أثارها مشاركُون في ندوة لمنتدى التقدّم لحزب الوحدة الشعبيّة: هل حقّا تتوفّر في تونس كلّ الشروط الموضوعيّة لبناء الديمقراطيّة وأنّ التنمية السياسيّة بها تتقدّم ببطء؟ القوماني في منتدى التقدّم : ضمور المواطنة يعزز جاذبية التصدع الديمقراطي شدّد الناشط السياسي السيد محمد القوماني في المائدة المستديرة التي نظمها منتدى التقدم يوم الأربعاء 06 ماي الجاري بمقر جريدة الوحدة ( أسبوعية – معارضة ) على أنّ المواطنة ركيزة أساسية من ركائز الإصلاح السياسي وأن تفعيلها لا يتم إلا بتوافق بين السلطة والمعارضة و المجتمع . كما بين في مداخلته أن ضمور المواطنة يعزز جاذبية التصدع الديمقراطي في المجتمع واعتبر أنه وفي غياب المواطنة لا يمكن الحديث عن مؤسسات المجتمع. ويرى السيد القوماني بأنّ سلوك المواطنة الحقيقي يخص الحكام والمحكومين على حد سواء ويتجسد من خلال مختلف مستويات العلاقات الاجتماعية وهو مفهوم ديناميكي ومتطور. كما تحفظ في مداخلته على مفهوم المواطن العالمي على اعتبار أن مفهوم المواطن يعني الانتماء إلى دولة معلومة الحدود والكيان الاجتماعي. الإصلاح السياسي ومراجعة مؤسسات المجتمع ويضيف أنه بدون مواطنة لا معنى للحديث عن الإصلاح السياسي ومراجعة مؤسسات المجتمع ، وينفي كذلك تأصيل المواطنة في المجتمعات القديمة والتاريخية لأن التأصيل، حسب رأيه، نوع من التسلق على مكتسبات العصر. ويؤكد المحاضر على أنّ المواطنة موجودة كمصطلح دستوري ولكنها مفرغة من محتواها ويضيف في السياق ذاته أن تفعيل المواطنة لا يقتصر على المجتمع المدني والأحزاب بما أنها معنية بها ، بل إن هذا العمل لا يتم إلا بتوافق السلطة والمعارضة وباقي مكونات المجتمع. وفي حديثه عن الحالة السياسية المفترضة للمجتمع رفض السيد محمد القوماني منطق الغلبة والصراع على السلطة من أجل احتكار المقاعد والمسؤولية والذي يؤدي في بعض الأحيان إلى استعمال الانقلابات العسكرية والنزاعات المسلحة والفوضى واقترح بأن يقع استبدال مصطلح الصراع بالمنافسة الشريفة وهو منطق توافقي حسب رأيه يمكّن من بلوغ الغايات على اعتبار أن هنالك مشتركا بين الفاعلين السياسيين في البلاد سواء أكانوا من السلطة أو من المعارضة. ويرى بأنه يوجد مسار إصلاحي وضعت عليه تونس منذ الاستقلال وتحققت من خلاله مكاسب عدة على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية إلا أن التنمية السياسية لم تلق النصيب الكافي ويوضح في الإطار ذاته بأن تونس أصبحت فيها أغلب الشروط الموضوعية لبناء الديمقراطية إلا أن التنمية السياسية بقيت تتقدم بخطى بطيئة خوفا من نتائج وعواقب الإصلاح السياسي. ضعف المعارضة إلى ذلك، صرح الأستاذ محمد القوماني بأن ضعف المعارضة لا يمكّنها من أن تكون طرفا فاعلا في المشاركة السياسية إضافة لمشاكلها الذاتية وأزمة الثقة التي تعيشها وخطابها الذي لا يصلح للوضع المطلوب، كما يعتبر أن المعارضة التي تسمي نفسها مستقلة ظلت في الهامش السياسي وتمارس نوعا من الضغط الإعلامي لم يصل للشعب. على نفس الصعيد، يؤكد السيد محمد القوماني بأن هذا التمشي ليس في مصلحة