القيروان : المهرجان المغاربي للكسكسي في دورته الثامنة يحل ضيفا على عاصمة الأغالبة    عاجل/ صفقة شاملة لغزة.. تفاصيل المفاوضات في القاهرة..    الذكاء الاصطناعي قد يُفني البشرية... تحذير مرعب من عرّاب التكنولوجيا    واشنطن تلغي تأشيرات مسؤولين برازيليين    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة الثانية): كلاسيكو مثير في سوسة وقمة واعدة في رادس    المنتخب الوطني للتايكواندو يشارك في دورة كازاخستان الدولية    اسكندر حشيشة يخلف نفسه على رأس الجامعة التونسية للجيدو    رئيس الجمهورية يزور معتمدية سجنان بمناسبة الاحتفال بعيد المراة    مهرجان قرطاج الدولي 2025: صوفية صادق تغني في عيد المرأة ... بين وفاء الذاكرة وتحديات الحاضر    عاجل: الفنانة الكويتية حياة الفهد تصاب بجلطة وحالتها حرجة    تمويل جديد وفرص توسعة للشركات الأهلية... كيفاش؟    البورصة ومنحة الإدماج: كيفاش تحضّر دوسيك باش يتقبّل من أول مرة    عاجل -نابل : وفاة الشاف محمد خليفي صاحب مطعم Oui Chef    أفروباسكيت أنغولا 2025: المنتخب الوطني ينهزم أمام نظيره الكامروني    باريس سان جيرمان يحرز كأس السوبر الأوروبية بفوزه على توتنهام بركلات الترجيح    جريمة قتل مروعة: ينهي حياة زوجته بمساعدة شقيقته..!    "فايننشال تايمز": توتر متصاعد بين ترامب وزيلينسكي عشية قمة ألاسكا    الخطوط السورية تعود إلى الأجواء الليبية بعد سنوات...التفاصيل    حرائق الغابات تجتاح أوروبا    اختتام الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي: نبيهة كراولي تُعلي صوت المرأة التونسية وتنشد الحرية لفلسطين    عاجل : فلكيا...موعد عطلة المولد النبوي الشريف 2025 للقطاعين العام و الخاص    مجدي الكرباعي: وفاة قاصر في سجن الأحداث بايطاليا    حريق بمصنع في هذه المنطقة الصناعية..#خبر_عاجل    فظيع في القصرين :يقتل والده ويدفنه في المنزل !!    اعتصام الدكاترة الباحثين أمام وزارة التعليم العالي...    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ فاجعة تهز حي الزهور..جريمة قتل صادمة وشنيعة..!    تجمع بين حفتر والدبيبة: خطّة «بولس» لأمركة ليبيا    صيف أرهق الأولياء: حصص التدارك... تحرم التلاميذ من العطلة!    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: فوز موريتانيا ومدغشقر على بوركينا فاسو وافريقيا الوسطى    سعيد: لابدّ من العمل اليد في اليد للقضاء على الفقر والفساد    مهرجان العنب بقرمبالية.. احتفال بالحصاد والتراث    قرطاج بين إبهار الحفلات وطمس الملامح التاريخية...مسرح أثري ... أم قاعة أفراح؟    رئاسة الجمهورية تكشف فوى زيارة سعيد لمعتمدية سجنان..#خبر_عاجل    حصيلة التشريعات في منتصف عهدة البرلمان: اتفاقيات مالية، إلغاء المناولة وتنظيم المجالس    رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى سجنان: التفاصيل    سرّ غير متوقع لتقوية العلاقة الزوجية    من تجارب الأوّلين: منظومة المكايل: أقدم طريقة لري الزراعات والواحات بمنطقة القطار    تاريخ الخيانات السياسية (45): مقتل صاحب الشامة القرمطي    دواؤك في مطبخك...الثوم يتفوق على المضادات الحيوية...    لأول مرة عالميًا: زراعة أنسجة بشرية مطبوعة بتقنية ثلاثية الأبعاد    وزير الإقتصاد في إفتتاح اليوم الوطني لتونس في التظاهرة الكونية " اوساكا اكسبو 2025"    تفشي عدوى بكتيرية بفرنسا ...تفاصيل    تونس تشارك في بطولة افريقيا للتايكواندو للأواسط والاصاغر بعشرة عناصر    الكاف: حجز كميات من السجائر المحلية والمجهولة المصدر    مناظرة انتداب 100 ملازم بسلك الديوانة: آخر أجل 22 أوت 2025    المنتخب التونسي لكرة القدام أكابر ب يلاقي المنتخب المصري الأول وديا يومي 6 و9 سبتمبر القادم بمصر    محرز الغنوشي للتوانسة :'' السباحة ممكنة بكافة الشواطئ واللي يحب يبحر يقصد ربي''    وزارة الصحة تعمم منصة Njda.tn لتسريع التدخلات الطبية وإنقاذ الأرواح    نابل ..