لا شك ان اكبر واصدق مقياس في التفريق والحكم والتمييز والفصل بين الكتاب اصحاب القراطيس والأقلام هو مدى تجسيم الواقع ومدى تصديق الحياة لما ابرزوه واوضحوه وكتبوه ونشروه ودعوا اليه من الأفكار ومن الأحلام على مدى الأعوام والأيام اقول قولي هذا بعد ان سمعت وعلمت ببالغ السرور ان وزارة التربية مشكورة اعلنت عن وجوب اقتحام وخوض التلاميذ بداية من السنة القادمة مجالي مناظرتي السيزيام والنوفيام وهو قرار عندنا على افضل ما يكون ومن احسن ما يرام ولعل قراء الصريح الورقية يذكرون انني قد كتبت منذ سنوات وفي عهد بن علي بالذات الذي اساء الى التعليم بما جاء به من غريب وعجيب القرارات ومنها حذف اجبارية مناظرة السيزيام ومن بعدها مناظرة النوفيام ذلك القرار الذي مازالت تبعاته الماساوية وفواجعه التربوية تلاحق ابناءنا التونسيين في اليقظة وفي المنام...اقول لقد كتبت في ذلك الوقت وفي جريدة الصريح بعد ان سمعت باصوات خافتة تدعو على استحياء الى ضرورة العودة الى مناظرة السيزيام واصوات اخرى تعارضها من باب الغفلة والجهل وقد كتب احدهم في هذا الاطار تحت عنوان (العودة اى السيزيام خطوة الى الوراء) فرددت عليه فوريا وانا من طبعي وفطرتي وجبلتي وعادتي وعوائدي لا احب السكوت عن الحق ولا احبذ طول الانتظار(العودة الى السيزيام خطوة الى الأمام)لأبين واوضح له ولغيره ما ينبغي بيانه من فساد رايه وما فيه من الغفلة والتجاهل وكثرة الأسقام وبهذه المناسبة ادعو جريدة الصريح ان امكن ان تعيد نشر ذلك المقال اليوم في الصريح الالكترونية حتى نسترجع بعض الشيء من تاريخ تونس في مجال الصراعات التربوية والفكرية التي حسم في اغلبها مسار التاريخ الطويل والذي اعطى كل ذي حق حقه وحكم فانصف بين المختلفين والمختصمين والذي يميز سريعا بين اهل العلم والفهم واهل التزكير والتطبيل والتزمير فشكرا لوزراة التربية على هذا القرار الضروري وهذه الاستفاقة وانها بذلك قد طوت ومحت ومسحت صفحة سوداء من تاريخ افساد التعليم التونسي كتبت وفرضت في مرحلة كاذبة خاطئة خرقاء قد اجرم اصحاب القرار فيها في حق التلاميذ والشعب التونسي بصفة عامة بعقلية وبسياسة جاهلية جهلاء ولا شك انهم سينالون جزاءهم عند رب سميع بصيريحاسب على الاعمال ولا تخدعه الألقاب ولا المناصب ولا الأسماء يمهل ولا يهمل ويعلم حقيقة من اراد تضليل الشعب و افساد البلاد وحقيقة من عمل بجد وصدق وصبر على التمسك بنهج الاصلاح وطريق الرشاد والله بصير بالعباد