البلاد وأنه كذلك من الصعب اليوم أن حزبا واحدا يمكن أن يمثل المجتمع بتنوعاته وتعدديته ولا بد من التعبير عنها بصفة أنضج وهو ما يعزز جاذبية الديمقراطية. وفي ختام مداخلته قدم القوماني مقترحات عملية لتفعيل المواطنة وبناء مسار الإصلاح السياسي والتي يمكن اختزالها في سبع نقاط: رد الاعتبار للروح الوطنية والمواطنة. تعزيز التعددية و ضمان الاستقلالية. إنهاء هيمنة الحزب الواحد. رفض الديمقراطية المفروضة من الخارج. مباشرة حوار وطني للإصلاح السياسي. البناء على المشترك واستبدال منطق التنافي المشحون بالمنطق التسلطي بالحوار. الاتفاق على التحديث بمختلف وجوهه الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية خصوصا. مفهوم المواطنة من زاوية نظرية على صعيد آخر، تطرق الضيف الثاني في هذا اللقاء السيد بلقاسم بلحسن إلى مفهوم المواطنة من زاوية نظرية حيث قام بتأصيل نشأتها في التاريخ والمجتمع واستعرض مختلف الجوانب التي تحف بها وتؤطرها. كما تناول عددا من المقاربات المدنية للمواطنة التي تأسست على روح التنوير الأوروبي في العصر الحديث. واعتبر في مداخلته أن المواطنة سلوك يومي يمارسه المواطنين الأحرار أو ما يطلق عليه صفة السلوك الديمقراطي. ويرى بأن المواطنة تتطلب التنشئة الاجتماعية والعائلية وتضافر جهود المجتمع المدني. أما السيّد عادل الحاج سالم عضو المكتب السياسي للوحدة الشعبية فيرى بأنّ المشكلة تكمن في التربية على الديمقراطية وأن الجمهوريات العربية لم تقطع مع الديكتاتوريات الغابرة في ممارساتها. إصلاح النصوص المنظمة للحياة العامة ويكشف بأنهم في الوحدة الشعبية تقدموا في وقت سابق بمبادرة لإصلاح النصوص المنظمة للحياة العامة مطالبين بحذف كل ما هو زجري في البلاد لكن لم تلق التفاعل المطلوب من الفاعلين السياسيين في البلاد الذين لم يلتقوا على الحد الأدنى لهذه المبادرة. ويرى بأنّ قانون الجمعيات في تونس يتطلّب مراجعة جذريّة لأنّ القانون الحالي أنتج مجتمعا مدنيا مُتورما ويعاني من التضييقات والحصار. ويضيف: بما أن الطرف المقابل في السلطة لا يتفاعل فلا بد من تقديم المقترحات وإبداعها. تغيير مفهوم العمل السياسي إلى ذلك، شدد النائب في البرلمان رضا بن حسين على وجوبية تغيير مفهوم العمل السياسي فالطبقة السياسية احتفظت لنفسها بالنخبوية في قطيعة مع الشعب مما عطل امتدادها اجتماعيا. و قد وضح في مداخلته على لزومية إيجاد مؤسسات عصرية ومتقدمة للأجيال القادمة وإلا سيبقى الشباب التونسي منعزلا عن السياسة والمواطنة. حالة من الرضا الديمقراطي وفي كلمته، طالب الباحث في الحضارة العربية سامي براهم بالتأسيس لمفهوم المفاوضة السياسية عند الفاعلين السياسيين في البلاد على أساس المساواة ودعا إلى نبذ الاحتراب والتفاضل في التعامل الداخلي بين مكونات المشهد السياسي العام. ويرى بأن الشعارات الخشبية على أننا نعيش في جنة أرضية أو الشعارات المعارضة التي تعد بالجنة الديمقراطية ليست من الواقع في شيء والمطلوب اليوم هو حالة من الرضا الديمقراطي تؤسس بالتوافق بين السلطة والمعارضة دون نفي طرف للآخر.