مختصة في الإعلام:" الإعلام مُطالب بإيجاد رأي عام يحترم البيئة ويضغط على أصحاب القرار لاعتماد خطط تنموية متكاملة " تونس- مدينة القالة ولاية الطارف الجزائريّة: كما ذكرنا ذلك خصّصت الجامعة الصيفية الأولى للصحافيين الجزائريين أشغالها لموضوع "الإعلام والبيئة" وذلك بالنظر إلى محورية هذه المسألة في عالم كثرت فيه التغيّرات المناخية وتسارعت فيه التحديات البيئية والطبيعية على أكثر من صعيد ممّا ألقى بظلال وتأثيرات سلبية على عدّة مناحي حياتية منها على وجه الخصوص تراجع وتذبذب الإنتاج النباتي والفلاحي وتهديد الاستقرار البشري. ومن ابرز ما شهدته ندوات الملتقى مداخلة للسيدة فاطمة الزهراء زرواطي المختصة في الإعلام والبيئة والتي جاءت تحت عنوان:"أهمية الإعلام في دعم قضايا البيئة" ، وترى الباحثة الجزائرية أنّ وسائل الإعلام تلعب دوراً هاماً في تنمية الوعي بقضايا البيئة ومشكلاتها، وتعميق شعور المواطن بواجباته ومسئولياته تجاه البيئة، ونشر مفاهيم التنمية المستدامة، خاصة بعد تزايد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على البيئة ومكوناتها وعناصرها، وتزايد حاجة المجتمعات إلى الأخبار البيئية ومعرفة تأثيرات الكوارث وحوادث التلوث البيئي والتغيرات المناخية على المجتمع .
وسائل إعلام ومقارنات وتقول السيدة فاطمة الزهراء أنّ الدراسات تشير إلى أن قنوات التليفزيون الأرضية والفضائية تلعب الدور الأول في توصيل المعلومات البيئية للمواطنين في دول العالم الثالث، حيث ترتفع نسبة الأمية، ثم الإذاعة، فالصحف والمجلات، وأخيراً شبكة الانترنيت. عكس الدول المتقدمة، التي تعتمد على الصحف والمجلات في المرتبة الأولى ، يليها التليفزيون، ثم شبكة الانترنيت ، إذ ساهم التليفزيون بدرجة كبيرة في مساعدة حكومات الدول الفقيرة على توعية المواطنين ومحو أميتهم البيئية، وتعريفهم بالسلوكيات البيئية والصحية السليمة، مثل عدم استخدام الترع والمصارف للشرب أو الاستحمام، وضرورة تطعيم أطفالهم ضد الأمراض الوبائية في المواعيد المحددة. وهي برامج اعتمدت في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة في السنوات ما بعد الاستقلال و هذا ما يؤكد الاهتمام بصحة المواطن و الحفاظ على بيئته سليمة . وتواصل المحاضرة:"وإذا كان الإعلام البيئي يستهدف بالأساس توعية الجماهير وأصحاب القرار بأهمية الحفاظ على البيئة الطبيعية وإدارة مواردها بتوازن، فإنّ تحقيق هذا الهدف، وخاصة في الدول النامية التي تتوقف فيه القرارات البيئية الهامة على الجهاز الحكومي، لا يمكن أن يتوقف فقط عند حث المواطنين على العمل الفردي لحماية البيئة، بل أن يتجاوز ذلك إلى إمدادهم بالمعرفة، والدافع لتشكيل رأي عام يحترم البيئة ويضغط على أصحاب القرار لاعتماد خطط تنمية متكاملة يعتمد عليها في تطبيق المشاريع التنموية ،و أيضا التوجه إلى المسئولين ومتخذي القرار، لمدهم بالمعلومات والآراء والتحليلات الدقيقة عن الأوضاع والخيارات البيئية المتاحة، وتوعية أصحاب المناصب العليا الإعلامية بأهمية الدور الذي يقومون به للحفاظ على البيئة والمساهمة في استمرارية التنمية المستدامة". أسس الإعلام البيئي وتطرقت المحاضرة بعد ذلك إلى مسألة الاهتمام بتوفير قواعد البيانات ومصادر المعلومات البيئية لوسائل الإعلام لتمكينها من المراقبة والنقد، وليس مجرد نقل الخبر، وإنشاء مراكز متخصصة لتزويد الإعلاميين بمعلومات موثقة ودائمة التحديث عن قضايا البيئة، وكذلك نشر وثائق عن شؤون البيئة تصلح مرجعاً للكتابة الصحافية. وترى