التونسية عدّل كلّ التونسيون دون استثناء وعلى خلاف العادة عقارب ساعتهم على نفس التوقيت واختاروا طواعية ملعب رادس قبلة لهم حيث كبر الأمل وصار حلم المونديال أشبه بالحقيقة على مسافة تسعين دقيقة فقط لا غير من شواطئ البرازيل كيف لا والمنتخب التونسي يتصدّر ترتيب مجموعته ويلعب داخل قواعده ضدّ منتخب مغمور لم يبلغ بعد سنّ الرشد الكروي لكن جاءت الرياح بما لا تشتهيه قوارب معلول وتجرّع منتخبنا الوطني مرارة الفشل من جديد وانحنى ظهر معلول حتى كاد ينكسر ليصعد من فوقه رجال الرأس الأخضر تباعا وبكلّ تؤدة خطوة خطوة نحو المونديال... فضيحة دنّست قميص المنتخب وذلّت كبريائه كان فيها الخاسر الأكبر شعب متعطّش إلى جرعة إضافية من الأوكسجين ليستنشق من جديد طعم ولون الحياة... شعب يطارد فرحة عابرة تكون طوق نجاة وبارقة أمل في زمن النكسات... لكن وكأنّه كتب علينا أن نرابط تحت سقف الألم... على قارعة الفشل... أسفل الأمم حتى في كرة القدم فالمصائب لا تأتي فرادى... تونس توّدع إذا المونديال من ثقب إبرة والبرازيل اختارت أخيرا رجالها وفرسانها الأشاوس الكبار ليبقى الصغار فقط في أحضان أمّهاتهم بين أوطانهم بعيدا عن كتابة التاريخ وصناعة ملاحم البطولة... ستطوى الصفحة لزاما وسينفض الركب قريبا وسيتهاوى عشّ النسور ليرتطم بالقاع وينفرط عقد الخائنين المتلاعبين بحرمة الوطن وسيعود معلول إلى منبره والجريء إلى مخبره ويبقى وحده الألم شاهدا على مهزلة صادمة وجريمة نكراء حاكت فصولها جامعة عاجزة معلولة ومدرّب متطاوس قتله الغرور ظنّ نفسه يوما المهدي المنتظر... لكن يبقى السؤال قائما لماذا بلغنا هذه الحال بعد أنّ كان تجاوزنا من المحال...؟؟؟ بعيدا عن الأمور التكتيكية والجوانب الفنيّة ودون الخوض في كفاءة نبيل معلول وفي مسيرته التدريبية والأخطاء الكثيرة التي ارتكبها يمكن القول إنّ عدالة السماء أتت مفعولها في جسد المنتخب العليل وان قانون اللعبة انتصر أخيرا لسامي الطرابلسي الذي أعفي من مهامه وأجبر على الانسحاب بعد أن تكالبت الماكينة الإعلامية التي جنّدها البعض صباحا مساء على النهش في صورته والتقليل من كفاءته وهو الذي حقّق ما عجز عنه خلفه خيار الجريء رئيس الجامعة الذّي انساق وراء التجييش الإعلامي الكبير واستسلم طواعية لمنطق الولاء والانتماء فكان العنوان معلولا والنتيجة فشل بامتياز سيحفظه التاريخ لسنوات وسنوات... سامي الطرابلسي الذي أهدى لقب «الشان» إلى خزائن المنتخب الخاوية في وقت كانت فيه عجلة البلاد عاجزة على جميع المستويات وهو الذي أطاح بالرأس الأخضر الصاعد على أنقاضنا في عقر داره وهو الذي حققّ انتصارين في مباراتين في التصفيات الإفريقية المؤهلة إلى المونديال وكان سيّد مجموعته وهو الذي نال الفتات من المليمات قياسا بأسلافه وهو الذي تربّص بالمنتخب في قطر نزولا عند رغبة الوزير طرد من المنتخب لأنّه فشل في عبور الدور الأوّل في كأس الأمم الإفريقية الأخيرة ووجد في انتظاره في المطار فئة ضالة من الجماهير أتت خصّيصا لشتمه وهو ما لم يحصل سابقا في تاريخ الكرة التونسية والمنتخب رغم أنّ هناك مدرّبين نفخوا في صورتهم فجعلوهم كبارا عجزوا سابقا عن تحقيق ولو فوز وحيد في النهائيات الإفريقية... الكلّ كان يعي جيّدا أنّ الإطاحة بسامي الطرابلسي حينها مسألة وقت لا غير وان قرار الإقالة كان جاهزا في درج الجريء ولا ينتظر سوى الإشارة بل هناك من عنون في ذلك الوقت بأنّ «الحاج» سيدرّب المنتخب حتى لو عاد الطرابلسي بالتاج الإفريقي... والفرصة سنحت بتعثّر المنتخب في مشاركته القارية بعد أن تتالت سهام النقد لفلسفة الطرابلسي ولخياراته على أرضية الميدان فتشابكت خيوط المؤامرة وعلا صراخ الوطنية والنقد البناء عنان السماء فكانت الهدية على طبق من ذهب وصعد معلول إلى الواجهة ونال مراده بتواطئ مفضوح من الجامعة وزبانيتها من تجّار القلم... ما حصل في ملعب رادس ليلة السبت الداكن يقيم الدليل على الوهن الذي أصاب الكرة التونسية والخور الكبير الذي ينهش جسد المنتخب ويقيم الدليل مرّة أخرى على تواضع الزاد الفنيّ والمخزون الكروي لنسور فقدت أجنحتها منذ زمن وصارت عاجزة عن الإقلاع لكن كلّ هذا لا يحجب حقيقة أخرى ثابتة وهي أنّ جماعة الجريء يحصدون الآن ما زرعته ضمائرهم الآثمة ويجنون ثمار خياراتهم الخاطئة في حين يكتوي معلول بنيران تصريحاته وبنرجسيته الطاغية وبعدائه المفضوح وخيانته لمن صفّقوا له يوما وصنعوا منه رقما مهمّا ونجما على الدوام... حفروا ل»سامي» فحفرت لهم الأيّام وتلك الأيام نداولها بين الناس... سامي الطرابلسي فشل هو الآخر في تحقيق الهدف المنشود لكن فشله محمود فقانون الكرة يبيح الربح والخسارة بعيدا عن ممارسات القذارة في حين ستبقى لعنة الرأس الأخضر تطارد جامعة الجريء ومن والاها إلى يوم الدين...الكرة أظهرت اليوم أنّ منتخب الطرابلسي بكلّ عيوبه ومساوئه كان أفضل من منتخب معلول ولا يسعنا ختاما الاّ ان نقول من حفر جبّا لأخيه وقع فيه...