أبدى رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمّد القوماني استغرابه من هذا التقسيم للمشهد السياسي بين سلطة ومعارضة موضحا أنّ «الجميع يقول إنّنا في مرحلة تأسيسية، والتأسيس يقتضي مشاركة الجميع في هذه المرحلة الوجيزة، وهذه المشاركة يُفترض أن يكون الجميع فيها مسؤولين عن إنجاح المسار وبالتالي لا توجد سلطة ومعارضة».
وأضاف القوماني أنّ «السلطة الأصليّة العليا في هذه المرحلة هي المجلس الوطني التأسيسي وأنا أستغرب أنّ أطرافا في هذا المجلس تقول عن نفسها معارضة، فمن تعارض؟ لذلك قلنا منذ الانتخابات إنّ هذه المرحلة لا تتحمّل تقسيم المشهد إلى سلطة ومعارضة».
وتابع القوماني قوله إنّه «إلى حدّ الآن لم تُبد «الترويكا» الحاكمة قدرا كافيا من الجديّة والصيغ العملية في إشراك الطيف السياسي من خارجها سواء في تقلّد المسؤوليات أو في تقرير كثير من المسائل المصيرية المتعلقة بالشأن الداخلي والشأن الخارجي».
وأوضح القوماني أنّ «الائتلاف الحاكم يتصرف في كثير من الأحيان بمنطق الغلبة وبأن الانتخابات منحته تفويضا من الشعب ولا يتصرّف بمقتضى أنّ الديمقراطية تكليف وأن المرحلة التأسيسية تفرض عليه إشراك غيره في القرارات المصيرية».
وفي الجهة المقابلة اعتبر القوماني أنّ «الذين تسرّعوا في إعلان أنفسهم معارضة اختاروا مواجهة الترويكا وفرّطوا في دورهم في هذه المرحلة التأسيسية وأعطوا من حيث لم يعوا زمام المبادرة للترويكا، وإلى حدّ الآن يتصرّف الفريق الذي يرفع شعار المعارضة بتمشّ تحضر فيه المواجهة ولا تحضر فيه روح النقد والمشاركة البنّاءة».
وأكّد القوماني «نحن فعلا إزاء تجاذب حاد في المشهد السياسي سواء داخل المجلس التأسيسي أو خارجه وهذا التجاذب لا يعني التعدّد وهذا التجاذب تحوّل إلى نوع من الغطاء السياسي للعنف اللفظي والمادي بل إلى غطاء لتفشي الجريمة وتوفير مناخ ملائم لها، ونحن نلاحظ أنّه كلّما يحتدّ التجاذب داخل النخبة ترتفع مظاهر التوتر الاجتماعي».
وتابع القوماني قوله «إزاء هذا الوضع الخطير نرى أنه لا سبيل إلى إنجاح المسار الانتقالي وتكريس المشاركة إلّا عبر حوار سياسي يجمع كلّ المكونات والفاعلين السياسيين، وهنا أحمّل الحكومة مسؤولية التأخّر في إيجاد منابر دائمة للحوار السياسي وأنظر إلى أداء الحكومة في هذا الجانب على أنه مقصّر جدّا إن لم يكن مخفقا، كما أدعو جميع الفاعلين من خارج «الترويكا» إلى مراجعة أدائهم إلى حدّ الآن لأن الاكتفاء بالاحتجاج وتحميل المسؤولية في كلّ الصعوبات إلى الائتلاف الحاكم لم يعفهم من مسؤولياتهم ولم يساعد على إنجاح المرحلة التي يرتبط بها مصير كلّ التونسيين.