لقد تشرّفت بمعرفة المنعّمة فتحية مزالي منذ أمد بعيد أي منذ أواخر ستينات القرن الماضي. إذ تعرّفت عليها حينما كنت أتولّى أمانة اتحاد الطلبة وكانت السيدة فتحيّة تعاضد الرئيسة الأولى لاتحاد المرأة المرحومة راضية الحدّاد وكانت علاقة الاتحادين وطيدة حينئذ، وكنت أتحوّل في أكثر من مناسبة إلى مقر المنظّمة النسائية في باب بنات واستمرّت علاقتي فيما بعد مع كلّ المناضلات اللاتي تولّين رئاسة الاتحاد وبصفة خاصّة السيدة فاطمة دويك رحمها الله التي انضمّت إلى المجلس البلدي بأريانة الذي تشرّفت بترؤسه بين سنتي 1980 و1985 والدكتورة نزيهة مزهود والصديقة فائزة الكافي التي ذهب بها الأمر إلى حدّ تكليفي إلى جانب الصديق محمد بن أحمد بترأّس لجنتين من جملة 4 لإعداد المؤتمر التي سلّمت في نهايته المشعل إلى السيدة سميرة بالحاج. لقد كانت لي مع السيدة فتحيّة عدّة مواعيد سوف تحفظها ذاكرة مدينة أريانة التي حمّلت أمانتها مثلما ذكرت آنفا. لقد اصطحبت زوجها المغفور له الأستاذ محمد مزالي الوزير الأوّل آنذاك والرئيس الأسبق لبلدية أريانة (1696/1972) لحضور ذلك اليوم المشهود 08 ماي 1982 فاتحة أعياد الورد. ثمّ توالت زياراتها للمدينة حيث أشرفت صحبة حرم الوزير الأوّل الإسباني على تدشين مكتبة أنيس للأطفال. ولقد كان مجلسنا سعيدا بتكريمها في فضاء الڨولف عند تسميتها سنة 1983 من طرف الرئيس الحبيب بورقيبة على رأس وزارة مستحدثة تعنى بشؤون المرأة والأسرة. كما أنّ مجلسنا قرّر تسمية الشارع المحاذي للڨولف والمؤدّي إلى مقرّ سكناها آنذاك تخليدا لليوم الذي صدرت فيه مجلة الأحوال الشخصية: 13 أوت 1956 وحضرت بنفسها في ذلك اليوم من سنة 1983 وكان في صحبتنا السيد أحمد بن جميع أوّل والي على أريانة إذ لم يمض على إحداث الولاية إلا خمسة أشهر ولعلّ عيد الورد قد فاح أريجه فنالنا ما نالنا من ريحه جرّاء ذلك. وإني إن أنسى فلن أنسى ما كان يحظى به النبات الذي حبا الله به مدينتنا لدى السيدة فتحية إلى حدّ أنها أرسلت لي ذات يوم ظرفا افتتحته فإذا به مقتطعات من مجلة فرنسية تحمل صورا لأنواع من الورد ولقد أرفقت المرحومة هذا المقتطعات بورقة خطّت عليها كلمات رائقة تدعوني من خلالها إلى استجلاب هذه الأنواع وغراستها في حديقة منتزه بئر بلحسن وكانت تعلم أننا أحدثنا في ركن منه منبتا للورود. رحم الله الفقيدة وطيّب ثراها.