تراجع صابة عنب التحويل بنسبة تتراوح بنسبة 25 و 30%    اليوم.. الدخول مجاني لجميع المواقع الأثريّة والمتاحف    طقس اليوم: أمطار مُنتظرة ببعض الجهات بعد الظهر والحرارة تصل إلى 39درجة    ثمانية أمراض ناجمة عن قلة النوم    دعوة الى تلازم الذكاء الاصطناعي مع مقاصد الدين    هام/ عطلة بيوم بمناسبة المولد النبوي الشريف..    يهم التسجيل المدرسي عن بعد/ البريد التونسي يعلن..    رّد بالك مالبحر اليوم: الرياح توصل ل60 كلم والسباحة خطر    تعطل وقتي لجولان عربات المترو بسبب عطل في الأسلاك الهوائية الكهربائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اختتام الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي: نبيهة كراولي تُعلي صوت المرأة التونسية وتنشد الحرية لفلسطين
نشر في باب نات يوم 14 - 08 - 2025

في عرض يحتفي بالمرأة ويتغنى بها ويحمل بين ثناياه مواقف ملتزمة بحقوقها وحرياتها، اختتمت الفنانة التونسية نبيهة كراولي الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي في سهرة الأربعاء 13 أوت تزامنا مع العيد الوطني للمرأة التونسية. وقد كانت الخاتمة أنيقة بإمضاء أنثوي وملتزم، كما أرادتها هذه الفنانة المتأصلة في جذورها الموسيقية وكما كان ينتظرها جمهور الحمامات بشغف كبير.
وجاءت هذه السهرة احتفاء بالمرأة وبالوطن وبالفن الذي يحمل في نبراته قيم الحرية والكرامة، لا سيما مع انطلاق حملة وطنية مناهضة للعنف ضد النساء، جعلت من حفل نبيهة منصة لإطلاق صرخة جماعية ضد الصمت والخوف والتهميش.
استهلت نبيهة كراولي العرض بأغنية "متشوقة" وهي عنوان يختزل الكثير من المعاني أبرزها اشتياقها للوقوف من جديد على خشبة مسرح الحمامات العريق من ناحية، واشتياقها لجمهورها الذي وصفته ب"الصادق" من ناحية أخرى وكذلك اشتياقها للفن الذي لا يفقد جوهره مهما تغيرت السياقات. وقد كانت هذه الأغنية الافتتاحية بمثابة تحية أولى للحضور ومدخلا شعريا لرحلة موسيقية تتأرجح بين الذاتي والجماعي وبين الحب والاحتجاج وبين الغناء والرسالة الفنية الإنسانية.
من العتمة إلى النور... "مبروكة تتجلّى"
ومن ركح مهرجان الحمامات الدولي، نسجت نبيهة خيوط عرضها المتنوع حيث تنقلت بين عناوين عاطفية وشعبية على غرار "كان قلبي يطاوعني" و"محلاها" و"إذا حبوك ارتاح"، إلى أخرى أكثر عمقا وتجذرا في القضايا الإنسانية حملت أبعادا وجودية واجتماعية مثل "مقواه هواك" و"ليام والمكتوب" و"الممرضة" (أغنية جزائرية ). لكن اللحظة المفصلية في السهرة، كانت حين وقفت الفنانة بإحساس يفيض صدقا لتغني "مبروكة تتبرى"، وهي الأغنية التي رافقت انطلاق الحملة الوطنية ضد العنف المسلط على النساء. وصدحت الفنانة وجمهورها بأغنية "مبروكة" تحية لشجاعتها واعترافا بصرختها التي اخترقت صمت المجتمع. ثم تحولت الكلمات من "مبروكة تتبرّى" إلى "مبروكة تتجلّى" أي تلك المرأة التي تجلّت فخرجت من العتمة إلى النور وصرخت بأعلى صوتها "كفى".
وبكلماتها النابعة من جرح جماعي وذاكرة نسوية مقاومة، حدّثت نبيهة جمهورها عن قصة هذه الأغنية قائلة: "مبروكة هي امرأة تعرضت للعنف لكنها لم ترضخ للواقع الذي فرض عليها، فتمردت وثارت على واقعها العنيف". وصدحت بالقول أيضا: "آن الأوان لكل امرأة كانت حبيسة الصمت والخوف أن تتحرر وأن تكسر هذا القيد وأن تتوجه نحو النور". وتزامنا مع الأغنية، برز الرقم الأخضر 1899 على الشاشة العملاقة على خلفية الركح، ليكون وسيلة أمل لكل امرأة وجدت نفسها عرضة للعنف.