السيدة فاطمة الزهراء أنّ الإعلام البيئي هو أحد أهم أدوات نشر وتعميم التنمية المستدامة القائمة على التناغم والترابط بين البيئة وسلامتها والتنمية الاجتماعية والاقتصادية، التي لا غنى عنها في كافة المشاريع والبرامج التنموية، ولكن الرسالة الإعلامية البيئية يمكن أن تأتي بمردود عكسي، أو تنحرف عن مسارها في حالة غياب الإعلاميين المتخصصين في مجال البيئة، أو عدم استهداف المصالح العليا في معالجة قضايا البيئة والتنمية المستدامة. مع ضرورة الاهتمام بالتخطيط المسبق للأهداف المرجوة من الطرح الإعلامي البيئي، بما يخدم مصالح الوطن ويبتعد عن الإثارة غير المبررة، والاهتمام بتحفيز المجتمع على جميع مستوياته على تحمل مسئوليته تجاه البيئة والحفاظ عليها من الاستنزاف، والقضاء على كل ما يتسبب في تلوثها أو يخل بمقوماتها الأساسية. مُخاطبة كلّ الناس وأضافت المحاضرة إن قضية الحفاظ على البيئة من التلوث يجب أن تلامس وتخاطب كل الناس الذين من الممكن أن يتنامى لديهم الوعي البيئي من خلال عدة وسائل وأساليب أهمها: · ضرورة تأسيس إعلام بيئي متخصص يستند إلى العلم والمعرفة والمعلومات، ويتطلب إيجاد المحرر الإعلامي المتخصص تخصصاً دقيقاً بالبيئة وجود مناهج دراسية للإعلام البيئي، سواء في الجامعات أم في دورات وورشات عمل ترعاها وزارة البيئة أو مجلس النواب أو منظمات المجتمع المدني، كما بالإمكان الإعلان عن جائزة سنوية للإعلاميين البيئيين عن أفضل أعمال في الإعلام المقروء والمسموع والمرئي لتشجيع الإعلاميين على الخوض في هذا المجال. · الإسهام الإعلامي في إيجاد وعي وطني بيئي يحدد السلوك ويتعامل مع البيئة في مختلف القطاعات. · تعاون مراكز المعلومات البيئية لتزويد وسائل الإعلام المختلفة بالمعلومات الضرورية، فضلا عن آخر الدراسات والنشاطات إلاقليمية والدولية والتعاون مع الجمعيات غير الحكومية ذات الصلة بالشأن البيئي ووضع خطة تعاون مشترك لمواكبة نشاطاتها خصوصاً تلك التي تتطلب حملات توعية للعمل الشعبي التطوعي والاهتمام بالبيئة المشيدة، كالآثار التاريخية والحضارية وغيرها مما ينبغي الحفاظ عليه في مجال التراث. · التعاون مع الجمعيات غير الحكومية ذات الصلة بالشأن البيئي ووضع خطة تعاون مشترك لمواكبة نشاطاتها خصوصاً تلك التي تتطلب حملات توعية للعمل الشعبي التطوعي والاهتمام بالبيئة المشيدة · أهمية تعزيز دور الإعلام البيئي ليكون مشاركاً على نحو فعال من خلال إجراء استبيان لرأي مختلف شرائح المجتمع المستهدفة بالبرامج الإعلامية البيئية. · وتمكين التواصل بين الإعلاميين البيئيين مع الخبراء والمختصين والمهتمين بالشأن البيئي من خلال شبكة وطنية بأسمائهم وعناوينهم والحصول على آرائهم بصدد المشاكل البيئية المطروحة ، وتشجيع إقامة أقسام خاصة للمكتبة البيئية في مختلف وسائل الإعلام تتوفر فيها المراجع والكتب البيئية والمعاجم والمصطلحات وغيرها. ومن خلال مجريات النقاش والحوار تمّ التأكيد على ضرورة أن تتمّ مراعاة المصالح الوطنية للدول وخاصة في ما يتعلّق بالمحافظة على المقدرات البيئية والطبيعية وحمايتها من كلّ أشكال الاستغلال العشوائي والضار ، وأن تكون التنمية متجانسة مع مجهودات المحافظة على البيئة عبر الاستثمار الأنجع والأمثل لما في الطبيعة من خيرات وثروة نباتية ومائية وحيوانية وغابية يُمكن أن تكون ملاذا لاستثمارات تنموية كبيرة مع التوقي من كلّ مظاهر التلوّث والإضرار بالتنوّع البيولوجي القائم والموارد البيئية النادرة والفريدة. الشروق- من مبعوثنا الخاص:خالد الحدّاد