تلك هي السياسة بلا رحمة و لا شفقة ,صراع محموم و مجنون على السلطة و النفوذ ,لا تصدق كل ما يقال فيها من شعارات رنانة و خطب خلابة, فالفعل في غالب الاحيان غير متوافق و لا متناسق . اما الوعود فهي كما يردد البعض لا تلزم الا من يصدقها . لست في وارد الادانة او التعميم , فالسياسة و ان كانت لعبة قذرة (مع بعض الاستثناءات التاريخية النادرة هنا و هناك) حتى في اعرق الديموقراطيات و اشهرها فانها تعتبركذلك فنا لا يتقنه من هب و دب العبرة فيه بالنتائج لا بمعسول الكلام . رغم تودد سي يوسف لاخوته في الحزب و نزوله الميداني المساند لهم في الحملة الانتخابية البلدية الاخيرة و رغم تصريحه و التزامه بمساندة سي الباجي ان ترشح لعهدة ثانية و رغم بداية التحسن الطفيف لبعض المؤشرات الاقتصادية, فان موقف النداء على لسان ناطقه الرسمي لا يرى مانعا في تغييره ,بل ربما سيضغط من اجل ذلك, في تناغم مع مواقف بعض الاحزاب و المنظمات الاخرى و التي لكل منها اسباب معلنة و اخرى غير معلنة ,استجابة لمقتضيات الفعل و العمل السياسي او "السياسوي" كما شئتم ان تصنفوه حسب الحالة او الظروف . في المقابل الا يعتبر سي يوسف تلميذا مطيعا و منضبطا لدى المؤسسات الدولية المقرضة و تجاه الاتحاد الاوروبي الحليف الاول لتونس و الذي اتفق و تعاهد معه على المصادقة على "الاليكا " في اقرب الاجال و بالطبع لغايات في نفس يعقوب و الذي ابدى اخيرا سفرائه في تونس عن رضاهم و مساندتهم للحومة التونسية و رئيسها . فهل سيوافق الخارج بسهولة على تغيير سي الشاهد رغم ان خليفته ان تقرر ذلك لن يحيد يقينا عن خطه و سياسته الخارجية؟ و هل يمكن ان يؤثر التغيير المحتمل على قدرة تونس على تسديد ديونها و الايفاء بالتزاماتها المالية الخارجية و بالتالي فزع و فيتو صندوق النقد الدولي و حاشيته؟ على كل حال نحن امام اختبار حقيقي لقياس الثقل الحالي بين الداخل و الخارج, خصوصا و ان تاريخ تونس منذ الاستقلال ,على الاقل ,لحافل بالاخذ و الرد بين الطرفين و محاولات الاستقلالية تارة و التبعية و الخضوع احيانا اخرى . و لو ان نتائج الاختبار, ايا كانت, لن تعكس الواقع بكل وفاء ,اعتبارا لوجود قوى داخلية تدعم و تساند رئيس الحكومة الحالي في منصبه لغاية 2019 موعد الانتخابات الرئاسية و التشريعية القادمة ,التي تشرئب نحوها مجمل الاعناق و التي افقدت البعض لصوابه و رجاحة عقله . و ان غدا لناظره لقريب .