شرع نبيل القروي صاحب قناة نسمة الفضائية منذ مدة في دبلجة الدراما التركية وقام بنقلها إلى الدارجة التونسية وهي تجربة على هناتها قد أعتبرت عند العارفين مقبولة مع ضرورة الاشتغال أكثر على الحوار المستعمل الذي حوى الكثير من الألفاظ العامية التي لا يمكن أن نقبل بتسريبها إلى البيوت التونسية وهي عامية عادة ما تستعمل في فضاءات مخصوصة. بعد هذه التجربة في ترجمة المسلسلات إلي اللهجة التونسية طلع علينا صاحب قناة نسمة في الأيام الأخيرة ونحن على مقربة من حلول شهر الصيام ببادرة غريبة تتمثل في إعادة بث المسلسل الإيراني الضخم " يوسف الصديق " باللهجة التونسية. وهذا المسلسل هو عمل درامي لا يزال يلقى إقبالا على مشاهدته منذ أن بث لأول مرة منذ سنوات ويعد من أضخم الانتاجات في الدراما الايرانية وقوته تكمن إلى جانب الحبكة الدرامية وشخصية النبي يوسف في لغة الحوار وهي اللغة العربية الفصيحة فالذي زاد المسلسل قوة استعمال الفصحى في الحوار لكن نبيل ارتأى أن يعوض اللغة العربية باللهجة التونسية وهو خيار ركيك قد أضعف المسلسل وقلل من قيمته وأفقده عمقه التاريخي وقيمته الدينية فجاءت إعادة بث مسلسل يوسف الصديق بلهجتنا التونسية تجربة غير موفقة و غير مستحسنة خاصة وأن استعمال اللهجة المحلية الدارجة لا يخدم مثل هذه الأعمال التاريخية الضخمة. إن الأعمال التاريخية والدينية لا يناسبها إلا اللغة العربية وقوة هذا النوع من الدرامية في قوة اللغة العربية الجميلة التي تعطيها مهابة ورونقا مخصوصين وإبهارا كبيرا فليست كل الأعمال الدرامية تصلح معها الدبلجة العامية فالذي حصل والذي أعرب عنه الكثير ممن تابعوا الحلقات الأولى من مسلسل يوسف الصديق باللهجة التونسية هو الانطباع بأن نبيل القروي قد إغتال مسلسل يوسف الصديق لما حول لغة حواره من العربية الفصيحة إلى اللهجة التونسية التي لا تتلاءم ولا تستقيم مع هذه النوعية من الأعمال الدرامية. فهل يعي صاحب قناة نسمة ماذا يفعل ؟ هل يفهم حجم التشويه الذي ألحقه بمسلسل من أهم المسلسلات الدينية التي صورت حياة نبي من أهم انبياء الله ؟ أحسب أن نبيل القروي صاحب قناة العائلة لا تعنيه كل هذه الأسئلة طالما أن همه الأول هو الربح التجاري فهو غير مقدر للضرر الذي أحدثه لشخصية النبي يوسف وغير مقدر للضرر الآخر الذي ارتكبه في حق الفصحى ، لغة الضاد البليغة حينما خير عليها لهجة محلية ليست أفضل منها في التعبير والإفصاح من أجل ذلك نقول لقد اخطأت يا سي نبيل وارتكبت جرما في حق هذا المسلسل الجميل واغتلت النبي يوسف الصديق حينما قدمت سيرته في لهجة عامية الكثير من كلماتها غير لائق وغير مستساغ ولا مقبول. وربي يهديك..