما لأمرك."