"أصبح عندي الآن بندقية"... حضور فلسطين في قلب الحمامات
ولم يغب الالتزام عن هذه السهرة أيضا، فقد غنّت نبيهة كراولي لفلسطين وللأرض المحتلة وللكرامة المغتصبة، من خلال "أصبح عندي الآن بندقية". وقد بدا الصوت في هذا المقطع المؤثر دعوة للمواجهة لاسترجاع الأرض المسلوبة بقوة السلاح ورفض الصمت. وعن دوافع اختيار هذه الأغنية، تحدثت الفنانة في الندوة الصحفية عن حيرتها في اختيار الأغنية المناسبة لتحية فلسطين قبل أن تستقر على هذه القصيدة المغناة التي رأت فيها تماثلا مع موجة "الظلام والتيه والضياع" التي يعيشها العالم.
وقالت: "كنت حائرة هل أغني "إذا الشمس غرقت في بحر الغمام" أم أختار "أصبح عندي الآن بندقية"؟ وبعد تفكير طويل وجدت أن هذه القصيدة هي الأقرب لما أود قوله ولما نحسه جميعا اليوم. فالعالم يمر بموجات من الظلم والتشتيت والقضية الفلسطينية تمثل ضمير هذا العالم. لذلك، حملت الكلمة كما لو كانت سلاحا ووقفت لأغني بكل صدق وإيمان".
كما عبّرت نبيهة كراولي في حديثها مع الصحفيين عن متانة العلاقة التي تربطها بمسرح الحمامات الذي وصفته بأنه "فضاء يحمل خصوصية". وأضافت: "أشعر بانجذاب خاص لهذا الفضاء، حين اقترحوا عليّ فضاءات أخرى رفضت دون تردد واخترت الحمامات لأنه الأقرب إلى وجداني".
نبيهة كراولي ابنة قفصة والفنانة التي درست الموسيقى في المعهد العالي بتونس وتخصصت في الغناء التونسي، أثبتت مرة أخرى خلال هذا العرض أنها من الأصوات النادرة التي جمعت بين الأصالة والتجديد وبين الالتزام الفني والانتماء الإنساني. فمن "النوارة العاشقة" إلى "زخارف عربية" و"النجع"، بنت نبيهة مسيرة فنية متفردة ارتبطت فيها بالمسرح وبالشعر وبالذاكرة الجماعية.
وقد جعلت من صوتها قناة تعبير نسوي صادق، يرى في المرأة أكثر من كائن جمالي بل ركيزة حضارية وثقافية. وقد أكدت ذلك في تصريحها حين قالت: "الفن ليس فقط للترفيه إنما هو رسالة والفنان هو عنصر من هذا المجتمع وعليه أن يقدّم شيئا نافعا له. وأهم ما حملته هذه السهرة هو رسالة رفض العنف ضد المرأة، فالمرأة هي المدرسة التي تُعدّ الأجيال، إن حافظنا على كرامتها حافظنا على كيان الأسرة وبالتالي المجتمع. والمرأة التونسية حققت نجاحات كثيرة وهي تستحق أن تحيى في كنف الاحترام والعدالة وليس في ظل العنف أو التهميش".
كما تطرقت إلى بداية رحلتها الفنية مع الأغنية الملتزمة حين التقت بالشيخ إمام وهي طالبة في السنة الأولى بالجامعة، مبينة أنها وجدت في كلماته ما يعبر عنها وعن محيطها الاجتماعي وعن رؤيتها للحياة، مضيفة: "هذه أنا أغني لأنني أؤمن وأصدح لأنني أنتمي وأصمت حين لا تكون الكلمة صادقة، لذلك فإن كل ما غنيته الليلة خرج من أعماقي".
وفي العيد الوطني للمرأة التونسية، اختتمت الدورة 59 من مهرجان الحمامات الدولي بصوت أنيق وصادق يعكس صورة المرأة التونسية الحرة والمثقفة والمبدعة والمقاومة. وقد كانت نبيهة كراولي هي الختام المثالي لهذا الموعد الثقافي لأنها غنت فأطربت وصدحت بما يجب أن يُقال".
وبصوت الفنانة نبيهة كراولي، ودّعت الدورة 59 لمهرجان الحمامات الدولي (11 جويلية إلى 13 أوت 2025) تحت شعار "نبض متواصل"، جمهورها الذي واكب سلسلة متألفة من 36 عرضا موزعا على 33 سهرة راوحت بين العروض الموسيقية والمسرحية والكوريغرافية التي احتفت بالإبداع في أبهى تجلياته ورسخت موقع هذا المهرجان كأحد أبرز المواعيد الثقافية الدولية نبضا وعراقة.
وقد سجلت دورة هذا العام مشاركة فنّانين من 14 بلدا هي تونس وفلسطين والجزائر والمغرب وسوريا ولبنان والسودان والأردن ومالي والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وكولومبيا. وشكّل هذا الحضور الدولي المتنوّع فرصة لتلاقي الثقافات والإيقاعات وتبادل التجارب الفنية، حيث تحول معه ركح الحمامات إلى منصة تلاشت فيها الحدود للاحتفاء بالتنوع الثقافي والقيم الإنسانية الكونية السامية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.